الخميس، 23 أغسطس 2012

معاوية مرة أخرى / د. عبدالسلام الكبسي

د.عبدالسلام الكبسي
معاوية طليق وابن طليق ,

ومن يقول بأنه كاتب وحي , فجاهل بكل دليل .

عمر بن عبدالعزيز الأفضل , رغم أنف ابن المبارك , إذ لا يقاس المؤمن بالفاسق .

 

ليس معاوية صحابياً ,فقد كان من الطلقاء ,يؤلف قلبه بالغنائم , ولم يكن كاتب وحي مطلقاً والدليل الوحيد الذي يبدونه لنا , على أنه كان كاتباً للوحي باطلٌ , ذلك , لأن آية الكرسي , جزء من سورة البقرة , مدنية , نزلت بعد الهجرة مباشرة , لا بعد فتح مكة , وقت أسلم معاوية كطليق ,ولذلك , وبذلك , نشطب على مايروى عبر مسلم , من أنه عن ابن عباس أن أبا سفيان طلب من النبي ثلاثة مطالب " فقال للنبي : يا نبي الله ثلاثٌ أعطينـهن قـال: نعـم ـ منـها ـ قال : معـاوية، تجعله كاتباً بين يديك، قال: نعـم  " . فكان كما قيل عن ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ : لَمَّا أُنْزِلَتْ آيَةُ الكُرْسِيِّ ، دَعَا مُعَاوِيَةَ ، فَلَمْ يَجِدْ قَلَماً ، وَذَلِكَ أَنَّ اللهَ أَمَرَ جِبْرِيْلَ أَنْ يَأْخُذَ الأَقْلاَمَ مِنْ دَوَاتِهِ ، فَقَامَ لِيَجِيْءَ بِقَلَمٍ . فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " خُذِ القَلَمَ مِنْ أُذُنِكَ " . فَإِذَا قَلَمُ ذَهَبٍ ، مَكْتُوْبٌ عَلَيْهِ : لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ ، هَدِيَّةٌ مِنَ اللهِ إِلَى أَمِيْنِهِ مُعَاوِيَةَ .

ولقد كان عباس محمود العقاد أذكى بحيث نفى كتابة معاية للوحي , فربما كان قد استخدمه النبي لكاتبة رسالة , أو ماشابه , على الرغم مما صح لدى العقاد في كتابه معاوية في الميزان , بعدم صحبة معاوية للنبي , فما باللك ككاتب وحي .

وإنما وهو الحق , أن لمعاوية تاريخاً مشبوهاً , بالإنقلاب على شرعية علي بن ابي طالب كخليفة شرعي للمسلمين , والمجاهرة بقتاله حتى استتبت له الأمور ظفراً بالملك , وما أدراك ماالملك العضوض , وبقتله الصحابة , بالقتل والسم , وبوضعه للمرويات انتحالاً على النبي , وإلصاقاً بالإسلام , وتوريثه الحكم من بعده لآل أمية , وعليه , وهو ما يتناقض مع مارواه الترمذي  زوراً , في فضائل معاوية أنه لما تولى أمر الناس كانت نفوسهم لا تزال مشتعلة عليه ، فقالوا كيف يتولى معاوية و في الناس من هو خير مثل الحسن و الحسين . قال عمير و هو أحد الصحابة : لا تذكروه إلا بخير فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : اللهم اجعله هادياً مهدياً و اهد به.  

وغير ذلك مما يضحك ويبكي معاً , فحتى سيرته , وضعوا لها أحاديثاً , وكأن النبي لم يكن مشغولاً , في منامه إلا بمعاوية , وبتسجيل انجازاته بركوبه كأول البحر , وقد صرع الراوي برفسة من دابة , حسب بخاري ومسلم : عَنْ ‏‏أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ‏، ‏عَنْ ‏خَالَتِهِ ‏‏أُمِّ حَرَامٍ بِنْتِ مِلْحَانَ ‏‏قَالَتْ :‏ نَامَ النَّبِيُّ ‏‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏يَوْمًا قَرِيبًا مِنِّي ، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ يَتَبَسَّمُ فَقُلْتُ : مَا أَضْحَكَكَ ؟ قَالَ :‏ ‏أُنَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا عَلَيَّ يَرْكَبُونَ هَذَا الْبَحْرَ الأَخْضَرَ ، كَالْمُلُوكِ عَلَى الأَسِرَّةِ ، قَالَتْ : فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ ، فَدَعَا لَهَا ، ثُمَّ نَامَ الثَّانِيَةَ فَفَعَلَ مِثْلَهَا ، فَقَالَتْ مِثْلَ قَوْلِهَا ، فَأَجَابَهَا مِثْلَهَا ، فَقَالَتْ : ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ ، فَقَالَ : أَنْتِ مِنْ الأَوَّلِينَ ؛ فَخَرَجَتْ مَعَ زَوْجِهَا ‏ ‏عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ ‏‏غَازِيًا أَوَّلَ مَا رَكِبَ الْمُسْلِمُونَ الْبَحْرَ مَعَ ‏ ‏مُعَاوِيَةَ ،‏ ‏فَلَمَّا انْصَرَفُوا مِنْ غَزْوِهِمْ قَافِلِينَ فَنَزَلُوا ‏ ‏الشَّأْمَ ،‏ ‏فَقُرِّبَتْ إِلَيْهَا دَابَّةٌ لِتَرْكَبَهَا ،‏ ‏فَصَرَعَتْهَا ،‏ ‏فَمَاتَتْ .

وأما عن عمر بن عبدالعزيز , فمما لاشك فيه , أنه بعدله , وتقواه ,أفضل  في كل سيرته , لا من معاوية , إذ لايقاس المؤمن بالفاسق, بل من كثير ممن دعوا بصحابة , وليسوا في الصحبة ومنها في شيء , برغم  عبد الله بن المبارك ،الذي سيسأل : أيهما أفضل : معاوية بن أبي سفيان ، أم عمر بن عبد العزيز ؟ فقال : و الله إن الغبار الذي دخل في أنف معاوية مع رسول الله (ص) أفضل من عمر بألف مرة ، صلى معاوية خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : سمع الله لمن حمده ، فقال معاوية : ربنا ولك الحمد . فما بعد هذا؟ .

ولكنه الحقد الأموي على كل الطيبين , حتى ولو كانوا منهم , لمخالفتهم خطوات معاوية , وما أدراك ما معاوية , على صعيد ما يمثله في تاريخ المسلمين من عار وشنار كمستبد وضع تلموداً عبر مبادئ الجاهلية : من عصبية , وعنصرية , وعبادة الطاغوت , لكل الكهنة من منافقي المسلمين إلى يوم الدين .

إن هدمنا بالإدانة لهذا الصنم الأموي , يحقق لنا التقدم َكمسلمين شيعةً وسنةً ,  كخطوة أولى نحو تزكية العقول, بإعادة الإعتبار للأخوة في الإيمان , تصديقاً لقوله تعالى : إنما المؤمنون إخوة - صدق الله العظيم .

هناك تعليق واحد:

  1. لقد انهدم هذا الصنم الأموي .. العقل العربي يتطور بشكل كبير في ظل ثورة المعلومات وصغر العالم .. كنا في الماضي نسمع خطباء المساجد ونعتبر كلامهم في الدين من المسلمات .. لكن الحاضر الآن مختلف .. شكرا دكتور عبد السلام

    ردحذف