السبت، 6 أكتوبر 2012

زواج المتعة د.عبدالسلام الكبسي

د.عبدالسلام الكبسي
 
بخاري ومسلم شرعا المتعة للشيعة ,
ثم التوى أهل السنة للتشنيع عليهم بالمتعة , وهم يقرأون بخاري ومسلم كنصوص معصومة .
والزيدية أقروا بوجودها كأهل السنة , وقالوا بتحريمها بعد فتح مكة نسخاً ,بينما القرآن الكريم لايعترف إلا بالزواج الشرعي بالنص .
والحكم في المتعة أنها زواج شرعي لكنه ناقص , ويلزم القاضي تصحيحه ,حال وقوعه , وينسحب حكمه على المسيار , والزواج فرند والعرفي , والسياحي وغيره , لإنتقاصها حقوق المرأة ,علاوة على البعد الإنساني .ومن يقول بأن المتعة زنى , فقد قذف من تمتع لألف و...
أربعمائة عام , من المسلمين . فآتقوا الله في المرأة , أيها السنة والشيعة , فقد كرمها الله بالزواج الشرعي الكامل .

يقول الله تعالى : " وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (24) "– النساء .
تؤكد الآيات السالفات على الزواج الشرعي من غير المحرمات : وأحل لكم ماوراء ذلكم مهراً بما عبر عنه ب" أجورهن " ,بأموالكم " محصنين " غير " مسافحين " , وإنما زواج المتعة كان عادة أموية قبل أن تكون عباسية , لا قرآنية , فقد أشاعوا تحليله بعد انتصارهم مباشرة على الأمويين على شكل الفرمانات بين الأمصار .
ولم يحدث , بناء على ذلك , أن رخصه القرآن الكريم حتى حرمه النبي عليه السلام بعد فتح مكة حسب الرواية الزيدية , ولا كان موجوداً أصلاً بين مكة والمدينة حتى قبض رسول الله (ص) إلى أن ساهم عمر بن الخطاب في حظره بالمنع , على حد صحيح البخاري ومسلم: " نزلت آية المتعة في كتاب الله ففعلناها مع رسول الله ولم ينزل قرآن يحرمه ولم ينه عنها حتى قلت قال رجل برأيه ماشاء , قال محمد يقال إنه عمر" , وتأويلاً للآية نفسها التي حسب رأيهم شرعت للزواج المنقطع , أو المؤقت , أو ما صار بالمتعة مشهوراً , أو أن الآية نسخت بالتحريم , وأن النسخ وقع بالسنة , لا بالقرآن لدى أهل السنة , بينما ينكر الشيعة النسخ بإحلالها.
وبدليل قوله تعالى على عدم صحته , في مكة , قبل الهجرة , أي قبل أن تنزل ماسمي بآية المتعة : " وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7) – المؤمنون , مكية .
وقوله تعالى بسورة المعارج : " إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (30) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (31)- المعارج , مكية .
فقد أحل الله للمؤمنين أزواجهم أو ماملكت أيمانهم , وإن تجاوز ذلك يعتبر تعدياً على الشرع بالزنا .
وفي ذلك مايؤكد أن لا متعة في مكة ولابعد الهجرة من مكة , إلى يوم الدين .
ولأن السنة لاتنسخ القرآن , ولأنه أساساً لم يكن مباحاً حتى حرم مثلما مر وتكرر, وإنما الناس وقت تم الوضع بالتدوين , لم يكونوا قريبي عهد بزمن النبوة , وقد أربكتهم بالتضليل روايات البخاري ومسلم كما هي العادة ,بسبب التزوير من لدن الأمويين , علاوة على ماوصلهم, أي الشيعة الإمامية , في أسانيدهم , ومروياتهم , فكان ماكان .
"2"
ولقد رأى علماء الشيعة , أن يضعوا لما سمي بزواج المتعة , شروطاً قاسية , مادام لم يصح عندهم تحريمه,كوجوب تعيين المهر ومدته , والتراضي بين الطرفين , وكحرمة التمتع بذات محرم , كما في الزواج الدائم , وعلى المرأة المتمتع بها أن تعتد بعد انتهاء الأجل بأكثر من حيضة , وبأربعة أشهر وعشرة أيام في حالة وفاة زوجها ,وليس بين المتمتعين إرث ولانفقة فلا ترثه ولايرثها , والولد من الزواج المؤقت كالولد من الزواج الدائم . (1)
رأينا :
وعلى الرغم من صحة ماذهب فيه علماء الشيعة من شروط شرعية له كنكاح , لا كسفاح في التراضي ووجوب المهر وغيره , مما يصح بهما وحدهما , كزواج شرعي , إلا أن مثل هذا الزواج ناقص , بالتوقيت , وبعدم التوارث, وإن تم , فلا يعد زنى , بل حلالاً ناقصاً , يلزم القاضي أو ولي الأمر تثبيته بفرض الإرث والنفقة ,لأنهما حق فرضه الله للمرأة ,ولايسقطان بالتدليس ,وإنما هرب الرجل به من تحمل المسؤولية لعجزه عن القيام بها , علاوة على أن الفقه الإسلامي ذكوري ,لاشور للمرأة فيه ,لا في الزواج بمثل ما مرفحسب بل الدية , الحق في الإختيار , وتحليل زواج الطفلة دون السن القانونية , وغيره , وسيسقط التوقيت تلقائياً إذ لامعنى له , مادام الأمر مبيتاً بالنيات في السر والعلن , بالفراق , إذ أن ذلك من شأن الزوجين بالإتفاق والمراضاة .
إن تثبيت عقد نكاح المتعة من لدن القاضي واجب القاضي نفسه , باستكمال حقوق المرأة عملاً بالقرآن الكريم حسب الآية نفسها , وغيرها ضمن هذا الإطار بخصوص الزوجين , وانطلاقاً من قاعدة : كل شرط ليس من كتاب الله بالعقد فهو باطل , ومن أجل ذلك لم ينظر الإمام علي في تمكين العصمة للمرأة دون الرجل مثلاً , مايبرر لها ذلك , بإعادتها للرجل . وقد شاعت هذه الأيام فتاوى على غرار المتعة ,ورأينا أن الحكم في المتعة ينسحب على المسيار , والزواج فرند والعرفي وغيره ,من حيث صحة العقد إلا أنها تنتقص حقوق المرأة بشكل وآخر,وتتنافى مع ميثاق الزواج , في قوله تعالى : " وقد أخذن منكم ميثاقاً غليظا " بالتقى والتقوى , وتتعارض مع الزواج كسكن , ومودة ورحمة : " وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21) " – الروم .
فآتقوا الله في المرأة , أيها السنة والشيعة , خصوصاً , وقد كرمها الله بالزواج , وجعل من تحققه أمراً سهلاً وميسوراً في قوله تعالى : " وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (25) يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (26)- النساء .
وفي قوله تعالى على وجه الوعد بالرزق : " وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (32) وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآَتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آَتَاكُمْ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ (33)- النور , مدنية .
وفي قوله تعالى بشأن السكن , والنفقة :
أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى (6) لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آَتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا (7)- الطلاق .
إلى آخر الآيات القرآنية التي فرضت للمرأة حقوقاً , وكرمتها بفروض لها وعليها , وهي كثيرة , كخطوة نحو المساواة بينها والرجل إلا فيما ليس لها كحل لها وتخفيف عليها وبما يتناسب مع استعدادها الفطري في الخلق لأداء مهامها في الحياة كزوجة وأم .
في هذا السياق نشير إلى ما نسب لرسول الله (ص) , من أقوال جاءت بصدد التخفيف والتيسير, فالدين يسر : " التمس ولو خاتماً من حديد " .

.............................
(1) حسب محمد التيجاني السماوي في كتابه مع الصادقين , ط1 , 1989 , مؤسسة الفجر , لبنان , بيروت , ص:191 , 192 .
 
 
  • د.محمد قاسم علي قحوان المرجع للتيجاني وهو من اعماق الشيعه الاثنى عشريه

  • ليست هناك تعليقات:

    إرسال تعليق