د.عبدالسلام الكبسي
هاروت و ماروت ,
ليسا ملكين كريمين .
رداً على الملاحدة العرب المعاصرين
وتصحيحاً لما علق
في أذهان عامة المسلمين ,بسبب الوضاعين من المفسرين الذين أخطأوا منهجياً , وسيخطئ
من يجاريهم إلى يوم الدين , بتفسير القرآن الكريم عن طريق الأساطير , والإسرائيليات
, نقولُ أن " هاروت , وماروت " بالقرآن
الكريم ليسا ملكين , هبطا من السماء , بل إنهما عالمان من البشر بما امتلكاه من
الخبرة بالعلم في الكيمياء , أو ما عبر عنه القرآن الكريم بالسحر :
قال الله تعالى:
{وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ
وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى
الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى
يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ
بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلا بِإِذْنِ
اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنْ
اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ
لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [البقرة: 102].
قلنا أن القرآنَ
عبر بالإشارة إلى السحر عن " الكيمياء " , فقد كان هذان العالمان يقومان
بمزج الأعشاب ,والمكونات , على تعددها , وتنوعها ,والتي من الممكن أن تنتجَ عقاراً
لتغيير العقل بالهلوسة مثلاً , فينتج عن ذلك , أن يتهم أحد الزوجين بالجنون ,
ويحدث الفراق .
وكان هذان
العلمان يعلمان الناس علم الكيمياء , بعد أن يوثقا لأنفسهما بأخذ العهد منهم :
" وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا
تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ
" ,فينكث أصحابُ العهود : " وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ "
صدق الله العظيم .
وبدليل أن السحر
الذي لايعني الكيمياء , كان مع سحرة فرعون , انطلاقاً من قانونه بخداع البصر .
وبخصوص كلمة :
" أنزل على الملكين ", فالإنزال هنا , بمعنى الإلهام الذي من الممكن أن تحقق
مع هاروت و ماروت , ويتحقق مع العلماء في كل مصر , وعصر .
وجاءت كلمة ملكِين
, بكسر الكاف , كقراءة ضمن القراءات المعروفة , وتعني من يمتلك علماً بالتحصيل
البشري .
والعلم إن لم
يتوجه للخير فهو فتنة , ولذلك لايدخل صنع القنبلة النووية ضمن الإبداع , لأنها ,
وإن كانت علماً , شرٌّ محض .
ومن كان عالماً
كهاروت وماروت , ولم يسخر علمه في الخير , فهو شيطان رجيم , وممن أضله الله على
علم , حسب القرآن الكريم .ِ
إن من ذهب
بالتفسير أنهما ملكان نزلا من السماء , يتصادم بالقرآن الكريم على طول الخط , حيث
يقول الله عز وجل :
وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلائِكَةً
فِي الأَرْضِ يَخْلُفُونَ [الزخرف:60] .
ويقول في مكان
آخر ,من القرآن الكريم :
ولو جعلناه
ملكاً لجعلناه رجلاً , وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ [الأنعام:9]
ويقول الله
سبحانه أيضاً :
قل لوكان في
الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكاً رسولا – الإسراء .
فلو هنا , يمتنع
معها , التحقق بالحدث , ويستحيل . بإعتبارها عند أهل اللغة وعلماء النحو ( حرف امتناع
لامتناع ) تقول : ( لو ذهبت معنا لسررت ) فامتنع سرورك لامتناع ذهابك ؛ لأن الأول متعلق
بالثاني ومشروط بوجود .
ولم يحدث في
تاريخ القرآن الكريم نفسه , أن ظهرت الملائكة إلا للأنبياء فقط , وعن طريق جبريل
فقط , ككائن متعدد , يطلق عليه ملائكة كجمع , وجبريل كمفرد , كما في قوله تعالى : فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب
أن الله يبشرك بيحيى مصدقا بكلمة من الله وسيدا وحصورا ونبيئا من الصالحين قال رب أنى
يكون لي غلام وقد بلغني الكبر وامرأتي عاقر قال كذلك الله يفعل ما يشاء قال رب اجعل
لي آية قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا واذكر ربك كثيرا وسبح بالعشي والإبكار
, آل عمران .
وقوله تعالى :
وإذ قالت الملائكة يامريم ان الله اصطفاك وطهرك .. , آل عمران .
هامش :
"1"
وقرأ الجمهور : فنادته
بتاء تأنيث لكون الملائكة جمعا ، وإسناد الفعل للجمع يجوز فيه التأنيث على تأويله بالجماعة
أي نادته جماعة من الملائكة . ويجوز أن يكون الذي ناداه ملكا واحدا وهو جبريل وقد ثبت
التصريح بهذا في إنجيل لوقا ، فيكون إسناد النداء إلى الملائكة من قبيل إسناد فعل الواحد
إلى قبيلته كقولهم : قتلت بكر كليبا .
"
2"
ماالقول في قراءة
قوله : (فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ
اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى )؟؟
أقصد كيف قرأ القرّاء
فعل المناداة منها ؟؟
والجواب أنّ فيه
قراءتين
الأولى "فنادته
الملائكة " بالتاء وهي قراءة أهل المدينة وبعضُ أهل الكوفة والبصرةعلى أساس أنّ
المنادي جمع الملائكة وهي طريقة عربيّة في تأنيث الأفعال المتقدمة لجماعة الذكور
--كقولهم" جاءت العبادلة "
الثانية " بالياء
" أي الذي نادى هوجبريل --فالملائكة عندهم بمعنى جبريل ذذكروا الفعل للتأويل وهي
قراءة بعض أهل الكوفة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق