د. عبد
السلام الكبسي
جنة
الخلد بالأرض ,
وآدم مكرم بالعقل , وأهل السماوات والأرض مسخرون
له بإذن الله , وقد كفر إبليس بالله انتصاراً لعنصره الناري ,
,
وخرافة الأرض خبزة أهل الجنة :
"
دعوة للشيعة والسنة بإعادة النظر في موروثهما الديني " .
ينبغي علينا أن نعرف أولاً , أن البناء
الفخيم للجملة القرآنية بما احتوته عليه
من مجاز , يمنحها المهابة , والديمومة , ولذلك كان التحدي كمعجزة , وكان التأويل
لما تشابه , وأما المحكم فهو واضح بجلاء , ولا يحتمل معنيين بل معنى واحد , وحسب .
وفي القرآن باعتباره نصاً مجازياً في معظمه
, الكثير مما عنته كتب البلاغة بالحذف كبلاغة , وبالتقديم والتأخير ,
والإلتفات , وبما اجترحه القرآن من الحديث
ضمن أزمنة متعددة , في سياقات مختلفة , لدى عالمين رئيسين هما : عالم الغيب وعالم
الشهادة , وذلك وهو ماتميز به القرآن , بالإشارة , والمركزة , والختزلة , وفي ذلك
تتسع الإشارة , وعليه فلا يمسه إلا المطهرون , والمس هو اختلاط الشيء بالشيء , ولن
يتحقق ذلك لأي فرد إلا إذا كان متوجهاً بالمعرفة , وخالصاً النية , نسأل الله أن نكون كذلك , وأن يفتح الله لنا
عموماً ما اغتلق على غيرنا , من أجل قراءة تفسيرية هادفة , تفيد , وتستفيد , في تجلٍ
للنص القرآني الفريد بامتياز .
جنة
آدم عليه السلام
من المعلوم , بنص القرآن الكريم , أنَّ جنة
آدم وزوجه , بالأرضِ
,إِذْ لم يكن بالسماءِ , حيثُ منها خُلق لأول مرةٍ , وفيها يعود بالموتِ , ومنها
يخرج بعثاً يوم القيامةِ , بنص القرآن الكريم :
" الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ
مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً
فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى (53) كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي
ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى (54)
مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ
وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى (55) – طه
, مكية .
وأن الجنةَ كانت بمرتفعٍ من الأرض , كأن
تكون بربوةٍ , بين أعالي الجبال , على وجه ماحصل لعيسى وأمه عليهما السلام في قوله
تعالى : وَجَعَلْنَا ابْنَ
مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آَيَةً وَآَوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ
وَمَعِينٍ (50)- المؤمنون , مكية .
ولذلك جاء
قوله تعالى , لهما , اهبطوا ,للثلاثة : آدم وزوجه , وابليس , بما يعنيه من
هبوط معنوي , ومادي بالخروج , على وجه الأمر قسراً , بعد أن :أَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا
فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي
الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ – الأعراف , مكية .
وبالمعنى فيما يتعلق بالهبوط نفسه الحاصل
مع بني اسرائيل كنزول فعلي من مكان مرتفع كالجبال إلى منخفظ كالسهل من الأرض : وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ
نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا
تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا
وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ
اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ
الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ
كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ
الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (61)
– البقرة , مدنية .
فقد هربوا , من حيث سار بهم موسى ليلاً إلى
الجبال : فَأَسْرِ
بِعِبَادِي لَيْلًا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (23)
– الدخان .
ولذلك ,عندما طلبوا منه تغيير المكان , بعد
الأمان , بحجة أنهم ملوا طعامهم الجبلي , قال لهم : اهبطوا مصراً , فإن لكم
ماسالتم , ومصر هنا بمعنى الأرض المنخفضة , والغدقة بالماء , والسهلة المنبسطة ,
حيث يزرع الفوم والعدس والبصل , وغيره .
العقل
أمانة , وتكريم :
وقد صرح الله في قرآنه الكريم , بأنه
ٌخالقٌ (جاعل ) في الأرضِ خليفةً , لا له , فالخليفة لايكون إلا لسلف مات , والله حيٌّ لايموت , بل
للمخلوقات من شجر وحجر وحيوانات وغيره ,بما معناه في الآتي من القرآن الكريم :
" وَلَقَدْ
مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلًا مَا
تَشْكُرُونَ (10)- الأعراف , مكية .
وكرمه بالعقل , وجعله الله , أي العقل ,
الفارق الوجودي ( الإنطولوجي ) بينه , وبين الحيوانات والطيور وغيره , وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ
وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ
وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا (70) – الإسراء .
وبما تعنيه الآيتين الآتيتين :
" 1"
وَعَلَّمَ
آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ
أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (31) قَالُوا
سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ
الْحَكِيمُ (32) قَالَ يَا آَدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا
أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ
(33) – البقرة
.
" 2 "
اقْرَأْ
بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)
خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2)
اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3)
الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4)
عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5) – العلق .
فاستعمال اللغة ليس إلا تعبيراً
أولياً عن قدرات الإنسان العقلية أساساً , وفي ذلك الإستعمال بما يعنيه من تسمية
الأشياء بمسمياتها , تقدم للعقل بالتجربة نحو الإبداع , بالتجربة .
وحمّله
الأمانة بالعقل تكريماً , وهو أسمى خلق الله , بما يعنيه من
أنسنة : إِنَّا
عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى ] أهل [السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ ] من ملائكة , وجن , وحيوانات , وطيور , ونبات , وغيره [
فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ
إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (72) - الأحزاب , مدنية
. ظلوماً جهولاً , بما يفهم من قوله تعالى : كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) –
العلق .
ولذلك , , وبذلك , نفهم مغزى أمر
الله للملائكة , بالسجود لآدم على وجهين , الوجه الأول : فإن سجودهم بمعنى , حسب
الإمام الهادي (ع) , أنه أراد بذلك : اسجدوا من أجل آدم , تعظيماً لخالقه , إذ
خلقه من أضعف الأشياء , وأقلها عنده , وهو الطين , فجاز أن يقال : اسجدوا لآدم
" , لما أن كان السجود من أجل خلقه – المجموعة الفاخرة , ص: 487 .: وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي
جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا
وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ
إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (30) وَعَلَّمَ آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا
ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ
هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (31) قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا
إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32) قَالَ يَا
آَدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ
أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ
وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (33) وَإِذْ قُلْنَا
لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى
وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (34)
وَقُلْنَا يَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا
مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا
مِنَ الظَّالِمِينَ (35) فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا
مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ
فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (36) فَتَلَقَّى آَدَمُ مِنْ
رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (37) – البقرة , مدنية .
والوجه الثاني , وهو مذهبنا في
التفسير تأويلاً , من أن المقصود بالسجود ,إنما بمعنى الخضوع بالتسخير ,تفوقاً
وامتيازاً ,بالعقل ,ولذلك , وهو ما يفهم من موقف ابليس , قال ابليس : فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ
مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (72)
فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (73) إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ
الْكَافِرِينَ (74) قَالَ يَا
إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ
أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ (75)
قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (76) – ص
.
انتصاراً للعنصر , لا للعقل إذ
هو خلاق , بما يدل على جهله , وعدم تفوقه , وكفراً بالله , وبما خلق على وجه
التميز . فهو أدنى من الملائكة من حيث الوجود , وأدنى من الإنسان .
وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا
لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا (61) قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ
لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ
ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا (65) – الإسراء , مكية .
قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا
تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ (32)
قَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ
مَسْنُونٍ (33) قَالَ فَاخْرُجْ
مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (34)
وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ (35– الحجر .
فقد احتج بالقوة , وهي حجة
مدحوضة , وقول مردود على صاحبه , فالقوة في العقل لأنه خلاق ,
ولذلك وبذلك , نفهم معنى : قَالَ عِفْريتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا
آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ
أَمِينٌ (39) – النمل .
ونفهم ماكان دور الجن بالنسبة
لسليمان عليه السلام ,قصراً على الأعمال
العسيرة , ذات الجهد والقوة لا الخلق والإبداع
, من قوله تعالى :
وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا
شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ
مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ
أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ (12) يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ
وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آَلَ
دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ (13) فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا
دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ
فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا
لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ (14) – سبأ .
ونفهم في هذا السياق , وهو
ماينبغي أن نفهمه , أن سليمان لم يكن يتواصل معهم مباشرةً , ولا مع الهدهد , ولا
مع البقية ممن هو غير البشر إلا عبر وسيط ( جبريل ) في كل الأحوال مطلقاً , وأن
النفرين من الجن الذين صرفهما الله : " وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ
نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآَنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا
أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (29) قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا
كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي
إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (30) يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ
وَآَمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ
أَلِيمٍ (31) وَمَنْ لَا يُجِبْ
دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ
أَولِيَاءُ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (32) – الأحقاف .
وأنهما لم يكونا يتكلمان اللغة العربية , ولا يفقهاها , بل
فهما مافهماه عن طريق الوسيط ( جبريل ) , وأن النبي عليه الصلاة والسلام لم يكن
يعرف , ولا التقى بأحد منهم , حتى اخبره الوحي :
قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا
سَمِعْنَا قُرْآَنًا عَجَبًا (1)
يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآَمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا (2) وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ
رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا (3) وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى
اللَّهِ شَطَطًا (4) وَأَنَّا
ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا (5) وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ
الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا (6) وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ
يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا (7)
وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا
وَشُهُبًا (8) وَأَنَّا كُنَّا
نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآَنَ يَجِدْ لَهُ
شِهَابًا رَصَدًا (9) وَأَنَّا
لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ
رَشَدًا (10) وَأَنَّا مِنَّا
الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا (11) وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعجِزَ اللَّهَ
فِي الْأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَبًا (12)
وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آَمَنَّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ
فَلَا يَخَافُ بَخْسًا وَلَا رَهَقًا (13) –
الجن .
وأهمية الوسيط تتأتى من الفارق الوجودي الإنطولوجي بين المخلوقات ,
بعضها ببعض , في علاقتها بالخالق , فثمة أرقى , ثمة أدنى من حيث الخلق بالتكريم ,
ولاشك أن الإنسان أرقى من كل المخلوقات بالعقل
, لكنه يطغى , ويتجبر متألهاً باتباعه خطوات الشيطان , فكان لابد من الوعد
والوعيد , والجنة والنار خصوصاً , وقد حمله الله الأمانة بالعقل , وأخذ منه عهداً
بالتوحيد : وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ
بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ
أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ
إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (172) – الأعراف .
فالتوحيد , توحيد الله , قائم في جبلتهم , بالفطرة منذ البدء , لكن
الإنسان , من صفاته , الطغيان , والوهن , والنسيان .
ويأتي سجود الملائكة لله سبحانه , مثلما مر , قبل قليل , فعلياً ,
ولآدم مجازياً بمعنى الخضوع بالتسليم له ككائن متفوق , في تسخير الكون من أجل
الإنسان , ولذلك , كان منهم من يحفظ الكون , ومنهم من يستغفر للذين آمنوا : "الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ
وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ
وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً
وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ
الْجَحِيمِ (7) – غافر .
ومنهم من يثبت بالإطمئنان , ومنهم من يبشر : بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا
وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ
بِخَمْسَةِ آَلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ (125) وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ
وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ
الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (126) – غافر .
وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَامًا كَاتِبِينَ (11) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ (12) –
الإنفطار .
قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى
قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى
لِلْمُؤْمِنِينَ (97) مَنْ كَانَ
عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ
اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ (98) – البقرة .
الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ
سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (32) هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ
تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ كَذَلِكَ فَعَلَ
الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ
يَظْلِمُونَ (33) – النحل .
قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ
تُبَشِّرُونَ (54) قَالُوا
بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْقَانِطِينَ (55) قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ
إِلَّا الضَّالُّونَ (56) قَالَ
فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ (57)
قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ (58) إِلَّا آَلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ
أَجْمَعِينَ (59) إِلَّا
امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ (60) –
الحجر .
إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي
مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ (9) وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى
وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ
إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (10)
إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ
السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ
وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ (11) إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ
أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آَمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ
كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ
بَنَانٍ (12) – الأنفال .
إلى آخر المهام الوكلة إلى الملائكة , وهي كثيرة , ومتعددة , وفي صالح
الإنسان , لكن الإنسان يطغى بالكفر , ومع ذلك يتبع خطوات الشيطان , وعلى ذلك سار الكافرون , في منطقهم تجاه الحق , وأهل الحق ,
متبعين خطوات الشيطان : ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ
بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالُوا
أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا وَاسْتَغْنَى اللَّهُ
وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (6) – التغابن .
وَقَالَ
الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ
قَوْمٌ آَخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا (4)
وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ
بُكْرَةً وَأَصِيلًا (5) قُلْ
أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ
كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (6)
وَقَالُوا مَالِ هَذَا
الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنْزِلَ
إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا (7) أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ
جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا
مَسْحُورًا (8) – الفرقان .
وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ
مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لَا يُنْظَرُونَ (8) – الأنعام .
قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ
اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ
أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ
أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ (50)
وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ
لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (51) –
الأنعام .
وقد نهاهم الله , وحذرهم من
اتباع خطوات الشيطان بقوله تعالى : يَا بَنِي آَدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ
الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا
لِبَاسَهُمَا ] لباس الإيمان والتقوى
بالوسوسة [لِيُرِيَهُمَا سَوْآَتِهِمَا ]
سوء فعلهما بمخالفة أمر الله , فقد أكلا من الشجرة التي نهاهما الله أن يأكلا منها
[
إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ ] بالوسوسة [إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ
أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (27) – الأعراف .
وتتمثل
خطوات الشيطان أيضاً , في ماعبر عنها القرآن الكريم بالتالي , من الآيات
الآتية :
وبقوله تعالى : " يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي
الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ
لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (168)
إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ
بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا
تَعْلَمُونَ (169) – البقرة .
وبقوله تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آَمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ
الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ
يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ
عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ
اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (21) – النور .
وبقوله تعالى :
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا
ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ
الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (208) – البقرة .
وبقوله تعالى : وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا
ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ
بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلَا يَصِلُ
إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ سَاءَ مَا
يَحْكُمُونَ (136) وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ
الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا
عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا
يَفْتَرُونَ (137)وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ
وَحَرْثٌ حِجْرٌ لَا يَطْعَمُهَا إِلَّا مَنْ نَشَاءُ بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَامٌ
حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَامٌ لَا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا
افْتِرَاءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِمْ بِمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (138) وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الْأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا
وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ
شُرَكَاءُ سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (139) قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ
وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا وَمَا
كَانُوا مُهْتَدِينَ (140)
وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ
وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا
وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآَتُوا حَقَّهُ
يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (141) وَمِنَ الْأَنْعَامِ
حَمُولَةً وَفَرْشًا كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعُوا
خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (142)
– الأنعام .
وهو نفسه منطق الإستبداد :
فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ
حَاشِرِينَ (53) إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ
قَلِيلُونَ (54)
وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ (55)
وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ (56) – الشعراء .
وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا
قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا
اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ
وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ
يَوْمٍ مُحِيطٍ (84) وَيَا
قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا
النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (85) بَقِيَّةُ اللَّهِ خَيْرٌ
لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (86) قَالُوا يَا شُعَيْبُ
أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ
فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ (87) –
هود .
إلى آخر ما جاء في القرآن مخبراً
عن قوم كل نبي , بما طغوا , وأسرفوا , فذهب الله بهم , وعجل لهم العذاب , ولعذاب الآخرة أشد وأنكى .
ثلاث
مراحل في خلق الإنسان
الخلق
كعنصر ابتداءً ثم بالجسد تصويراً , ثم الروح :
يقول الله تعالى :
وَلَقَدْ
خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا
لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (11 ) قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ
أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ
طِينٍ (12) قَالَ فَاهْبِطْ
مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ
الصَّاغِرِينَ (13) قَالَ
أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (14)
قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (15)
قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16) ثُمَّ لَآَتِيَنَّهُمْ مِنْ
بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ
وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (17)
قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ
لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ (18) – الأعراف , مكية .
خلق الله
العنصر الآدمي ابتداءً ,ثم صوره جسداً كمرحلة ثانيةٍ , ثم نفخ فيه الروح
ثالثاً, بالمعنى المجازي للروح , مادامت كلمة النفس تعني في شق واحد الجوهر
الاثيري للإنسان , لا الجسد ,وهو ما يمكن ان نفهمه من قوله تعالى : " وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ
لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (28) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ
وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (29) فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ
(30) إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى
أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ (31)
– الحجر .
فحسب الآية السابقة فإن المراحل, مراحل
الخلق الثلاث , واضحة , ومن الممكن
التعبير عنها عبر التقسيم الآتي :
الأولى : الصلصال : بشراً من صلصال من حمإٍ مسنون " , بمعنى أصل
الشيء كبشر .
الثانية: التسوية: " فإذا سويته " , " ثم صورناكم " بمعنى الجسد . بما
عبر عنه القرآن , بالنسبة لصورناكم , وبالنسبة للنفخ كمرحلة ثالثة " ونفخت فيه من روحي " ,
بمعنى الطاقة / الحياة , في أكثر من موضع من القرآن بالنسبة للبعث مثلاً , وهو ملن
يكون ابتداءً من عدم معدوم : " وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ
بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ
يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ
الْخَبِيرُ (73) – الأنعام , مدنية .
فَإِذَا
نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ (13) –
الحاقة .
وَهُوَ
الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ
فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ
عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (73) – الأنعام .
وبالنسبة للموت قبل البعث , والقيام بعد
الموت للبعث :
وَنُفِخَ
فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ
شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ (68) – الزمر .
عوداً
على بدء
وهو ما يمكن أن يكون جلياً هنا ,فيما يتعلق
بمراحل خلق آدم الثلاث , من قوله تعالى :
الَّذِي
أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ (7) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ
سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (8)
ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ
وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ (9) – السجدة
.
فالخلق هنا , تم على ثلاث مراحل : مادة
الخلق , فالجسد , فالروح .
وبدليل قوله تعالى بشأن عيسى (ع) :
وَيُعَلِّمُهُ
الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (48) وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي
قَدْ جِئْتُكُمْ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ
كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ
وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ
وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي
ذَلِكَ لَآَيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (49) - آل عمران .
فالخلق على ثلاث مراحل الأولى : " أني اخلق لكم من الطين " , والثانية : " كهيئة الطير
" , والثالثة : "
فأنفخ فيه " , مما يحسم الأمر
بهذا الشأن .
خلق
عيسى (ع)
وأما قوله تعالى بشأن عيسى عليه السلام: إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ
اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (59) – آل عمران .
فليس معناه , أنه خلقه كآدم ابتداءً , عبر
الثلاث المراحل , بل على مرحلتين , وذلك بوجود والدته كمرحلة ثالثة من سلم الخلق
من خلق آدم , وبوجود كل والدة , فيما بعد آدم نفسه : هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي
الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (6) - آل عمران , وذلك , بشأن خلق عيسى
:
وَالَّتِي
أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا
آَيَةً لِلْعَالَمِينَ (91) –
الأنبياء . وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا
فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ
الْقَانِتِينَ (12) – التحريم .
جنة
الخلد في الأرض :
الآيات التالية تخبرنا بوضوح , وبصوت مرتفع
أن البعث بالأرض , كما كان الخلق , والمعاش : مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ
وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى – سورة طه , مكية .
وأن النار , والجنة أيضاً , بالأرض نفسها ,
وذلك بمفهوم : يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ
وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (48) - ابراهيم .
فالفيزياء ,ستتغير بقوانين المادة التي
نعرفها :
وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ
وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ
بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ( 67 )
وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي
السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ
أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ (68) وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ
رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ
بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (69) وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا
عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ (70) وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا
إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ
لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ
آَيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى
وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ (71) قِيلَ ادْخُلُوا
أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (72)
وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا
جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ
طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ (73) وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ
وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ
فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِين 74 -وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ
الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (75) – سورة الزمر ,مكية .
وعليه , نقول , وهو مذهبنا , أن الجنة
والنار غير موجودتين الآن , إذ لايمكن مع قيام القيامة بهدم كل شيء , من أجل بناء
كل شيء أخروي , أن يكونا موجودتين , ومادامت القدرة بكن كائنة , فذلك هو الحق .
نقول ذلك , وبقولنا نقر كل ما جاء بالقرآن
الكريم , ونشطب على كل الأحاديث الموضوعة بشأن رؤية النبي (ص) , لأهل الجنة في
الجنة , وأهل النار في النار , لأنهما ضمن عالم الغيب , ولا يعلم رسول الله الغيب
, فما بالك , أن يدخل فيهما , وهما من شأن الله .
خرافة
الأرض خبزة
نعرض هنا , حديثاً لاشك أنه من وضع الوضاع
, ومازال يقرأ , ويدرس على أنه للنبي (ص) , في كتب الصحاح ,وهناك غيره من الأحاديث
الموضوعة بالمئات لا لدى السنة فحسب وإنما الشيعة , ونحن بذلك , لانسيء إلى أحد ,
بقدر حرصنا على تحري الحقيقة , وتحرير العقل , فقد آن الأوان , لمساءلة الموروث
بما يحمله من مواقف , ورؤى , ومنقولات , وأحاديث , وسير , وغيره , وأن لا مقدس ,
إلا القرآن الكريم , فمثل أن يروى , كما سترى , أن طعام أهل الخلود الآتي :
(3)
باب نزل أهل الجنة 30 - (2792) (حدثنا) عبد الملك بن شعيب بن الليث حدثنى ابى عن
جدى حدثنى خالد بن يزيد عن سعيد بن ابى هلال عن زيد بن اسلم عن عطاء بن يسار عن
ابى سعيد الخدرى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تكون الارض يوم القيامة خبزة
واحدة يكفؤها الجبار بيده كما يكفؤ احدكم خبزته في السفر نزلا لاهل الجنة قال فاتى
رجل من اليهود فقال بارك الرحمن عليك ابا القاسم الا اخبرك بنزل اهل الجنة يوم
القيامة قال بلى قال تكون الارض خبزة واحدة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال فنظر الينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ضحك حتى بدت نواجذه قال الا اخبرك
بادامهم قال بلى قال ادامهم بالام ونون قالوا وما هذا قال ثور ونون يأكل من زائدة
كبدهما سبعون الفا ففسروها به ولو كانت عربية لعرفها الصحابة ولم يسألوا عنها.
ونحن بين أيدينا القرآن الكريم يتلى ,
ولايقال في ذلك شيء من التصحيح بالتشطيب على الخرافات , فذلك , جهل , وتجاهل ,
خصوصاً , وقد جاءت الآيات تلو الآيات وأنبأت بطعام أهل الجنة , وشرابهم , وبأن
رسول الله لا يفتي , ولايقر أحداً على شيء , إلا بما أراه الله : إِنَّا
أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا
أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا (105)
النساء .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق