الخميس، 16 أغسطس 2012

الخمر والسحاق واللواط والفاحشة , أحكام وحدود بالقرآن الكريم - د.عبدالسلام الكبسي

د.عبدالسلام الكبسي




تحريمُ الخمرمن حيث الحد , كعقوبة , قائم بالقرآن ,

وتنزيه الصحابة مما لحقهم من الإساءات .



1.لاتدرج في التحريم

حرم الله الخمرَ بمكة ابتداءً , كما هي محرمةٌ بالأديان السابقة من قبل , وقد ثبت أن العشرات من القرشيين , وغير القرشيين في الجاهلية , كانوا يستنكفون شربها على وجه التأبي , لا كما ذهب العلماءُ والمفسرون , والعامةُ من المسلمين بعدهم , منذ زمن مابعد النبوة حتى الإمتداد ,وحسب ماهو مشهور ومتواتر , في تأويل تحريمها عند طريق التدرج , بالناسخ والمنسوخ , بالثلاث الآيات الآتية :

" يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (219) – البقرة , مدنية .

 من أن رسول الله (ص) , تلاها على عمربن الخطاب (رض)،حسب أسباب النزول , فقال: اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا.

فلما نزلت  الآية التالية ، تلاها عليه، فقال: اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا.

 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا (43) –النساء , مدنية .

 وبما جاء في أسباب النزول أيضاً ,أن عبد الرحمن بن عَوْفٍ صنع طعامًا وشرابا، فدعا نفراً , من أصحاب النبي (ص)] منهم عمر , وعلي , وغيرهما ,حسب زعمهم [ , فصلى بهم المغرب، فقرأ: قل يا أيها الكافرون. أعبد ما تعبدون. وأنتم عابدون ما أعبد. وأنا عابد ما عبدتم. لكم دينكم ولي دين. فأنزل الله، عز وجل، هذه الآية السابقة نفسها : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ " – النساء , مدنية .

فكانوا لا يشربون الخمر , في أوقات الصلوات , فلما نزل , قوله تعالى :

" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (91) – المائدة , مدنية .

, فقال عمر: انتهينا، انتهينا.

2. هو سكر النوم , لا سكر الخمر:

وهو ما نرفضه منهجياً , من حيث تأويلنا لسكارى , بالآية : لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ " – النساء , مدنية .

بسُكْرِ النوم ,وهو مذهب الضحاك ,من قبل , ولاجديد , فلعله كان قد أخذه ,من قوله تعالى : وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (14) لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ (15) – الحجر , مكية .

 أو أنه كان قد اعتمد  الحديث الذي يروى للنبي(ص), في هذا السياق , فقد قال الإمام أحمد:حدثنا عبد الصمد، حدثنا أبي، حدثنا أيوب، عن أبي قِلابةَ، عن أنس قال: قال رسول الله (ص) : إذا نعس أحدكم وهو يصلي، فلينصرف,  فليتم حتى يعلم ما يقول . وقد انفرد بإخراجه البخاري دون مسلم، ورواه هو , والنسائي,  من حديث أيوب، به , وفي بعض ألفاظ الحديث , فلعله يذهب يستغفر.

ويعزز ذلك , مايمكن أن تمدنا بهِ  المتتاليات من آي القرآن الكريم , على وجه الدلالة فيما يتعلق بلفظة " سكارى " في قوله تعالى :

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (1) يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ (2) – الحج , مدنية .

فسكارى هنا , ليس بمعنى الترنح , كما ذهب المفسرون الأولون , بل بمعنى أنهم مابين الظن والتصديق , اليقظة والنوم , ومابين الخوف والرجاء , والذهول والإنتباه .

ويقول تعالى :" وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (14) لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ (15) – الحجر , مكية .

والمعنى هنا , عدم القدرة على الرؤية .

ويقول تعالى : " قَالَ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ (71) لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ (72) فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ (73)- الحجر , مكية .

والمعنى هنا الغفلة بالفاحشة  , والإستمرار فيها بالمجاهرة بها , والدعوة إليها , والسخرية ممن يتطهر منها باجتنابها  .

ويقول تعالى : وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ (19) – ق ,مكية

بمعنى حقيقته , مما لاظن معه بسوى اليقين .

وعليه , فليس من الضرورة ان تأتي السكرة من الخمر , بل إنها قد تأتي من النعاس أو بكل حالة فيها انعدام جزئي للوعي,وإذ لايليق أن يكون الله قد وصفهم بالسكارى من  الخمر تنزيهاً له , وتبرئة لصحابة رسول الله (ص) , وعلاوةً على أن الآية كلها كانت قد جاءت على وجه الترخيص , في عد الإستطاعه , فتأملها من جديد , حيث يقول الله تعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا (43) –النساء , مدنية .



3. تحريم الخمر كان بمكة ابتداءً :

وبدليل , فيما يتعلق بوجهة نظرنا , من أن تحريم الخمر كان بمكة إبتداءً , وذلك بالإشارة إلى الذين آمنوا , لا المنافقين , قوله تعالى : قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151)الأنعام , مكية .

وقوله تعالى : قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (33)الأعراف , مكية .

وقوله تعالى :

فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (36) وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ (37)الشورى , مكية .

وقوله تعالى :

وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى (31) الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى (32)النجم , مكية .

ومن الفواحش عدَّ الزناالسحاق , ,واللواطالقذف بالبهتان , ونكاح زوجات الأب , والعدل بما عبر عنه بالقسط ,وإقامة الصلاة بما عناه بقوله أقيمو وجوهكم عند كل مسجد , بالتوحيد , وذلك على التوالي التالي ,

"1"

 بقوله تعالى : " وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا (32)الإسراء , مكية , فيما يتعلق بالزنا ,وقد عرفنا حد الزنا , من قوله تعالى : الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (2)– النور , مدنية .

"2"

وبقوله تعالى , بخصوص السحاق , واللواط , وحدهما أيضاً ,ومعاً :

وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا (15) وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآَذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا (16)– النساء , مدنية ,وقد جاء تعريف اللواط بقوله تعالى بشأن قوم لوط  :وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ (80) إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (81)الأعراف , مكية . , وبتعريف السحاق أيضاً , إضماراً ,في قوله تعالى على لسان لوط : أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ (165) وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ (166)الشعراء ,مكية .

فالتجاوز بالشذوذ قائم , من الذكر للذكر , ومن الأنثى بالأنثى .

 ولعل من رأى اجتهاداً , بحرق , أو رمي من شاهق , أو إحراق , الممارس للواط ,كان قد استنبطه , من قوله تعالى : كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ (33) إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا إِلَّا آَلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ (34) – القمر , مكية .ومن قوله تعالى : فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ (82) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ (83)- هود , مكية . وذلك , كعذاب مسلط قصراً , على قوم لوط .

"3"

وبالنسبة لقذف أعراض الناس الأبرياء :

إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (19)النور , مدنية .

وقد عرفنا حد القذف , من قوله تعالى  :

وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4) – النور , مدنية .

"4"

وبالنسبة لنكاح أزواج الأب في الجاهلية , فقد ورد النهي ب" لا " , وبالإشارة إليه أنه باطل , ومن عمل الجاهليين ,لكراهيته , وسوء سبيله كالزنا , وزيادة :

وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آَبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا (22)النساء , مدنية .

وقد حرم الله نكاح زوجات الأب مطلقاً ,بتحريمه نكاح حلائل أبنائكم , في سياق آخر من الأحكام , بقوله تعالى : " حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (23) – النساء , مدنية .

"5"

وبالنسبة لقذف أعراض الناس الأبرياء :

إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (19)النور , مدنية .

وقد عرفنا حد القذف , من قوله تعالى  :

وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4) – النور , مدنية .



"6"

وبالنسبة للعدل , بما عبر عنه بالقسط ,وإقامة الصلاة بما عناه بقوله أقيموا وجوهكم عند كل مسجد , بالتوحيد :

يَا بَنِي آَدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآَتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (27) وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آَبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (28) قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ (29) فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (30)- الأعراف , مكية .

4 . حد الخمر :

ولقد جاء قوله قوله تعالى بالمدينة بالقطع في تحريم الخمر بما يعنيه ذلك من تضمنٍ للحكم , حكم شارب الخمر , نقول ذلك لكي لايقول من يقول بانه لا حكم في القرآن الكريم لشارب الخمر , فالحكم قائم باعتبار الخمر فاحشة , وبذلك ترك الله امر الحد في الخمر لتقدير ولي الأمر , كما تركه من قبل , أي الحكم , باللواط : وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآَذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا (16)– النساء, وقد ثبت أن الإمام علي عليه السلام كان قد اجتهد باستنباطه الحد , بقوله : إن الرجل إذا شربَ افترى , فآجعله حد الفرية , ثمانون جلدة " .

وذلك كحد أدنى من التعزير باعتبار الخمر فاحشة , والميسر والأنصاب والأزلام , وباعتبارهم رجساً من عمل الشيطان ,  :

" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (91) – المائدة , مدنية .

هذا التحريم , بما يحتويه على حدٍ , ضمناً , كان مطابقاً ومفصلاً لما كان محرماً أصلاً بمكة ,من أمر الخمر وغيره كونها فحشاء , حيث قال الله تعالى : ".. أقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر  .." – العنكبوت , مكية .

وقال تعالى :"قل إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون .." – الأعراف , مكية .

وقال تعالى : "..إن الله يامر بالعدل والأحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون .."- النحل , مكية .

والفحش ,] في كل الأحوال[,  كل أمر لايكون موافقاً للحق , فهو فاحشة. - فقه اللغة للثعالبي .

الخلاصة :

وبذلك ننكر بالتشطيب على الرواية القائلة ضمن أسباب النزول , من أن عبدالرحمن , أو عمربن الخطاب ,وغيرهما , ممن تمت الإساءة إليهم لمئات السنين , بتلك الرواية المزورة , في كتب التاريخ والحديث , والتفسير , كما إننا بذلك , نشطب على ماسُمي بالناسخ والمنسوخ , بعلة التدرج , إذ لاتدرج في تحريم الفواحش ماظهر منها وما بطن , فالقطع بالمنع ابتداءً ,منهج الأديان الإلهية كلها ,وإنما كان التدرج في فك الرقاب ,لا بالتحريم اولاً , بل عن طريق الدفع رضاءً , ومراضاةً : "فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ (13) – البلد , مكية . بإعتبارها ملكاً لليمين , كحقوق , هي للآخرين اكتساباً , وهو أجدى مما لو منعها بالتحريم على وجه القطع , فالنفوس شحاحٌ حتى بين الأزواج : وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (128)- النساء , مدنية, وهو مالا ينسجم وتوجه الإسلام كليةً , في تطبيب ومعالجة النفوس باللين تلطفاً , لا بالإستبداد .




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق