الاثنين، 18 نوفمبر 2019

أخلاق القرآن



أدب الخطاب مع الآخرين!
حاول أن لا تكون عنيفاوقت العاصفة، ردها برفق، لو تكرمت.



آية !

-- " قال أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم لئن لم تنته لأرجمنك واهجرني مليا ".
-- " قال سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا ".


الجواب :

القرآن كله، مسخر في تهذيب النفس البشرية، وتعليم أدب الخطاب مع الآخرين، ذلك لأن الذي خلق النفس البشرية يعلم بمواطن ضعفها، فالمرء قد يغضب،  والغضب نار  ، ودواء النار الماء، ماء الكلام.
وماء الكلام ألينه،  وأحسنه، وأطيبه، وأرحمه، فهذا إبراهيم عليه السلام يخاطب أبيه في محاولة منه لهدايته سبيل الحق،  من باب الرأفة والحرص والرحمة، فيرد عليه بما سلف من الغلظة والشدة،  والتهديد والوعيد.
فيرد عليه برفق في محاولة منه لأن يطفئ النار المتأججة في صدره بالغضب بحلو الكلام :" قال سلام عليك سأستغفر لك ربي.. " .
وذلك عملا بقوله تعالى :" إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربي... " .
فمن العدل أن يقول إبراهيم كلمة الحق :"  إذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى " .
ومن العدل أن ينصح إبراهيم أباه أولا،  من باب المعروف :" يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا " .
ذلك لأن الكلمة الطيبة ، مثل : الماء البارد على النار الحامية،  تطفئها،  فتسلم أنت حرها و أذاها،  وعليه شدد الله على الأخلاق.
ذلك لأنها المفتاح الذهبي الذي تفتح به القلوب،  قلوب البشر.
وإذا فتحت القلوب -- مالم يكن ثمة حائل بين المرء وقلبه -- ،  وجدت البشر كلهم لك آذان صاغية ، وقلوب منصتة ، فتلج كلماتك القلوب بلا استئذان،  وعليه :
حاول أن لا تكون عنيفا وقت العاصفة، ردها برفق، لو تكرمت.
فالرفق أولى من النزق والحمق خصوصا مع الأقربين،  ومن لهم حضور في الناس،  أو مكانة في المجتمع :" وقولا له قولا لينا " .
وكذلك هي الكلمة الطيبة مع المستضعفين :" فأما اليتيم فلا تقهر،  وأما السائل فلا تنهر " ، " قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حليم " .
فاعمل بقول الله :" ادفع بالتي هي أحسن  [ الكلمة الطيبة ] عسى الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم " ، على الوجه من القاعدة الطردية في سولكك وتعاملاتك وحياتك .
ومن الحزم عند اللزوم، أن تقول ماشئت مادمت على حق،  وفي حدود اللياقة فلكل مقام ، مقال :" فلما جاء سليمان قال أتمدونن بمال فما آتاني الله خير مما آتاكم بل أنتم بهديتكم تفرحون ارجع إليهم فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها ولنخرجنهم منها أذلة وهم صاغرون " .
قل الحق، مع الإغضاض من الصوت :" واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير " .
واعلم بأن :" الله لايحب الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم وكان الله سميعا عليما " .
 سميع بالجهر ،  وعليم بخائنة الأعين ( السر ) ،  وما تخفي الصدور .
فالكلام الجميل ليس بالضرورة أن يكون لغة صوتية، أو رسالة خطية،  قد تبتسم، أو تتخذ وضعية معينة بجسدك،  تعبر من خلالها على أنك لا تنوي شرا،  أو تنسحب دون ردة فعل مماثلة ، وقد لا يزيد كلامك عن قولهم :" سلاما " وفي ذلك فافهم، هدانا الله جميعا،  إلى الطيب من القول، وافهم، وقل رب زدني علما.



د. ع الكبسي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق