الخميس، 28 فبراير 2013

ريادات شعرية يمنية د.عبدالسلام الكبسي

د.عبدالسلام الكبسي


الريادة في الشعر اليمني المعاصر

ضمن تصنيف نقدي

 

1.    الريادة

1.1.        إعادة الإعتبار

2.1. ريادة الشعر الحر

لماذا يكتبُ الشعراء الشعر ؟ , ولماذا يتزاحمون على أن يكونوا سباقين في تجديده , ورواداً في استكشاف معابره الجديدة  ,و اكتشافه بتعريفه من خلال قصائد عظيمة ؟ ,  أتلبية لحاجة ما في النفس وحسب, في إشباعها كلذة آنية , منتظرة و مستقبلية(1) أم لرسالة هم معنيون بإيصالها , فنياً, للمتلقين على حد البنيويين ؟(2), وعليه فإن تحقق ذلك لا يتم , دائماً , إلا بخوض الشعراء أنفسهم  لتجارب إنسانية واقعية ووجودية في الزمان والمكان الإنساني اللغوي الإسلوبي ,هي في الأصل مغامرة رائدة  في سبيل خلود إبداعي فريد . و لأن المغامرة / الريادة تمثل بداهةً , حقوقاً إنسانية وتاريخية وإبداعية , قبل أن تعني شيئاً آخر غير ذلك , يحرص المبدعون , ومنهم الشعراء , على أن ينالوها إزاء ما يقدمونه من تجارب منجزة , عملت على إحداث تحولات , في صيرورة الإبداع الإنساني من أجل الإنسانية , علاوةً على دورها , في نيل الأمجاد والخلود .

وبغير نيلها والتمتع فرحاً بما تحققه للشاعر من مجد شخصي وشهرة مستمرة , لا يتحصل للشاعر اطمئنانه إزاء قلق الوجود من " قلق التأثر " ك " صدى لموسيقى شخص آخر "حسب هارولد بلوم (3),وما يمكن أن يدفع بالشاعر في بحر من دوائر الإحباط والألم العميق بسبب عدد من الممارسات التي كان قد سماها الدكتور محمد بنيس أثناء تحليله الشعر العربي المعاصر من خلال بنياته وإبدالاتها , بالنسيان او ممارسة الحجاب.(4)

ومن أجل ذلك كان لزاماً على النقاد الموضوعيين عبر المنهج باعتباره فاصلاً بين الأهواء والحقائق , أن يعملوا على"  إعادة إعتبار مذهلة " , بإعادة التصنيف – على حد روبير إسكاربيت , لمن شملهم النسيان من الشعراء العرب الرواد , ولو بعد حين .(5)

 في دراسة عباس محمود العقاد : " ابن الرومي حياته في شعره " (6) شاهدٌ بحثي نقدي قوي , ضمن هذا السياق , وفي " تجديد ذكرى أبي العلاء لطه حسين , سنة 1914 " (7) , وعبدالمجيد زراقط مع الكميت بن زيد الأسدي (8) واحمد بن محمد الشامي إزاء الشاعرالحسن بن جابر الهبل (9), وعبدالعزيز المقالح بالنسبة لعلي احمد باكثير (10) وغيرهم , على سبيل التمثيل , إذ مايزال الكثيرون, ممن لم ينالوا حقوقهم في التقدمة والريادة كشعراء مهمين , إن لم يكونوا ضمن لائحة الرواد , وينتظرون هنا , و هناك , حتى يأت نقاد جدد ٌجديرون بقراءة تجاربهم الشعرية على وجه بحثي علمي.

ومن هنا , نفهم لماذا في عام 1962 أصدرت الشاعرة نازك الملائكة كتابها : " قضايا الشعر المعاصر " في طبعته الأولى , ولماذا بعد مرور اثنتي عشرة سنة تصدر الطبعة الرابعة منه , عبر مقدمة مطولة شخصت فيها موقفها من الشعر الحر تشخيصاً جديداً من خلال استقرائها للشعر الحر , في التراث العربي من خلال " البند " , معيدة الاعتبار إليه وإلى شعرائه ,و موضحة أنها لم تكن واقعة تحت تأثير من البند أثناء كتابتها لقصيدتها " الكوليرا " سنة 1947 , وأنها لم تكن تعلم في كتابها نفسه سنة 1962 الذي حكمت فيه أن الشعر الحر قد طلع من العراق , ومنه زحف الى أقطار الوطن العربي , أن هناك شعراً حراً قد نظم في العالم العربي قبل 1947 سنة نظمها ل" الكوليرا " , وأنها " إنما اندفعت إلى التجديد بتأثير معرفتها بالعروض العربي و قرائتها للشعر الإنجليزي ".(11)

ونازك , بذلك تشير إلى : " علي احمد باكثير و محمد فريد أبو حديد ومحمود حسن اسماعيل وعرار شاعر الأردن ولويس عوض وغيرهم"  .(12)

ومن هنا أيضاً , نفهم لماذا في سنة 1967 سيقول, الشاعر علي احمد باكثير معقباً في مقدمته لمسرحيته الشعرية " أخناتون و نفرتيتي " التي كانت قد صدرت في 1940 في طبعتها الأولى , أنها " تمثل نقطة انقلاب في تاريخ الشعر العربي الحديث كله . فقد قدر لها ]والكلام ما زال لـ باكثير[  أن تكون التجربة الأم فيما يشاع اليوم تسميته بالشعر الحر أو الشعر التفعيلي وأسميته أنا قديماً الشعر المرسل المنطلق . تجربة انطلقت في نيل الروضة على ضفاف النيل بالقاهرة ثم ظهر صداها أول ما ظهر في العراق لدى الشاعرين المجددين الكبيرين بدر شاكر السياب ونازك الملائكة]توفيت في يونيو2007 [ بعد انطلاقها بعشرة أعوام ,ثم ما لبث أن شاع هذا الشعر الجديد في العالم العربي كله.(13)

وما تلا ذلك ,من الدعاوى بالريادة , ضمن هذا السياق, في العالم العربي ,بما فيه اليمن .

2.منهجية البحث

1.2. التصنيف بهدف إعادة الإعتبار

ورقتنا هذه البحثية النقدية الوصفية المعيارية المطولة ,لا ترمي إلى إستكناه أسرار الريادة  الشعرية عبر تجارب شعرية استثنائية ,مازال الدرس النقدي الأكاديمي يقف أمامها طويلاً , ليتأملها,بآستقراء من يريد أن يستخرج قوانين جديدة في الشعر, إذ لا مجال هنا,لذلك , بل إلى تصنيفها , بهدف إعادة الاعتبار بإعادة النظر بالجديد من النتائج , فيما هو منجز فعلاً ,لا فيما لم يحدث , فقد ذهب بعض النقاد لأسباب واضحة إلى إصدار أحكام بالإرتداد مثلاً ,عن طريق التقليل من شأن القصيدة , وماشابه , بغرض التقليل من شأن الشعراء وإقصائهم من الريادة .  ذلك ماحدث للشاعرة نازك الملائكة , ومن نازك الملائكة نفسها , كما سلف , في المركز الشعري ( مصر وبيروت ) , وما سيحدث لأحمد الشامي مثلاً, في اليمن , كمحيط شعري ,بما يعنيه ,من تجاوب , ضمن حركة من التأثير والتأثر .هذا الاخير يدخل ضمن مجال ورقتنا النقدية المطولة أيضاً , والتي نتغيا لها ان تكون نواة لدراسة أكاديمية منتظرة لباحث قادم .                   

فما معنى أن تكون شاعراً رائداً ؟ وهل الريادة الشعرية قيمة تاريخية فحسب ,أم إنها قيمة إبداعية , كتجربة ناجزة ؟

 

 

 

 

 

3. تعريف الريادة

1.3.  تجربة معرفية شخصية

2.3. إضافة نوعية معترف بها

بالعودة إلى الصحاح للجوهري ,نقرأ : " الرائد هو " الذي يرسل في طلب الكلأ  , يقال : لا يكذب الرائد أهله ". (14)

والواضح – من خلال الصحاح  - أن الريادة تجربة معرفية شخصية سابقة على المجموع , مجموع الأفراد , وموثوقة لمصداقيتها, وتتأتى بالإستكشاف والسبر .

وهو تعريف يتسع ,  لمحدوديته , بالآراء التالية للنقاد العرب القدامى و المعاصرين , الذين كانوا قد عرفوه أثناء تناولهم الريادة الإبداعية بالإشتغال على تجارب شعرية لافتة بعينها , أو من خلال رؤيتهم إليها بصفة عامة , في العلم والأدب  والفن , أمثال الدكتور محمد حسيب حبيب الذي بتعريفه للرائد المبدع ,من أنه : "  ذلك الشخص الذي يتصدر طليعة أقرانه من جيله ومن تخصصه الإبداعي أو العلمي ذاته والذي يكون بنتاجه المبتكر ذاك قد أضاف لمسة أو صبغة فنية جديدة على السائد والمألوف لنتاج أقرانه ذاك مع شريطة أن تكون لمسته أو صبغته الفنية أو الإبداعية ممزوجة بالطليعية ويصبح لها أثرها على أقرانه وعلى الأجيال التي تعقبه زمنيا متخذين من إضافته تلك مناراً ومثلاً وقدوةً كونها ارتبطت بالتأسيس الأول الذي يجنح في فضاء المفهوم العلمي للريادة. فضلاً عن أن الرائد هو ذلك الذي أحدث نقلة نوعية في مجال تخصصه يعترف بها أصحاب الإختصاص ذاته شريطة أن تكون اعترافاتهم تلك مصدر ثقة موضوعية علمية بعيدة عن المحاباة المؤقتة والمرتبطة بمصالح شخصية وأحيانا تحمل أهدافاً خارجة عن الموضوعية والثقة المرتجاة من أصحاب الرأي والمشورة من الذين يشار لنتاجهم وموضوعيتهم عبر تاريخ إبداعي معطاء ليس بالقصير ". (15)                                   

4.3. تجريب و هوية مستقلة

وعلى صعيد تطبيقي , ترى الدكتورة سلمى الخضراء الجيوسي في دراستها للشعر الحديث,أن الريادة في التجريب مع توفر الهوية الشعرية للشاعر أو العمل الشعري , بإدخال تعديلات فنية رئيسة ملموسة , كاستعمال الأساطير , ومختلف أنواع الأمثال و الإشارات بأصالة . وذلك في سياق حديثها عن الفترة الحداثية 1948 – 1960 , بتعريفها للرواد ك" مجموعة من الشعراء الرفيعي الموهبة الذين اتسموا بالإستعداد الفطري والشجاعة , حين ظهروا في الخمسينيات في عدد من الدول العربية يثيرون الزوابع في كل الإتجاهات ويضعون أدواتهم الشعرية قيد التجريب بنشاط وحماسة محاولين في الوقت نفسه , أن يجدوا هوياتهم الشعرية . لقد كانوا قادرين على إدخال تغييرات رئيسة ملموسة .غير أنه أدخلت في ذلك السياق بعض أنواع الغموض , أحياناً بنوع من الإنبهار الساذج . وفي السياق نفسه أخذت الأساطير من الفينيقيين والإغريق , والنماذج العليا من التاريخ , خاصة التاريخ العربي , والموروث الشعبي , بالإضافة الى استكشاف مختلف أنواع الإشارات والأمثال , وتم تناول ذلك بقدر لافت من الجدية والإبداع  ".(16)

3.3. مفهوم جديد للشعر

الدكتور فاتح علاق يرى أن الريادة,كما إنها أول في الإبتداء , هي التقدم بمفهوم جديد للشعر, وذلك في كتابه : " مفهوم الشعر عند رواد الشعر العربي الحر " باعتبارهم هم أول من شق طريق الشعر الحر , ولهم القدرة على تحديد مفهوم جديد للشعر له القدرة على إثارة الأسئلة والإجابة عليها في آن .(17)

والذي سيقرر في السياق التطبيقي من الكتاب نفسه أن " رواد الشعر العربي الحر الذي اتفق النقاد على ريادتهم تاريخياً , هم ممن بدأوا الكتابة في هذا النوع من الشعر بدايةً من نهاية الأربعينيات الى نهاية الخمسينيات , أي عقد من الزمن . أمثال :

 نازك الملائكة التي ستنشرديوانها ( شظايا رماد ) سنة 1949 , والسياب ( أساطير) سنة 1950 , وبلند الحيدري ( أغاني المدينة الميتة ) في سنة 1951 , ونشر البياتي ديوانه ( أباريق مهشمة ) سنة 1955 , وصلاح عبدالصبور ( الناس في بلادي ) سنة 1956 , ونشر خليل حاوي ديوانه ( نهر الرماد ) سنة 1957 . وقد نشر يوسف الخال ( البئر المهجورة ) سنة 1958 , وأدونيس ( أوراق في الريح ) في السنة نفسها , وكذلك احمد عبدالمعطي حجازي ( مدينة بلا قلب ).(18)

معللاً إستبعاد من جاء بعد ذلك,مثل : " سعيد يوسف لأنه جاء بعد ذلك , و كان حلقة وسطى بين الجيل الأول والجيل الثاني ".(19)

ومستبعداً "  نزارقباني و الفيتوري عن الريادة لأنهما بدأ كتابة الشعر الحر مع الجيل الثاني . وقد أبعدنا من الريادة احمد زكي أبوشادي لأنه يختلف في فهمه الشعر الحر عن نازك إذ يفهم الحرية مزجاً بين البحور . على أننا أشرنا الى أن احمد علي باكثير قد سبق نازك الى الشعر الحر , وقد اهتدى الى هذا النوع عن طريق الترجمة أولاً , لكنه لا يملك إسهاماً في مفهوم الشعر الا ما ورد عن هذه الطريقة الشعرية في مقدمتي روميو و جولييت و أخناتون ونفرتيتي .(20)

5.3. قيمة تاريخية و انجاز شعري .

1.5.3. إحياء الشعر – البارودي

2.5.3. إنجاز الشعر – احمد شوقي

         

لا يختلف الدكتور عز الدين اسماعيل في دراسته النقدية التصنيفية , عن سائر النقاد الذين كانوا قد رأوا أن الريادة لا تكفي أن تكون قيمة تاريخية فحسب على أهميتها كفعل بدئي يمهد لفعل إبداعي منجز سيأتي لاحقاً ,على النحو الذي عبر عنه باوند ب" المبتكرون وهم الناس الذين عثروا على طرائق جديدة، أو الذين يمثل عملهم أول نموذج معروف لطريقة جديدة. " , أثناء بحثه  في الأدب عن العناصر الخالصة ".(21)

عبر رؤيته الى مصر كمركز ثقافي  تحققت له عناصره في :

" حرية التعبير ’ والصحافة والنشر والتوزيع , وسؤال التقدم المعرفي وجوابه " . (22)

من خلال مااجتمع له مما أسماها " بالخصائص الفارقة عبر بروز الشعور الوطني واستشعار المسؤولية إزاء تحقيق نهضة جديدة للمجتمع , وإدراك مالدى الآخر من وسائل القوة والسعي لتحصيلها , والتأرجح بين الموروث القديم والوافد الجديد " (23)

  فقد أكدت دراسته التصنيفه للريادات كقيمة تاريخية مع البارودي" الذي احتل مكانة خاصة في حياة الشعر الحديث; فإليه يعزى ما يسمى بالنهضة الشعرية "(24)

, " لأنه لم يقدم جديداً في عالم الشعر "(25), وإن " كان جديداً بالقياس إلى من سبقوه وإلى كثير ممن عاصروه. ذلك بأنه نجح في أن يعيد إلى الشعر روح الشعر القديم التي كان قد فقدها إبان عصور الإجداب الشعري, وكأنه بذلك يربط التجربة الشعرية الحديثة بآخر ما انتهت إليه في عصور ازدهارها القديمة, متخطياً بذلك حقبة العصور الوسطى ". (26)

( ...)" وقد مهد بذلك لأحمد شوقي  كشاعر " أنجز أعظم إنجاز شعري في العصر الحديث منذ أواخر القرن التاسع عشر حتى وفاته في عام 1932  ,(27) ,

حيثُ " لم يقتصر على إنشاء القصائد الشعرية, كما هو الشأن لدى البارودي, بل انفتح نشاطه على أنواع وأشكال أدبية أخرى ربما كان أهمها المسرح الشعري, الذي استطاع فيه أن يطوع القالب الشعري المألوف في عالم القصيدة لمقتضيات الدراما المسرحية.علاوة على قيم جمالية خاصة ظلت " تنبض بروح العصر ومنطقه, وتتعلق بمشكلاته وقضاياه الجماعية ". (28)

واتسعت,باتساع نطاق تجربته الشعرية  " لكي تغطي على المستوى الرأسي كل هموم الواقع المصري في زمنه, وعلى المستوى الأفقي قضايا العالم على المستوى العربي والإسلامي والإنساني العام. وبعبارة أخرى تحركت تجربة شوقي الشعرية على أرض الوطنية المصرية في المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتربوية والفنية, وعلى أرض القومية العربية من جهة, والرابطة الإسلامية من جهة أخرى, وأخيراً على أرض الوجود الإنساني الذي يجاوز حدود البيئة المعينة, واللغة, والعقيدة  " . (29)

3.5.3. الرومانسية

4.5.3. مفهوم جديد للشعر - خليل مطران .

5.5.3. وعي جديد للشعر – الديوان

وبخصوص الرومانسية العربية , يواصل الدكتور عزالدين اسماعيل رصده للريادة كإنجاز من خلال ابتداع تصور جديد للشعر عند مطران  أو خلق وعي جديد بالشعر كماهو متوفر لدى الديوان / العقاد والمازني وشكري ,علاوة على مارافق ذلك من طروحات نقدية .(30)

خصوصاً وقد  تهيأت الظروف " لمطران لكي يقدم تجربته الشعرية الخاصة, فجاءت مخالفة لما هو معهود, صادمة لذوي الأذواق العتيقة. لذلك وصف هؤلاء الجامدون المتعنتون شعر مطران ـ قاصدين السخرية منه ـ بأنه شعر (عصري). وقد رد عليهم مطران بقوله:

      (نعم, هذا شعر عصري, وفخره أنه عصري, وله على سابق الشعر مزية زمانه على سالف الدهر.

      هذا شعر ليس ناظمه بعبده, ولا تحمله ضرورات الوزن أو القافية على غير قصده. يقال فيه المعنى الصحيح باللفظ الفصيح, ولا ينظر قائله إلى جمال البيت المفرد ولو أنكر جاره وشاتم أخاه, ودابر المطلع, وقاطع المقطع, وخالف الختام, بل ينظر إلى جمال البيت في ذاته وفي موضعه, وإلى جملة القصيدة في تركيبها وفي ترتيبها, وفي تناسق معانيها وتوافقها, مع ندور التصور, وغرابة الموضوع, ومطابقة كل ذلك للحقيقة, وشفوفه عن الشعور الحر, وتحري دقة الوصف, واستيفائه فيه على قدر).

      وفـــي هـــذه الفــقـــرة يطــــرح مطـــران مفهـــومه للشعر وتصوراته الجديدة التي ينقض بها ما سيطر على مضى الزمن من تصورات عاقت حركة الشعر وتطوره. وربما كان الجديد في هذا الطرح يتمثل في تلك الرغبة في الانتقال من جماليات البيت المفرد إلى جماليات القصيدة بوصفها كلا متآلفاً شكلاً وموضوعاً, ثم التركيز على عنصر الخيال وندرته, وعلى حرية الشعور التي لا إبداع بدونها. ولا شك في أن هذه التصورات تمثل طفرة في مفهوم الشعر إذا قيست بما قاله البارودي في مقدمته لديوانه, أو غيره من الشعراء مثل شوقي وحافظ.

      والواقع أن مطران قد أضاف بشعره في مصر إلى الشعر العربي بعامة آفاقاً جديدة تحسب له في مجال تطور هذا الشعر في العصر الحديث, بل ربما قيل إنه هو الذي فتح بحق باب الشعر المحتفي بالتجارب الذاتية الوجدانية, الذي استفاض بعد ذلك في الثلاثينيات والأربعينيات من هذا القرن, لا في مصر فحسب, بل في معظم أرجاء الوطن العربي; وهو الشعر الذي عرف باسم التيار (الرومنسي). (31)

إضافة إلى ماكان قد أحدثه العقاد والمازني و شكري , في الديوان, من " وعي جديد بالشعر, بما برز في شعرهم ـ فضلاً عن أفكارهم النظرية ـ من قيم كان الشعر الرومنسي العالمي قد رسخها في ضمائرهم. وإذا كان عنصر التقليد على مستوى الأداء قد ظل مهيمناً في كثير من أشعارهم فإنهم نجحوا مع ذلك, ومع استمرار التجربة, في أن يحدثوا جديداً في شكل القصيدة وفي صياغتها ومعجمها, يأتلف مع توجهاتهم الرومنسية على مستوى المضمون, ويعكس مستوى من الحساسية لم يكن مألوفاً من قبل ".(32)

 6.5.3. جبران لا مطران

الدكتورة سلمى الخضراء الجيوسي ترى  أن الريادة سلسلة من الإنجازات تتحقق بمدى صداها وتأثيرها في المشهد الشعري الأدبي الإبداعي إضافة إلى السبق كأول  , وذلك أثناء تقديمها الأدب المهجري في أمريكا " على أنه كان إنجازاً طليعياً ( ... ), فبعض إنتاجه الشعري والنقدي استطاع أن يتغلغل إلى صلب النشاط الشعري والنقدي في العالم العربي ويُحدِث فيه تغييراً دائماً " .(33)

ويكون حسب الدكتورة نفسها ,جبران خليل جبران, لا خليل مطران,هو " الرومانسي الحقيقي الأول في الأدب العربي الحديث الذي أرسى قواعد الرومانسية كاملة في كتاباته: الرؤيا النبوئية. العاطفة الغنية, النغم الحالم, الخيال المحلق, الحديث بلغة القلب والروح ".(34)

وهي بذلك ,تخالف عزالدين اسماعيل,فيما ذهب إليه بترجيح الريادة لخليل مطران فيما سبق , وبين إنتاج جبران و مطران يرى أن من يقدم هذا الأخيركمؤسس للرومانسية في الشعر العربي على جبران محض دعوى واسعة " فالحقيقة هي أن مطران لم يكتب أكثر من قصائد معدودة, ضمن شعره الكثير, ذات اتجاه رومانسي, أهمها كان قصيدة (المساء).و لعل مطران قد أرهص للرومانسية في بعض إنتاجه إلا أن هذا الإنتاج لم يكن قط قادراً على إطلاق التيار الرومانسي, وبقيت هذه الريادة من نصيب جبران ".(35) ," أول الرومانسيين العرب المهمين " ( 36 ) , بل " والمسؤول الأول عن إطلاق تيار الرومانسية في الأدب العربي" .(37)

لانوافق سلمى الجيوسي على ذلك , التي , ربما , رأت إلى المسألة على وجه عمومي , فقدمت جبران على مطران , مادمنا بصدد الشعر الذي مثله خليل مطران بوعي مفهومي كبير, علاوةً على االإنجاز , إنجازه الشعري عند التطبيق .

4. تجربة منجزة

1.4. الشعر الحر – نازك الملائكة

 علي جعفر العلاق , يرى أن الريادة ليست تغييرا في عنصر واحد أو اثنين من القصيدة كتجربة شعرية  بل في التجربة المنجزة برمتها , قاصداً بذلك حركة الشعر الحر, بما أسماها بالإندفاعة  العروضية التي  " شكلت, لاحقاً, تحولاً هاماً صوب أفق من التغيرات الشعرية المتلاحمة ". على يد " نــازك الملائكة, التـي شاركـت السيـاب تلــك المغامــرة الشعريــة الشاقة " , (...)ورغم مادار من جدل طويل, بين النقاد, لتحديد أي من الشاعرين كان رائداً في هذه الكتابة الجديدة, فإن الأسبقية في حد ذاتها لاتعني شيئاً خطيراً في الحداثة الشعرية, إن فتوحات شاعر ما لاتكمن في الأسبقية بمعناها التاريخي, بل تتجسد في (ذلك الكسر اللاحق الذي يحدثه في سياق الأعراف الشعرية). إن القصيدتين اللتين كانتا موضع ذلك الجدل, (هل كان حباً) للسياب و(الكوليرا) لنازك الملائكة لم تكونا, في حقيقتهما, إلا خلخلة عابرة للبنية العروضية السائدة آنذاك".(38)

      غير ذلك , بشأن الشعرالحر ,يقول الدكتور العلاق : فقد " احتلّت وحدة القصيدة (مقدمة التجديد الحداثي) الذي حققه هؤلاءالشعراء " (39)

      وعلى صعيد النقد والتنظير, فإن " نازك الملائكة قدمت نماذج مبكرة وشديدة الإحكام للقصيدة الحرة, إلا أن جهدها النقدي كان يمثل أرجحية واضحة على ماكتبته من شعر. إن مقدمتها الجريئة لمجموعتها الشعرية (شظايا ورماد) ثم كتابها (قضايا الشعر المعاصر) شكّلا السياج النقدي للقصيدة الحديثة في خطواتها الأولى, لقد كان إدراكها النقدي مبكراً وعميقاً, وقد استطاعت أن تقدم لحركة القصيدة العربية وعياً شعرياً كان الشاعر العربي في أمس الحاجة إليه. كانت جهودها النقدية تشكل متابعة دائبة للنشاط الشعري من جهة, ومحاولة لبلورة نظرية شعرية جديدة من جهة أخرى.

      لقد حللت دواعي حركة الشعر الحر وبواعثها المختلفة, وحاولت أن تؤصل للكثير من ظواهرها الفنية واللغوية, إضافة إلى ذلك تعرضت إلى أنماط البناء في القصيدة الحرة, ونبهت إلى ماتراه مزالق في كتابة هذا النمط الشعري الجديد, ولم تخف هذه الشاعرة والناقدة الكبيرة, مخاوفها من أفق مغلق قد تصل إليه القصيدة الحديثة ذات يوم.(40)

2.1.4. نزار قباني ولغة الشعر

3.1.4. أدونيس بإتجاه قطيعة في مفهوم الشعر

الدكتور نعيم اليافي يرى أن نزار قباني هو أول شاعر مجدد , أحدث في حركة الشعر العربي انعطافاً هاماً لا حدود له , ولم يكن لهذا الإنعطاف أن يصيب مفهوم القصيدة فحسب كما كان الحال لدى المدرسة الرومانسية , بل امتد ليشمل لغة القصيدة أو شكلها, الدال والمدلول معاً " ,(41)

لكنه ,يختزل الريادة في أدونيس على صعيد النقد والتنظير والشعر, باعتباره " ظاهرة شعرية وإشكالية معاً "(42)

فهو " أول شاعر يُعنى بالحداثة, يؤصّلها ويدعو إليها, ويفرد لها مفهوماً ومصطلحاً ورؤية لأكثر من كتاب(...) وفي ميدان  الشعرأدخل تحوّلات كثيرة وتطوّرات في البنية ولغة الخطاب, نؤكدّ منها هنا أسلوب الثنويات اللغوية التي تعدّ أثراً من آثار جدل المتناقضات (..) لقد طور أدونيس أدواته الشعرية وطرائقه التعبيرية, انتقل من القصيدة العمودية والرومانسية إلى قصيدة الشعر الحر, فالقصيدة النثرية, فنص الكتابة الأدبي, وكان في كل ذلك ظاهرة وأستاذاً ترك آثاراً باقيات لمدرسة يتوزّع مريدوها على ساحة الوطن العربي الكبير, وككل معلم عظيم, يكتب ما يكتب على السبورة من مقالات ومواقف وقضايا ثم يمحوها بتجاوزها إلى سواها بدافع التطور والتغير مبدأه القويم, ويأتي الأتباع من بعده يقرأونها ويناقشونها, يسهرون حولها, يختلفون ويتأثّرون وقد يقتتلون.(43)

5. الريادة اختلاف

 الدكتور عبدالسلام الكبسي مفيداً من طروحات وأحكام نقدية قديمة و معاصرة , يرى , في تصنيفه النقدي , أن الريادة سبق و اختلاف , من خلال اربعة شعراء , وهم :

       امرؤ القيس – كأول من أحدث قطيعة مع السائد في تاريخ الشعرية العربية,

          " في طرقه المغاير للمألوف، في الكثير من المعاني، بالكثير من المغاير للمألوف من التعابير، فمنها: استيقافه الصحب، والبكاء في أطلال الديار، ومنها: رقة الغزل، ولطف النسيب، والفصل بينهما وبين المعنى المراد، ومنها: قرب المأخذ، وتشبيه النساء بالظباء، وبالبيض، وتشبيه الخيل بالعقبان، وبالعصي، وجعلها قيد الأوابد، إلى غير ذلك مما طرقه من الأغراض، وما ابتدعه من المعاني ".ثم الكميت بن زيد الأسدي , في العصر الأموي , كقطيعة إيديولوجية وفنية , فأبي تمام كقطيعة معرفية (796-843) لأنه، كما يقول محمد مندور نفسه في موضع آخر -وهو الأصح- "الذي قد هز العقول في عصره، وأثار من حوله ضجة كبيرة، إذ خرج على مألوف العرب في الصياغة وفي التماس المعاني التي تعبر عما يريد قوله" بلغة شعرية بعيدة "من معطيات الحواس المباشرة","في عالم المجردات". يقول الصولي "وليس أحد من الشعراء - أعزك الله - يعمل المعاني ويخترعها ويتكئ على نفسه فيها أكثر من أبي تمام، ومتى أخذ معنى زاد عليه ووشحه ببديعه وأتم معناه فكان أحق به". وبأدونيس نستطيع القول أنه الشاعر الرابع -بعد أبي تمام تحديدا- الذي تحققت على يديه، القطيعة الرابعة، وذلك من خلال إنجازاته النقدية والتنظيرية والشعرية.(44)

6. معيار نقدي

وقد تعمدنا إثبات مجموع الآراء السابقة للنقاد كما هي , هنا , بما فيها من استرسال وتفريعات , وأحكام وإشارات دون التعليق على بعضها لندلل ,بالإضافة الى تعاريفهم للريادة في المصطلح والمفهوم ,على أهم ماتميزت به كل مرحلة , من المراحل الأهم الثلاث :" التقليدية " , و " الرومانسية " , و " الحداثية " , التي مرت بها القصيدة الشعرية العربية المعاصرة , علاوةً على الصراع , صراع الأفكار الذي دار في المركز الشعري( القاهرة و لبنان ) , باعتبارذلك من شؤون المركز كمؤثر , لا المحيط الشعري الذي كان ينفعل معرفياً مع كل إبداع مركزي جديد ضمن واقع من التأثر وحسب . فالقصيدة التقليدية كمرحلة أولى ,تقدمت من خلال إحيائها الشعر القديم بالمعارضات بالمسرح كجديد , والذاتيات , والإجتماعيات , والقوميات , والوطنيات وغيره.

ومن خلال الرومانسيين العرب كمرحلة ثانية تحقق للقصيدة الشعرية العربية بالتركيز على عنصر الخيال أولاً بتجارب ذاتية وجدانية, وحدتها الموضوعية , لا العضوية , وإن نادوا بها إلا أنها لم تتحقق لظروف بناء القصيدة العمودية حتى جاء الشعر الحر كمرحلة ثالثة , آختراقاً للعروض الشعري كحاجز , فالشعر الحر ظاهرة عروضية , والإقتراب بلغة الواقع من الواقع نفسه. ذلك أهم مايمكن أن يكون فارقاً حقيقياً ومفصلياً بين ثلاث مدارس شعرية مركزية ريادية كان لها أثرها في محيطها ,واليمن ضمن هذا المحيط , وله دعاوى بالريادة ,في إطاره المشهدي اليمني سنتعرف إليه من خلال رواده ضمن معيار تصنيفي نقدي , هو خلاصة مجموع آراء الدارسين من النقاد العرب ممن سبق , ضمن معيار يقوم على مبدأ السبق بالإشتهار تاريخياً , فالتأثير في  المشهد الشعري اليمني فقط .     

ونحن بهذا المعيار لانعزل التجربة الشعرية اليمنية المهجرية بقدر ما نمنحها حقها ضمن إطارها العربي الذي تكونت فيه ,ونتجت عنه , مهما كان مستواها إزاء تجارب الشعراء العرب الرواد في القاهرة وبيروت ,كمركز شعري بامتياز.

 

7. المشهد الشعري اليمني

1.7. إحيائية يمنية قديمة ( ابن هتيمل و الهبل ).

لكن ,الذي ينبغي الإشارة إليه قبل الدخول في موضوع الريادات اليمنية المعاصرة أن ثمة حركة إحيائية قديمة للشعر العربي كان النقاد اليمنيون قد أشاروا , ونحن سنكتفي بالإشارة إليها , كدلالة , وهذا رأيي , على نسبية المركز الشعري بخضوعه لإبدالات التاريخ على حد محمد بنيس (45)

هذه الحركة كانت من اليمن , وفي اليمن من خلال الشاعر القاسم ابن هتيمل في القرن السابع للهجرة,الذي تمثل تجربته الشعرية  ريادةً، فـ" هو الذي صان لغة الشعر في اليمن من الإرتكاس في الصناعات اللفظية ثلاثة قرون. وما إن خيم القرن العاشر حتى بدأ شعراؤها يتورطون فيما تورط فيه شعراء الشام ومصر والعراق، ويسرفون في المحسنات البديعية ، والأحاجي ، والتواري، والألغاز .." ، حسب أحمد بن محمد الشامي في مقدمته لديوان الهبل .(46)

 يقول عبدالله البردوني ، في رحلة في الشعر اليمني ، أن ابن هتيمل كان استثناءً ، فقد تشابه الشعر والشعراء ، كما يتشابه الماء والماء، إذْ كانوا كلهم تكراراً غير متجدد للشعراء السابقين أمثال : عبد يغوث الحارثي، والشاعرة المرهبية ، ووضاح اليمن ، ويزيد بن المفرغ وغيرهم ، وأنَّ ابن هتيمل الشاعر الغنائي الذي يشبه البحتري ، له قصائد ما تزال تغنى حتى اليوم ، وقد فتن معاصريه ، ومن تلاهم برائيته ، حتى كانت بديعة القرن السابع ، زمن الشاعر ابن هتيمل نفسه (47)

نختار من شعره الأبيات الأولى من قصيدته " أنا من ناظري " , حيث يقول :

أنا مِن ناظِري عليكَ أغَارُ

 وَارِ عَنِّي ما زَالَ عنهُ الخِمَارُ

يا قَضِيباً من فِضَّةٍ يُقطفُ النَّر

جسُ من وجنَتيهِ والجُلنَارُ

قَمَرٌ طوْقُهُ الهلالُ ومِن شمسِ

الدَّياجِي في سَاعِدَيه سِوارُ

صُن مُحَيَّاكَ بالنِّقَابِ وإلا

 نهبتهُ القُلوبُ والأبصَارُ

فمِنَ الغَبنِ أن يُمَأطَ لِثَامٌ

عن مُحَيَّاكَ أو يُحَلَّ إزَارُ

عَجبَاً مِنكَ تحتَ بُرقُعِكَ النَّارُ

وفيهِ الجَنَّاتُ والأزهَارُ

لكَ فيَّ الخيَار في القَتلِ والمنِّ

 جَمِيعاً وما عليكَ خَيَارُ

من مُعيري قلباً صحيحاً ولو

طرفةَ عينٍ إن كان قلبٌ يُعارُ

لا الزَّمانَ الزَّمانُ فيما عَهِدنَاهُ قديماً ولا الدِّيارُ الدِّيَارُ

بعضُ هذا يُبلِي الجَديدَ ويُفنِي المرءُ لو أنَّ عُمرَهُ أعمَارُ

والليالي الطِّوَالُ تنحتُ مِن جسمِيَ ما أبقتِ الليالي القِصَارُ

أملالا نُوى نُوارَ فما كانَ جميلاً أن تَجتَوينَأ نُوارُ

أبصَرَت مفرَقِي فأفزَعَهَا ليلٌ تمشَّى في جَانبيهِ نَهَارُ

إنِّما العيشُ والهوى قبلَ أن ينجَمَ ثَديٌ أو أن يَدُبَّ عَذَارُ

وغرامُ الشَّبَابِ أشهَى إلى النَّفسِ وإن كانَ في المشيبِ الوَقَارُ

لا يَصَدُّ المِلاحَ عن صِلَةِ العُشَّاقِ إلا التَقتِيرُ والإقتَارُ

,ويكون الحسن بن جابر الهبل برأي البردوني , الشاعر عمارة اليمني من قبله بمائة عام أبرز شعراء اليمن في منتصف القرن الخامس ، إلى القرن الحادي عشرالهجري ، الذي نلاقي فيه الحسن بن جابر الهبل (48)،بتمثيله الريادة الثانية على صعيد المشهد الثقافي الوطني القديم , " فقد أعاد للشعر , في منتصف القرن الحادي عشر, رصانته وجلاله , وفخامته وقوته بعد أن خيمت العجمة العثمانية , وبدأ شعراؤها يتورطون فيما تورط فيه شعراء الشام ومصر والعراق , ويسرفون في المحسنات البديعية , والأحاجي , والتواري , والألغاز حتى جاء هو مجدداً ذكرى حبيب و أبي الطيب , والبحتري , والشريف ,, كما فعل البارودي في مصر بعده بقرنين , ورفع شوقي بعده اللواء , وحلق به في سماء لا تطاولها سماء . "(49)

 وعلى الصعيد نفسه بشأن الشاعر الهبل ,يقول احمد الشامي نفسه " وهو في نظري خامس خمسة أو سابع سبعة , ولو طال به العمر كالبحتري 80 عاماً , أو ابن هتيمل 95 عاماً , لكان ثاني إثنين لا ثالث لهما.(50)

 ويقول البردوني أيضاً, أنه " مدّ عهد الفحولة , فهو امتداد للشريف الرضي أو مهيار , ولا يشبه شعراء عصره البديعيين إلا في لمحات قليلة " .(51)

في هذا السياق نقرأ له الأبيات التالية ,من قصيدته الشهيرة " لوكان يعلم أنها الأحداق  " , حيث يقول :

لو كان يعلم أنها الأحداق  ---- يوم النقا ما خاطر المشتاق

جهل الهوى حتى غدا في أسره ---- والحب ما لأسيره إطلاق

 

 

 

 

 

المرحلة الإحيائية ( التقليدية )

 

6. التقليدية

1.6. الوطنيات - محمد محمود الزبيري

 

غير ذلك , وضمن سياق القطيعة مع السائد, نشير الى ريادة الشاعر علي احمد علي الحجري من خلال قصيدته " النصر المبين على جيش برلين " في 1940 ,التي كان لها أكبر الأثر في الشعراء الشبان بالذات في وقتها , منهم الشاعرعبدالله البردوني الذي سيأخذه جرسها الموسيقي , فيقلدها بقصيدة على نفس البحر والروي.(52),وهي بذلك الأسلوب الشكلي و الموضوعي  قد مثلت في حينها قطيعة مع السائد الشعري اليمني .

يقول الشاعر الحجري , في مطلع " جيش برلين " :

صاحت الحرب صيحة ليس تنسا

قد غدا النصر في البرية شمسا

وبتاج الزمان أصبح طرسا

جيش برلين في البسيطة أمسى

     يكنس الغرب بالفيالق كنسا

خيله في الفضاء زادت رقياً

بالمعدات بكرة وعشيا

ويل من كان في أوربا شقيا

ملأ الأرض بالحروب دوياً 

    تترك الأنس في الأقاليم خرسا

حتّ بولونيا بحرب ظروس ِ

وكسى الدينمرك حر وطيس ِ

طم نرويجيا ببحر خميس ِ

دك هولندة بيوم عبوس ِ 

   قمطريرٍ فصارت اليوم عرسا (53)

 

 

وهي كما ترى , متعددة القوافي , وقد انبنت على بحر واحد هو الخفيف , وفيها من المعاني العصرية , مافيها بآعتبار موضوعها العالمي , ذلك ما تقوله ألفاظها العصرية هي أيضاً,مثل :الغرب , وبرلين ,والفضاء,وأوربا ..إلخ, علاوةً على كناياتها , مثل :خيله في الفضاء عن الطائرات, ومايمكن أن يجعلها إستثناء إزاء السائد الشعري اليمني , ونثبتها هنا لإعتبارات فنية و تاريخية بعيداً عن تزامنها مع المرحلة الإحيائية التي يرى بعض الباحثين أنها بدأت مع الشاعر المهجري " أبوبكر ابن شهاب " من خلال ديوانه الشعري الصادر سنة 1924 , وتمتد هذه الفترة من مطلع القرن العشرين حتى نهاية الثلاثينات منه , باعتباره , كان ,  أقوى الأصوات الشعرية عند مطلع القرن , كما أنه كان معاصراً للبارودي و شوقي .ويكون الشاعر صالح الحامد ثاني من يطبع له ديوان ان عام 1936 بعنوان " نسمات الربيع "(54), " لعوامل توافرت لدى عدن وحضرموت ولم تتوافر في الشمال .

بينما أول ديوان طبع في الشمال للشاعر السالمي ( 1896 – 1934 ) ,سنة 1940 بعدن .

 وهناك من يرى أن الشعر اليمني واكب في ظهوره شعر الإحياء العربي , أي أنه ظهر في نهاية القرن التاسع عشر , ومنهم من يرى أن الشعر اليمني لم يمر بمرحلة الركود والضعف التي مر بها الشعر العربي , بل ظل شعراً حياً في مختلف العصور ". (55)

ابراهيم الحضراني يرى أن الطليعة الأولى من الشعراء , أمثال : يحى بن محمد الإرياني , وعبدالكريم مطهر وأحمد الحضراني .., ومن على شاكلتهم بقي مشدوداً إلى عجلة الماضي , زد على ذلك أنه لم تصحبهم دعوة إلى التجديد فبقيت أصواتهم خافته لا تكاد تجاوز آذانهم,حتى قدم بعض الشعراء من الخارج متأثرين بالإتجاهات الفكرية , كما أن المطبعة بدأت تغزو اليمن بالكتب والجرائد والمجلات , وصدور مجلة الحكمة اليمانية  , وظهور الشاعر محمد محمود الزبيري الذي سيبلغ على يده الإتجاه نحو الوطنيات كإتجاه شعري تقليدي استلهمه من توجيه الإمام احمد بقوله : مالشعر إلا ماحوى --- روحاً به تحيا الشعوب " (56)

,وذلك " بصرف الشعراء عن المديح إلى ماهو أسمى وأعلا من الأشعار القومية التي تشجع النفوس وتقوي الروح المعنوية في 1937 "-(57)

, وبتأثير من وجوده بالقاهرة للدراسة في كلية دار العلوم ( 1938 – 1941 ) , وعليه ,فإن الزبيري هورائد الشعر التقليدي في اليمن، لا على مستوى اللغة فحسب وإنما الموضوعات: كالوطنيات بالذات, والوجدانيات والمناسبات بأنواعها.

وتكون على هذا الاساس ,قصائده : " سجل مكانك  " , و " الخروج من السجن الكبير – اليمن  " الذائعة الصيت , كأول صوت وطني صريح ,حسب مطهر الارياني (58). وك " بداية لإنعطاف كلي في الشعر نحو الوطن " حسب الدكتور المقالح (59) , وإليه " يعود الفضل في انتشار هذا القدر من شعر الوطنية في شعر اليمن الحديث " (60), كمثل " صيحة البعث " التي يقول فيها :

سجل مكانك في التاريخ يا قلم --- فهاهنا تبعث الأجيال والأمم

هنا القلوب الأبيات التي اتحدت --- هنا الحنان هنا القربى هنا الرحم

شعب تفلت من أغلال قاهره --- حراً فأجفل منه الظلم والظلم

نبا عن السجن ثم ارتد يهدمه --- كيلا تكبل فيه بعده قدم

إن القيود التي كانت على قدمي --- صارت سهاماً من السجان تنتقم

إن الأنين الذي كنا نردده --- سراً , غدا صيحةً تصغي لها الأمم

إن اللصوص وإن كانوا جبابرة --- لهم قلوب من الأطفال تنهزم

والشعب لو كان حياً ما استخف به --- فرد ولا عاث فيه الظالم النهم  (61)

وهي قصيدة شهيرة كان الشاعر قد عارض فيها القصيدة الميمية لحافظ ابراهيم التي تقول مطالعها :

طوفوا بأركان هذا القبر واستلموا ---- واقضوا هنالك ماتقضي به الذمم

هنا جنان تعالى الله بارئها ---- ضاقت بآماله الأقدار والهمم

هنا فم وبنان لاح بينهما ---- في الشرق فجر تحي ضوءه الأمم

وكان الزبيري نفسه قد ألقاها في أول اجتماع لحزب الأحرار في اليمن بعد عام 1943 , حسب الشاعر نفسه ,(62) ص: 296 .

وما أكثر معارضات الزبيري كأي شاعر تقليدي , وكمثل " الخروج من السجن "التي تجاوز فيها الزبيري  تجربة الزبيري نفسه (63),عبر مطالعها الخالدات, حيث يقول :

خرجنا من السجن شم الأنوف --- كما تخرج الأسد من غابها

نمر على شفرات السيوف --- ونأتي المنية من بابها

ونأبى الحياة إذا دنست --- بعسف الطغاة وإرهابها

ونحتقر الحادثات الكبار --- إذا اعترضتنا بأتعابها

ونعلم أن القضا واقع --- وأن الأمور بأسبابها

ستعلم أمتنا أننا --- ركبنا الخطوب حناناً بها

فإن نحن فزنا فياطالما --- تذل الصعاب لطلابها

وإن نلق حتفاً فياحبذا --- المنايا تجيء لخطابها (64)

والسبب أنه لم يقلد فيها أحداً من شعراء عصره حين عمد إلى البناء على إيقاع قديم للحلاج :

نفضنا إلى الموت أدراعنا ---- كما تنفض الأسد ألبادها

وقول حسان :

 ويثرب تعلم أنا بها ---- أسود تنفض ألبادها .- انظر ابوالحسن الجرجاني , الوساطة بين المتنبي وخصومة , ص: 190 .(64)مكرر

بالإضافة إلى "مصرع ضمير" , كنفس شعري جديد ,يقول البردوني ،:" لا عهد لجو اليمن بمثله قبل الزبيري ، لكنه صدى العصر ، فالزبيري ينهج في هذا نهج الرصافي في قصيدته ( يا قوم لا تتكلموا  .. الخ ) إلا أن نغم الزبيري أشهى وقعاً وأكثر إحساساً بالمرارة ، فلأول مرة نسمع كلمة (ضمير) في شعرنا اليمني المعاصر وإن كانت قد شاعت في العالم من حولنا ، وتراءت في أدبنا العربي كسر من أسرار القلوب ، أو طوية من طوايا النفوس . المهم أن الزبيري أوجد مدرسة يمنية معاصرة ، تضرب جذورها في القديم وتمتد فروعها في جو جديد " (65)

يقول الشاعر ,من قصيدة الضمير:

مت في ضلوعِك يا ضمير

وادفُن حياتك في الصدور

إياك والإحساس فالدنيا العريضة للصخور

لا تطمئن إلى العدالةِ ، فهي بهتانٌ وزور

لا تنسبن إلى الثقافةِ ، فهي داعيةُ الثبور

مزق فؤادك إنه يؤذي الخليفةَ والأمير

لا تنطقن الحق، فهو خرافةُ العصرِ الغرير (66)

 

لكن الواضح لنا هنا ,وهو مانتفق ونفترق فيه مع البردوني , بشأن قصيدة " مصرع ضمير " , أنها كإيقاع تعارض قصيدة " الجنة الضائعة " لأبي القاسم الشابي , لا الرصافي , التي يقول مطلعها:

كم من عهود عذبة في عدوة الوادي النضيرْ

فضية الأسحار مذهبة الأصائل والبكورْ (67)

وذلك كقصيدة رومانسية شهيرة ومطولة , ذهب الشاعر فيها إلى ذاته بالتعبير عنها إزاء الخارج  , حيث يقول الشاعر الشابي , منها  :

وأرى الأباطيل الكثيرة والمآثم والشرورْ

وتصادم الأهواء بالأهواء في كل الأمورْ

ومذلة الحق الضعيف وعزة الظلم القدير

ماذا جنيت من الحياة ومن تجاريب الدهور

غير الندامة والأسى واليأس والدمع الغزيرْ(68).

 , فالتأثير ,تأثير قصيدة الشابي على الزبيري قائم وواضح على صعيد الوزن والقافية,على الأقل. فما الذي ساق البردوني إلى الرصافي ؟ ربما المعاني , لا المفردات وما توحيه من ظلال , فأسلوبياً , تنتمي , أمثال : " فؤاد , ضمير , إحساس, شعور , غاب , ديجور , قشور " إلى القاموس الرومانسي علاوةً على مافيها من تشاؤم واحباط ذاتي.ولعله , يقول عبدالعزيز المقالح , " من الهام أن نشير إلى أن الزبيري كان قد تفلت من قبضة الكلاسيكية الجديدة فترة من حياته , ربما كانت الفترة التي أعقبت سقوط انقلاب 1948 وما تلاها من شعور بالإحباط وإحساس بالضياع , وقد كتب في هذه المرحلة قصيدتين رومانسيتي المنزع كانتا – وماتزالا- تمثلان طليعة الشعر الرومانسي في اليمن ." – (69)

والمقالح بذلك يشير إلى قصيدتي " البلبل " , و " أمل " , لا مجال هنا للإسترسال ,وقد عدها في طليعة الشعر الرومانسي في اليمن .

 

8.الرومانسية

1.8. الوتر المغمور – علي محمد لقمان

 

على اعتبار أن ثمة شاعراً آخر هو علي محمد لقمان متفق فيما بعد ,على ريادته  للمشهد الرومانسي اليمني بما قدمه من خلال تجربته الشعرية في " الوتر المغمور " كأول من حيث الإصدار , و بماتحمله من ملامح رومانسية واضحة في الشكل والمضمون معاً , ليس هنا مكانها , كان الزبيري نفسه قد ألقى قصيدته التي تحمل عنوان " إلى علي محمد لقمان , صاحب الوتر المغمور " سنة 1944 ,مهنئاً و مقرضاً , بمناسبة صدور ديوان لقمان نفسه " الوتر المغمور" , حيث يقول مطلعها :

وتر الغرام يئن من صبواته --- ويسجل النيران في آهاته

الدمع محترق على أنفاسه --- والصوت مجروح على لهواته

والمبدع الفنان يملو نايه --- روحاً وينطقه بسحر لغاته – (70)

وكان احمدبن محمد الشامي هو أيضاً , قد شهد على أسبقية لقمان في الرومانسية عبر تقريضه لديوانه السابق الذكر , بقصيدة تحمل عنوان الديوان نفسه " الوتر المغمور ".- (71)

وبإستثناء عبدالله البردوني في كتابه رحلة في الشعر اليمني , إذ لم نجد لعلي لقمان أي إشارة فيه , إليه , أو أثراً يدل عليه , يكون علي محمد لقمان هو رائد الشعر الرومانسي في اليمن , بإصداره لديوانه: " الوتر المغمور " سنة 1943 .

يقول علي محمد لقمان من قصيدة " الوتر المغمور ":

 ماذا وراءك قل لي أيها الوتر - - - هذا الهيام له في المنتهى خبر

مشرد النوم والأيام غافية  - - - والعيش غير الذي ترجو وتنتظر

تلهبت فيك أشجان عواصفها - - - هوج نصيبك منها الهم والسهر

لم تستقر بعود غير منقطع - - - حنينه وفؤاد بعضه الشرر

إذا ترنمت في البيداء منفرداً - - - ترنم البدو فوق الأرض والحضر

حيران تنشد والأوتار مجفلة - - - والريح تزأر والكثبان تنعصر (72)

في الوقت نفسه الذي كان عدد كبير من الشعراء اليمنيين قد سجلوا حضوراً لافتاً بعدد من النصوص الرومانسية الناضجة والمتعددة بتعدد مصادرهم , أمثال : احمد بن محمد الشامي بالذات , صاحب ديوان النفس الأول , الذي حسب ابراهيم الحضراني سنة 1953 في مقدمته للديوان نفسه " كان ينظم الشعر آنذاك على نمط لم يستسغه المجتمع بعدُ، فلم يُعهَد من قبله أنّ شاعراً يمنيّاً نظم في أغراضٍ مختلفة تحت عناوين خاصة كالآتي:

"أنَّةُ قلب" و"دموع الغريب" و"بين الصخور". إلى آخر ما كان ينظمه صديقي في ذلك الحين(..)، واليمن إذ تقدَّمه تقدم نهايةَ ما وصل إليه نموها الفكري والأدبي الحديث.(73)

والحضراني بذلك, يقصد اليمن شمالاً .

ولعل محمد عبده غانم , لطفي جعفر أمان, في المقدمة من هذا المضمار, وإبراهيم الحضراني ,وعبدالوهاب الشامي , وعبدالله فاضل ,عبدالله البردوني , ومحمد محمود الزبيري , وعبدالله قاضي , وعبدالله حمران , ومحمد الشرفي , وعلي بن علي صبرة , وعبدالله الملاحي , ويحى منصور بن نصر , وعبدالله عبدالوهاب نعمان ( الفضول ) ,وعبدالكريم الخميسي , وحسن الشرفي , وعبدالصمد عبدالجبار ...الى آخر لائحة الشعراء الرومانسيين في اليمن منذ الأربعينات من القرن الماضي حتى الإمتداد .(74)

9.دعاوى يمنية

1.9.ريادة الشعر الحرعلى صعيد العالم العربي و اليمن .

1.1.9.ما لقلبـي يتضرم – ابراهيم الحضراني

إذ مازالت الرومانسية , والتقليدية من قبل , لها حضورها بإحيائها من قبل عدد من الشعراء اليمنيين , في وجود الحداثة , وما رافقها من دعاوى , منذ الأربعينيات من القرن الماضي , خصوصاً بعد نجاح التجربة الشعرية الجديدة , تجربة الشعر الحر بإقبال القراء عليها , لأن الذي كان قد حدث من آختراق العروض الشعري كحاجز كان أصيلاً , بالتقعيد للشعر الجديد من خلال قواعد الشعر العربي نفسه ,الذي عرف تشكيلات كثيرة خلال عصور في إطار بيتية القصيدة عبر الموشحات , و البند , والدوبيت وغير ذلك من فنون عروض الشعرالعربي في قديم الثقافة العربية  , حتى " الكوليرا" سنة 1947 لنازك الملائكة التي , كما أسلفنا , ستؤلف كتاباً قيماً فيما بعد عن " قضايا الشعر المعاصر", مدعيةً سبقها كأول شاعر عربي كان قد اهتدى للشعر الحر بمحض معرفتها بالعروض , وآطلاعها على الشعر الإنجليزي .(75)

وتفتح بذلك, باباً عريضاً من الدعاوي , سيدفع بالكثير من الباحثين إلى البحث عن نشأة هذا الشعر عبرتتبع التصريحات التي كان قد أطلقها الشعراء هنا وهناك في العالم العربي ,  أو ماكان منشوراً في " الصحف العراقية مابين 1911 – 1945 ., أوفي مصر مع احمد زكي أبوشادي 1927 , وخليل شيبوب والسحرتي وفريد أبوحديد , وعلي احمد باكثير 1940 ضمن تنظيره لشعر جديد أسماه " الشعر المرسل " , بترجمته ل " روميو و جولييت " سنة 1936 , وتأليفه ل " أخناتون و نفرتيتي " في 1940 ,وعلى صفحات الآداب يوليو 1954 , ستناقش مسألة الريادة ليعترف السياب لباكثير بالريادة .(76)

وفي السعودية مثلاً,سيأتي من يدعي أن الشاعر محمد حسن عواد كان سباقاً إلى كتابة الشعر الحر بقصيدته " خطوة إلى الإتحاد العربي "عام 1924  المنشورة بعد ذلك بوقت طويل بديوانه " البراعم ". – (77)

أما في اليمن , فيرى الشاعر والناقد أحمد بن محمد الشامي أنه وزميله الشاعر إبراهيم الحضراني كانا أول شاعرين يمنيين قد كتبا قصيدة الشعر الحر سنة 1943، وذلك قبل أن تكتبها الشاعرة العراقية نازك الملائكة بأربع سنوات تقريباً . كما يؤكد الشاعر الناقد الشامي نفسه على أنه يتفق معها في جُلّ ما افترضته، وفي معظم دراستها، وأفكارها التي ضمنتها الطبعة الرابعة عام 1974 من كتابها ,عن هذا اللون من الشعر ، ولكنه يخالفها في تحديد بداية حركة الشعر الحر وتاريخها في إشارة منه إلى علي احمد باكثير وعبدالرحمن بن عبيد الله السقاف كأول شاعرين يمنيين يكتبان هذا الضرب من الشعر، علاوة على ما قدمه شعراء " البند" في ثقافتنا العربية القديمة ضمن هذا الإطار .. الخ ،الخ.(78) , حيث يقول الشاعر ابراهيم الحضراني في " مالقلبي يتضرم " :

 

ما لقلبي يتضرّم؟

وكياني يتهدّم؟

أيها النفسُ حنانيكِ اهدئي

أيها الآمال مَهْ لا تعبسي وابتسمي

لِمَ لا أحيا كما تحيا الطيور .. وادعاً؟

أتغنى حين أغدو وأحور .. لاهيا

لا أبالي همَّ أمسي، أو غدي

واجداً في كلِّ شيءٍ متعتي

في الهواءِ الطلق في عَرْفِ النسيم

في خرير الماء ، في سحر الأصيلْ

لستُ بالمسؤول في هذا الوجود

أنا فيه ذرةٌ في جبل

أو حصاةٌ في خضمٍّ مزبد

إنما جئتُ لأحيا بفؤادٍ كالربيع

لا ترى فيه سوى غُصْنٍ يميسْ

وهزارٍ يتغنى فيه او زهر يضوعْ (79)

 

ونحن بدورنا , نثبت هنا , " ما لقلبي يتضرم" للشاعر إبراهيم الحضراني التي لم تنشر فعلياً إلا في الثمانينات من القرن الماضي بطي كتاب الشامي نفسه لمعرفة إلى أي مدى كان الشاعر اليمني , في محيطه الشعري ( اليمن ) على وعي بالتجديد , وإلى أي مدى كان قد استفاد من تجارب زملائه الشعراء بالمركز الشعري ( لبنان ، مصر) , في تواصل مع حركة شعرية دارت دورتها لكي لا تتوقف يوماً , لتؤكد على أن الذي حدث في 1947 بنازك الملائكة والسياب , والبياتي , وغيرهم لم يكن مجرد اندفاعة عروضية , بل حدث مفصلي ترتبت عليه تحولات شعرية إبداعية غير متوقعة , مما يؤكد أهمية الفعل البدئء لها , وأهمية أن نعرف من هو الأول في اجتراح هذا الأفق الشعري بالعروض الحر , وهل هي نازك في العراق , أم أن ثمة شعراء غيرها في غير مكان , وقد سبق لنا المرور قبل قليل على عدد من دعاوى في الريادة , كان آخرها في 1981 بالنسبة لليمن ليظهر باحث جديد من اليمن نفسها , هو الدكتور علوي طاهر في 2010. سنتعرف على ذلك , من خلال العنصر التالي .

 

10.دعاوى جديدة2010

1.10.درب السيف – حسن السقاف

 الدكتور علوي عبدالله طاهر الذي سيلتقط الخيط الذي كان قد ألقاه احمد بن محمد الشامي في 1981 ,ليؤكد في 2010 " أنه في حضرموت و تحديداً في ثلاثينيات القرن المنصرم ولدت أول قصيدة حديثة , بها كانت الريادة الحقيقية  للشعر الحر للشاعر حسن بن عبدالرحمن بن عبيدالله السقاف , هي :( درب السيف ) التي كان قد نظمها في ثلاثينيات القرن الماضي , قبل نازك الملائكة و بدر السياب اللذين أتيا في النصف الثاني من أربعينيات ذلك القرن . أي بنحو تسع سنوات بعد حسن السقاف .(80) , حيث يقول :

 

أهو البحر المحيط ؟

أو هو البر المحيط ؟

ها هنا الدأماء لا تبصر فيها عوجا

و هنا الكثبان كالدأماء فازت لججا

سفن جاريات

و نخيل باسقات

و الهواء الطلق كالموج البشوش

أو كأنفاس الحبيب

أيها الغادون في هذا السبيل

ها هنا الظل الظليل

خلفوني

و دعوني

علني أنسى شجوني

إنني آنست قرب الله في هذا المكان

و نسيت الناس والحرب الهوان

وتباريح الزمان

إنها الرحمة مدت هاهنا أطنابها

و السماوات إلينا أرسلت أسبابها

فاسلكوها

و اسكنوها

وهنا قيثارة الحب تغني

بأناشيد السلام

و الوئام

يا رفاقي أسعفوني بالوفاق

قدسوا هذا الجمال

و الجلال

 أين انتم ذاهبون ؟

أنظروني أتملى

من جمال و فنون

و رويدا أنت يا هذا الذي

دقة السيار في قبضته

إنه يا صاح جبار عتي

أفرغ اللطف على شدته. (81)

  و قد تعاطى حسن السقاف , يقول علوي عبدالله طاهر,هذا الشعر الحر غير المسبوق والذي لم يكن معروفاً حينها في أي مكان من الوطن العربي , حيث بدأت بعد ذلك بسنوات طويلة نازك والسياب ومن تبعهم , فقد كان السقاف ينثر لأليه الشعرية الحديثة ( التفعيلة ) بتلقائية بين رفاقه وأصدقائه, من أمثال : الشاعر الناقد  احمد بن محمد الشامي والشاعر إبراهيم الحضراني وصالح عباس و أحمد جابر عفيف وغيرهم . ولأن مركز الشهرة والإعلام حينها كان متمركزاً في بعض العواصم العربية كبيروت والقاهرة , فقد كانت صنعاء و حضرموت في اليمن بعيدة كل البعد عن ذلك , ولذا لم يجد حسن السقاف فرصته في أخذ حقه , إلا أن طباعة ديوانه الأول ( ولائد الساحل  ) المطبوع سنة 1362 هـ / 1943 عن شركة مكتبة ومطبعة الحلبي بمصر , المتضمن قصيدته المشهورة ( درب السيف ) المشار إليها , تؤكد أحقية الشاعر حسن بن عبدالرحمن بن عبيدالله السقاف في الريادة على مستوى الوطن العربي . والشاعر السقاف – بالمناسبة - لم يكن على إطلاع بالشعر الانجليزي أو بترجماته أو حتى بالسماع به على الإطلاق , ولذا كانت هذه الريادة الحقيقية حضرمية يمنية خالصة , خاصة أنها كانت في مقتبل عمر هذا الرائد – على حد تعبير د. علوي .(82)

الذي لن نناقشه هنا , مادامت المسألة لم تتجاوز من طرفه سقف الدعاوى بعد , وإذ مازال الباب مفتوحاً لها,لنؤكد على ماهو حاصل بخصوص ريادة الشاعر احمد بن محمد الشامي على صعيد الشعر الحر في الخمسينات من القرن المنصرم.

 

11. ريادة الشعر الحر في اليمن

1.11. النفس الأول - احمد بن محمد الشامي

وبديوان " النفس الأول " يعتبر الشاعر احمد بن محمد الشامي ( توفي عام 2005 ) " الذي ينظم الشعر آنذاك على نمط لم يستسغه المجتمع بعد (..) واليمن إذ تقدمه تقدم نهاية ماوصل إليه نموها الفكري والادبي الحديث " – (83). الرائد الحقيقي للشعر الحر في اليمن بإصداره لديوانه النفس الأول سنة 1950 , والذي تضمن عدداً من النصوص الشعرية الحرة , مثل : " أمل " , و " النور الشهيد " و" صلاة " ,وغيره.(84)

 يقول الشاعرالشامي , في " صلاة " مثلاً :

 

أنا لا أنظم شعراً؛

فلقد أنسيتُ أوزان القصيدْ

إنما أنثر أشواقاً ودمعاً؛

شوق قلب مغرم

وفؤادٍ مؤلم

ودموعاً عصرتها

لهفة الروح الحزين

* * *

عندما تلتثم الشمسُ

بأكفان المغيب

وتضمّ الكون أستار الظلام

ويغنّي اللَّيل لحن الموت

في سمع الوجود

أذكر الماضي وأنسى حاضري

معرضاً عما أراه من صراع

بين أشلاء الضياء

وجنود الظلمات

 الحديدة: 1372هـ/ 1953م (85)

 

وهي , كما نرى , قصيدة تنتمي للرمل , وهو من البحور الصافية ,وتخلص لعروضها الحر الذي ناقشته نازك الملائكة في " قضايا الشعر المعاصر " , من حيث الوقفات , ومن حيث تعدد القوافي , علاوةً على امتناعها على التدوير باعتبار الشعر الحر شعر ذو شطر واحد .(86 )

وسيواصل الشاعر الشامي نفسه الكتابة على هذا المنوال مثلما هو واضح في ديوانه الثاني" علالة المغترب " سنة 1962, الذي يحتوي على قصائد لم يتقيد الشاعر فيها بقافية واحدة , أو وزن واحد , وهذه الطريقة ليست جديدة على صاحب الديوان , بل إنه كان من أول من مارسها من شعراء اليمن , على حد تعبير احمد الشامي الذي كان قد قدم للديوان نفسه ,تحت اسم مستعار, هو احمد الضالعي لينصف نفسه كرائد للشعر الحر باليمن ,وكأنه بذلك يدفع مسبقاً غبن النقاد له ممن تحدثوا عن الشعر المعاصر في اليمن عبر إقصائه من الريادة , إما بالتقليل من موهبته ,أو بعدم الاعتراف له منفرداً كرائد على وجه السبق والتأثير(87) .

يقول الشامي " بل وزعمتُ نفسي أني قد زاولتُه طبعاً قبل أن أسمع بالبياتي و"نازك الملائكة" في مطلع الأربعينات (راجع المقدمات ج1، صفحات من 7 إلى 179)؛ بل وظللت – كما هو واضح في الديوان – أُمارسه وألجأ إليه في أزماتي النفسية والسياسية، وعندما أعجز أو أخاف الإِفصاح حينما كنت في معتقل "حجة"، ثم تحت الحراسة والإِقامة الجبريَّة في "الحُديدة" ما بين عامي (1948م و1955م/ 1367هـ و1374هـ)، ثم في مدينتَيْ (القاهرة) و(لندن) ما بين عامي (1956م و1963م)، أي (1375هـ و1383هـ)، ثم لمَّا عُيِّنتُ سفيراً في كلٍّ من (لندن) و(باريس) ما بين عامي (1970م و1974/ 1389هـ و1393هـ)، وأخيراً في منتجعي بمدينة (بروملي) منذ سنة (1975م) وحتى عامنا هذا (1990م) (1394هـ و1411هـ) وإلى ما شاء الله ". (88)

والشامي بذلك , يرد على الدكتور عز الدين إسماعيل والدكتور عبد العزيز المقالح , فإذا كان الأول , في كتابه: "الشعر المعاصر في اليمن" , وإن سلم لأحمد الشامي بجرح هذا الإتجاه الشعري في اليمن على نحو البدء في 1954 ,رجع يقول للتقليل من شأنه ,أن " قصائده رغم اصطناعها للشكل الجديد لم تكن تطوريَّة في بنائها وذلك لغلبة الرؤية الرومانتيكيَّة عليها". و أنه " ظلَّ طوال الوقت يكتب "القصيدة التقليدية" إلى جانب القصيدة الطويلة، مختلفاً في هذا مع روّاد التجربة الشعرية الجديدة الذين بدأوا جميعاً بكتابة القصيدة في شكلها التقليدي ثم تحوَّلوا بعد ذلك إلى الشكل الجديد نهائياً". (89)

فإن الدكتور عبدالعزيز المقالح سيرى في سياق ماكان قد بدأه عزالدين اسماعيل , أن الشامي , وإنْ " بهذه القصائد وأمثالها قد استقام عمود الشعر الجديد وكاد ينطلق بالتجربة الجديدة – في بلادنا – دون تعثُّر أو إبطاء، (...)أدركته الشيخوخة قبل الأوان وفقد هذه الصورة الجميلة، وهذه اللغة الشعرية الشفَّافة، والموقف الإنساني المتقدِّم، لقد كان الشاعر -باختصار- يرسم بالكلمات فأصبح يتكلَّم بالكلمات، والفرق كبير بين التصوير والحديث، وإقامة التفعيلات أو تحطيم وحداتها لا يصنع الشعر، ولا يخلق الشعراء. (90)

وفي موضع آخر,يرى المقالح , أثناء حديثه عن القصيدة الجديدة في اليمن ,أن الشامي ليس وحده السابق إلى ما اسماه ب " كسر إطار القصيدة التقليدي" , فقد  استقطبت قصيدة الشعر الحر نفسها " عدداً من شعراء الشبان في اليمن , وكان الشعراء لطفي جعفر أمان , ومحمد أنعم غالب , وأحمد الشامي , وعلي عبدالعزيز نصر , وعبدالله فاضل , كانوا سباقين إلى كسر إطار القصيدة التقليدي وإلى استخدام الشكل الجديد " .(91)

 " ولأنهم لم يكونوا , يقول المقالح , " على درجة واحدة أو في مستوى واحد من التأثير بهذه الحركة , فقد ظلت مساهمة كل منهم متوقفة على مدى اتصاله بمنابع هذه التجربة الجديدة "(92)

" ومع ذلك فتبقى كل هذه النماذج الرائدة جميعاً مجرد محاولة مبشرة على طريق القصيدة المعاصرة شكلاً ومضموناً ".(93)

وقد استشهد الدكتور المقالح , وهو مايمكن أن يؤخذ عليه كملاحظة ,بقصيدة مخطوطة لعبدالله فاضل ومحمد أنعم غالب من خلال ديوانه المخطوط كما هو في الهامش, ولعلي صبره عبر ديوانه النغم البكر ,ولم يوضح متى صدر ؟ , بينما كان الشامي الوحيد بينهم الذي كان ديوانه الشعري قد طبع , وتداوله القراء وكان مدرسة في الشعر الحر بالنسبة لليمن, لينتقل إلى عبده عثمان وعبدالودود سيف في 1970 وغيرهما كعتبة عليا في الشعر الحر, ليس هنا مكانه . وهو مالانوافقه عليه . علاوةً على أنه كان الأول من حيث السبق تاريخياً بإصداره الشعري: " النفس الأول " في 1954 , إلى كتابة الشعر الحر في اليمن دون كل الشعراء في شمال اليمن وجنوبه, يعترف المقالح نفسه  فيما بعد بأنه , أي ديوان " النفس الأول " إحدى المدارس المهمة التي تعلمنا كتابة القصيدة في رحابه "(94 )

 

 

 

خاتمة

لم يكن الشاعر اليمني بمنأىً عما يحدث بالمركز الشعري في القاهرة وبيروت , فقد كان على وعي بكل الطروحات المتعلقة بتحديث القصيدة الشعرية العربية لثلاث مراحل , بدءاً بالتقليدية الإحيائية , فالرومانسية , فالشعر الحديث ,على صعيد اللغة والإيقاع والدلالة .

لقد انفعل الشاعر اليمني , وتفاعل في محيطه الشعري متأثراً ومؤثراً ,عبر سلسلة من التجارب الشعرية الحداثية  التي بدأت , أول مابدأت , كمغامرة , على اعتبار أن المجتمع اليمني وقتئذٍ لم يستسغها بعد .

لا نؤرخ هنا ,للشعراء اليمنيين فحسب بل وللنقلات الشعرية المنجزة فنياً,التي ساهمت في بلورة مشروع الحداثة الشعري اليمني , من خلال نماذجها الريادية ,التي مهدت لشعراء كبار كانوا قد أتوا فيما بعد , وتجارب مهمة لا تقل من حيث الجودة عند التقييم عن نظيراتها العربية في المركز الشعري بآستحقاق .

بالإضافة الى  تأكيدنا على حقوق شعراء يمنيين كانوا قد ساهموا كرواد في النهود بالتحديث من خلال مشاريع شعرية حقيقية ,بعضهم لم يفرح بما انجزه , والبعض الآخر لم ينصفه الباحثون والنقاد في تمكينه من حقه الريادي لأسباب في رأيي , شخصية وإيديولوجية ليس هنا مكانها . من هؤلاء : علي احمد باكثير على مستوى العالم العربي , واحمد بن محمد الشامي في إطار المشهد الشعري اليمني .

ونحن هنا , لا ندعي إنصافهم بقد مانشير على الباحثين الجدد أن يقوموا بدورهم في دراساتهم الأدبية النقدية  ضمن سياق الريادات نفسه , إنطلاقاً من مبادئ علمية موضوعية ,بتوسع يكتشف القصيدة اليمنية المعاصرة عبر تفاصيلها تميزاً وخصوصية,ويمنح روادها حقهم التاريخي في الريادة والتحديث .

ذلك مايمكن أن يكون تواصلاً بين الأجيال,وتلك جدة ورقتنا البحثية النقدية المطولة هذه, بامتياز.

 

 

 

لائحة المراجع :

1. انظر : مجلة عالم الفكر , الظاهرة الإبداعية ,المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب , الكويت – الصفاة , المجلد 15 ,العدد 54 , السنة5 , فبراير, 1990.

 2. انظر جون كوهن , بنية اللغة الشعرية , تر: محمد الولي ومحمد العمري , دار توبقال , الدار البيضاء , ط1 , 1986.

3. انظر: هارولد بلوم , قلق التأثر , تر : عابد اسماعيل , ط1, 1998 , دار الكنوز الأدبية , بيروت , لبنان ,ص: 10.

4. محمد بنيس, الشعر العربي الحديث بنياته و إبدالاتها , 4 - الشعر المعاصر , ط1, 1989 , دار توبقال , الدار البيضاء ,ص: 

5. روبير إسكاربيت , سوسيولوجيا الأدب , تعريب آمال أنطوان عرموني , عويدات للنشر والطباعة , بيروت – لبنان , ط3 , 1999 , ص:46.

 6.عباس العقاد , ابن الرومي حياته في شعره , دار الكتاب العربي , بيروت – لبنان , ط1, 1986.

 7.انظر,طه حسين , تجديد ذكرى أبي العلاء , دار المعارف , القاهرة , ط6, 1963.

8.عبدالمجيد زراقط , في مفهوم الشعر ونقده , دار الحق , بيروت – لبنان , ط1, 1898 .

9. احمدبن محمد الشامي,ديوان الهبل أمير شعراء اليمن  نفسه , ط1 , 1983 الدار اليمنية للنشر , صنعاء, ص:

10. عبدالعزيز المقالح , علي احمد باكثير " رائد التحديث في الشعر العربي المعاصر " ,دار الكلمة , صنعاء , ط1, 1991 .

11. نازك الملائكة , قضايا الشعر المعاصر , ط 7 , 1983, دار العلم للملايين , بيروت – لبنان , ص: 13 , 14, 17 .

 12.المرجع السابق نفسه , ص: 14 .

  13.علي احمد باكثير,أخناتون ونفرتيتي , ط2 , 1967, مكتبة مصر , القاهره ,ص: 5 , 6 

14. انظر مختار الصحاح للجوهري ,تحقيق احمدعبدالغفور عطار , دار العلم للملايين , بيروت لبنان , ط4 , 1990 ,ص: 421.

 15. محمد حسين حبيب, http://iraqalkalema.com/article.php?id=4127

16. سلمى الجيوسي , الشعر العربي الحديث , كتاب تاريخ كيمبرج للأدب العربي , .

17. الدكتور فاتح علاق , مفهوم الشعر عند رواد الشعر العربي الحر , منشورات اتحاد الكتاب العرب دمشق – 2005, ص: 9 .

18. نفسه , ص: 9.

19. نفسه , ص:9.

20. نفسه , ص: 10 .

 21.عبدالسلام الكبسي , تجربة القصيدة , ط1 , 2004 , وزارة الثقافة والسياحة , صنعاء ,ط1, 2004, ص :

22.انظر محمد بنيس , الشعر العربي الحديث بنياته و إبدالاتها ( مساءلة الحداثة ) الجزء الرابع , دار توبقال , الدار البيضاء , ط1 , ص : 87 .

23.عزالدين اسماعيل ,الشعر العربي المعاصرفي مصر ,معجم البابطين :دراسات في الشعر العربي المعاصر ,المجلد 6 ,ط1 , 1995 , ص: 423.

24.عزالدين اسماعيل ,الشعر العربي المعاصرفي مصر ,معجم البابطين :دراسات في الشعر العربي المعاصر ,المجلد 6 ,ط1 , 1995 , ص:431.

25. المرجع السابق نفسه , ص:431.

26. نفسه, ص: 431.

27.نفسه , ص: 436.

 28.نفسه , ص: 436.

29. نفسه , ص: 437.

30.  نفسه , ص: 453 – 453.

 31.نفسه , ص: 453.

32.عزالدين اسماعيل ,الشعر العربي المعاصرفي مصر ,معجم البابطين :دراسات في الشعر العربي المعاصر ,المجلد 6 ,ط1 , 1995 ,المؤسسة جائزة البابطين , الكويت .ص: 456.

 33.سلمى الخضراء الجيوسي  , معجم البابطين , دراسات في الشعر العربي المعاصر , المجلد 6 , ط1, 1995 , ص: 564.

34. نفسه , ص: 569.

35.نفسه ,ص: 564.

36. نفسه , ص: 564 .

37.نفسه , الصفحة ذاتها .

38.علي جعفر العلاق , معجم البابطين : دراسات في الشعر العربي المعاصر , المجلد 6 , ط1, 1995, ص: 318.

  39. المرجع السابق نفسه ,ص: 318

40. المرجع السابق , ص: 318.

41. نعيم اليافي  , الشعر العربي المعاصرفي سورية ,معجم البابطين :دراسات في الشعر العربي المعاصر ,المجلد 6 ,ط1 , 1995 , ص: 290.

 42. المرجع السابق نفسه , ص: 291.

43. المرجع السابق نفسه , ص: 293.

44.انظر : عبدالسلام الكبسي , تجربة القصيدة لدى الشاعر عبدالعزيز المقالح , ط1 , 2004 , وزارة الثقافة والسياحة , صنعاء , ص: .

 

45. محمد بنيس، الشعر العربي الحديث بنياته وإبدالاتها (4 – مساءلة الحداثة)، دار توبقال، الدار البيضاء-المغرب، الطبعة الأولى، 1989.

46. احمد بن محمد الشامي ,ديوان الهبل أمير شعراء اليمن " نفسه , ط1 , 1983 الدار اليمنية للنشر, صنعاء , ص: 7.

47.عبدالله البردوني , رحلة في الشعر اليمني , ط1 , 1995 , دار العودة , بيروت – لبنان,ص: 7.

 48.نفسه , ص :

48. ديوان ابن هتيمل , ص:

49. احمد بن محمد الشامي ,ديوان الهبل أمير شعراء اليمن  نفسه , ط1 , 1983 الدار اليمنية للنشر , صنعاء, ص: 7.

50.  احمد الشامي نفسه,ص:7.

51.عبدالله البردوني , رحلة في الشعر اليمني , دار العودة ’ بيروت – لبنان ,ط1, 1995 .

وآنظر للإستزادة : مطلع البدور , و " نسمة السحر " لإبن أبي الرجال الذي يقرر : إنه لم يوجد باليمن أشعر منه أول الإسلام . ثم انظر " البدر الطالع " للشوكاني الذي يعده أشعر شعراء اليمن بعد الألف على الإطلاق . وانظر للإستزاده , خلاصةَ الأثر " , و " نفحة الريحانة " للمحبي .وانظر الكتابات المتفرقة للشعراء والنقاد والباحثين اليمنيين المعاصرين , أمثال : احمد بن محمد الشامي , وعبدالله البردوني, رحلة في الشعر اليمني , ط5 , 1995 , دار الفكر بدمشق , ص:49 . , ومحمد سعيد جرادة , وناجي جبران يحى سعيد ( رسالة ماجستير ) , و يحى وهاس ( رسالة ماجستير ) , وغيرهم .

 

52. دمون , العدد: (8)- صيف- خريف 2008 , ص: 87 .

52. ديوان الهبل , ص:

53.انظر : مجلة دمون , العدد (1) ,السنة الأولى ,خريف 2006 , ص: 49 .

54. عبدالمطلب جبر , التجديد في الشعر اليمني الحديث 1900 – 1955 ,دراسة لنيل الماجستير , معهد البحوث والدراسات العربية , 1988 .

 

55.انظر: يحى الطلقي,اتجاهات نقد الشعر في اليمن في الربع الأخير من القرن العشرين , جامعة القاهرة 2010 , ص : 240 .

56.مقدمة الحضراني لديوان احمدبن محمد الشامي , ديوان النفس الأول , ط1 , 1954 ,بدون , ص : 5, 6, 7.

57. حسين اليماني , رحلة سمو الأمير أحمد بن يحيى حميد الدين في أنحاء اليمن ،ط1 , 1937 , بدون , ص :38, 39, 40.

58.انظر احمد المعلمي , الزعيمان ... ,

59.انظر مقدمة الدكتور المقالح للأعمال الشعرية الكاملة للزبيري , وزارة الثقافة , 2004 , ص:17 .

60. المرجع نفسه , ص: 17.

61. المرجع نفسه, ص:297 .

62. نفسه , ص: 296 .

63..انظر عبدالسلام الكبسي , الإختلاف في شعر الزبيري ( مقال) ,ملحق الثورة الثقافي ,18/4/2005 , العدد 14768.

64. محمد محمود الزبيري , المجموعة الشعرية الكاملة (م.س), ص: 220 -221 .

65.عبدالله البردوني , رحلة في الشعر اليمني , ط1 , 1995 , دار العودة , بيروت – لبنان , ص :69 - 70

66. محمد محمود الزبيري , الأعمال الشعرية الكاملة ( ديوان : ثورة الشعر ) , ط1 , 2004 , وزارة الثقافة والسياحة , صنعاء , ص: 196 .

67. ابوالقاسم الشابي ,ديوان أبي القاسم الشابي , دار العودة , بيروت – لبنان ,ط1, 1972, ص:361.

68. ابوالقاسم الشابي ,نفسه, ص:366.

69. محمد محمود الزبيري , الأعمال الشعرية الكاملة ( ديوان : ثورة الشعر ) , ط1 , 2004 , وزارة الثقافة والسياحة , صنعاء , ص: 17 .

70. نفسه , ص: 236.

71.  احمد بن محمد الشامي ,ديوان الشامي , الأعمال الشعرية الكاملة , ط2 , 1992, الناشر عبدالمقصود خوجه , جده , ص: 229.

72. مجلة دمون , العدد 8 , صيف – خريف 2008 , ص: 101 , 103 .

73.  انظر : مقدمة الحضراني لديوان النفس الأول لأحمدبن محمد الشامي, ط1 , 1954 ,بدون ,ص: 9.

74. مجلة دمون , العدد 8 ,صيف – خريف 2008 . ص: 101 – 103. للإستزادة أنظر " عبدالرحمن العمراني, محاضرات في الأدب اليمني الحديث , 2000, ص:114. , و " مع الشعر المعاصر في اليمن " لأحمد بن محمد الشامي , و " الأبعاد الفنية والموضوعية في الشعر اليمني المعاصر " للدكتور عبدالعزيز المقالح - و " الشعر المعاصر في اليمن " للدكتور عزالدين إسماعيل " ,و " وشعراء اليمن المعاصرون " لهلال ناجي , وغيرهم ".

75.انظر: نازك الملائكة , قضايا الشعر المعاصر , ط 7 , 1983, دار العلم للملايين , بيروت – لبنان , ص: 13 , 14, 17 .

76.مقدمة عدنان بسيوني لديوان السياب ط1 , 2009 عن مكتبة جزيرة الورد , القاهرة , ص:17 .

77..انظر: عبدالله الغذامي , الصوت القديم الجديد – دراسات في الجذور العربية لموسيقى الشعر الحديث , الهيئة المصرية , ط1, 19877, ص: 21- 22.

78.احمد بن محمد الشامي , مع الشعر المعاصر في اليمن – نقد و تاريخ  الصادر في طبعته الثانية ، دار النفائس، 1984 ، ص: 130 , 131.        

79.احمد بن محمد الشامي , مع الشعر المعاصر في اليمن نفسه، ص: 130 , 131.

80.الدكتور علوي عبدالله طاهر, محاضرة بعنوان ( تأملات في شعر رائد القصيدة الحديثة الشاعر ـ  حسن بن عبد الرحمن بن عبيد الله السقاف ) , ألقاها في مركز ابن عبيدالله السقاف لخدمة التراث والمجتمع بمدينة سيؤون بحضرموت اليمن , الدكتور علوي عبدالله طاهر .المصدر : http://www.damonnews.info/component/content/article/127))

 81. المصدر نفسه : http://www.damonnews.info/component/content/article/127-

82 المصدر نفسه : http://www.damonnews.info/component/content/article/127-

ريادة الشعر الحر في اليمن

83.احمد بن محمد الشامي , ديوان النفس الأول ,القاهرة , مطبعة مخيمر ,1955.

84. مقدمة الحضراني لديوان " النفس الأول " لأحمد بن محمد الشامي , القاهرة , مطبعة مخيمر, 1955.

85. ديوان النفس الأول  نفسه,ص: 17

86. نازك الملائكة , قضايا الشعر المعاصر , ص:85, 93, 116.

 

87.  احمد بن محمد الشامي ,ديوان الشامي , الأعمال الشعرية الكاملة , المجلد الأول ,ط2 , 1992, الناشر عبدالمقصود خوجه , جده , ص: 13 – 20 .

88.المرجع السابق نفسه , ص: 13 – 20 .

89. انظر عزالدين اسماعيل , الشعر المعاصر في اليمن... , و عبدالعزيز المقالح الأبعاد الموضوعية و الفنية لحركة الشعر اليمني المعاصر في اليمن , دار العودة , بيروت ,ط2, 1978 ,ص:209 – 218 .

90.عبدالعزيزالمقالح , الأبعاد الموضوعية والفنية لحركة الشعر اليمني المعاصر, ص 213 .

91.نفسه .ص: 213.

92.نفسه , ص: 216.

93. نفسه , ص: 216.

94.انظر: عبدالسلام الكبسي , تجربة القصيدة لدى الشاعر عبدالعزيز المقالح , وزارة الثقافة , صنعاء, ط1 , 2004 , ص: 457.