الأربعاء، 29 أكتوبر 2014

حكم المرتد د.عبدالسلام الكبسي





 

دعوة للنقاش

 

" لا وجود في القرآن من عقاب للمرتد إذ " لا إكراه في الدين " , مالم يثر في الأرض الفساد ".

 

 

" 1 "

 

لا يحق للمحكمة السودانية قتلها إن ارتدت عن الإسلام مالم يصدر منها كفر صراح بالفساد في الأرض , ولا جلدها وهي حامل حتى تضع وليدها , ثم ترضعه عامين كاملين , ثم يسقط الحد تلقائياً فقد تقادم العهد عليه , وبذلك تنجو . هذا رأيي , ومن مواقف أمير المؤمنين علي عليه السلام نستمد فآقرأوا معي الآتي : " لما كان في ولاية عمر أتي بامرأة حامل ، فسألها عمر فاعترفت بالفجور ، فأمر بها عمر أن تحد . فلقيها علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) فقال : ما بال هذه ؟ فقالوا : أمر بها عمر أن تحد . فردها علي فقال : أمرت بها أن تحد ؟ فقال : نعم ، اعترفت عندي بالفجور . فقال علي : هذا سلطانك عليها ، فما سلطانك على ما في بطنها ؟ ! قال : ما علمت أنها حبلى . قال أمير المؤمنين : إن لم تعلم فاستبر رحمها . ثم قال علي : فلعلك انتهرتها أو أخفتها ! قال : قد كان ذلك .فقال عليه السلام : أوما سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : لا حد على معترف بعد بلاء ؛ إنه من قيدت أو حبست أو تهددت فلا إقرار له . قال : فخلى عمر سبيلها ".

يقول الله تعالى : " يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ " , وعليه مالم يحرض على الفساد في الأرض , فحسابه على الله سبحانه و تعالى .

 

 

" 2 "

 

 

دعوى الجهاد بمحاربة الردة :

أمر الله على وجه القضاء بالإحسان إلى الوالدين , و بالرفق بهما إن كانا كافرين حتى لو ضغطا بدأبٍ و حثٍّ على ابنهما المؤمن إلى الشرك بالله , فمن أين جاء التكفير , حتى يخرج الناس على الناس  شاهرين الموت بدعوى الجهاد في محاربة الردة ؟

يقول الله تعالى في سورة العنكبوت : " وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ  " .

ويقول أيضاً , في سورة لقمان : " وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ  وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ  , صدق الله العظيم

 

 

 

 

" 3 "

 

بمناسبة محاكمة المدون  اليمني علي علي السعيدي الذي لم يثبت ارتداده , 3ديسمبر2012:

 

 

 

حكم المرتد عن الإسلام :

 

دعوة للحوار

 

 ليس هناك حكم واضح بالقرآن الكريم بالنسبة لمن يبدل دينه , إلا أن الفقهاء اجتهدوا في ضوء ما حدث في حروب الردة من قتل وسبي وتنكيل بالقتل على من ارتد عن دينه ليبرروا ماحدث , وقد حدث أن امتنع مالك بن نويرة حسب الروايات عن أداء الزكاة للمركز بالمدينة من الخلافة , بحجة أن زكاتنا لفقرائنا , فكان ماكان من قتاله وسبي نسائه كخطأ تاريخي مازال يتحمل تبعاته المسلمون إلى ال...

 

يوم .

واذا كان مالك لم يبدل دينه بامتناعه عن تأدية الزكاة للخليفة , فهل يحق لهذا الأخير اليوم أن يشن حرباً على أمثاله ومن معه بالقتل والسبي ؟

 وما موقف الإسلام تجاه من يرتد عن دينه بالكفر ؟ دون أن يفسد في الأرض ؟ فقد علمنا حكم من يفسد بالأرض سواء كان مسلماً أو غير مسلم .

لنتأمل الآيات الآتية من خلال العناصر الآتية :

 

 " 1 "

حكم موسى التوبة بقتل النفس , على من يبدل دينه من واقع القرآن الكريم :

وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم ( 54 ) , صدق الله العظيم .

 

 "2"

ولأن قتل النفس , في هذا السياق , ليس في القرآن بالنسبة للمسلمين , يقول تعالى : " ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا وإذا لآتيناهم من لدنا أجرا عظيما ولهديناهم صراطا مستقيما " , صدق الله العظيم .

 

 "3 "

رأي القرآن فيمن يرتد عن الإيمان بالكفر , هو التالي من قوله تعالى :

 

لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدْ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ(256). البقرة.

 

وَقُلْ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا(29). الكهف. فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ(21)لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ(22)إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ(23)فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ(24)إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ(25)ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ(26). الغاشية.

 

نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ(45).ق.

 

فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتْ الذِّكْرَى(9)سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى(10)وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى(11)الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى(12) ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَا(13)قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى(14)وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى(15)بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا(16)وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (17).

 

إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا(19). المزمل.

 

رأينا :

لا نقول بالقتل على من ارتد ولم يرتدد بالمجاهرة على وجه الفحش , لعدم ثبوت الحكم بالقرآن الكريم على وجه صريح , ونشير الى ماسيترتب من ذلك الفعل الصراح , في حرمان المرتد من التوارث بالمسلمين , ومن تغيير اسمه , وما يتعلق معه من تشويه في وجوده نفسياوحسيا , علاوة على حرمانه عند الموت من الصلاة والدفن بين المسلمين , وما هو منتظر له كعقاب أخروي .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق