الأحد، 15 يوليو 2012

قراءات في تجربة الشاعر عبدالسلام الكبسي




قراءة في المجموعة الشعرية الكاملة للشاعر د. عبد السلام حسين الكبسي

الثلاثاء , 9 يناير 2007

"الشاعر مسكوناً بالوجع الانساني " :

مسلم جاسم الحلي

إن المشهد الشعري لقصائد الشاعر (د. عبد السلام حسين الكبسي) في المجموعة الشعرية الكاملة يمتلك بعداً انسانياً واعياً على أساس الدخول في تقنيات القصيدة بأنها بناء موضوعي شامل بلغة مؤثرة مأنوسة، فهو يهتم بالقصائد القصيرة حدّ الصورة المكثفة الموحية إذ يعطي الشاعر مفاتيحه ليشترك معه القارئ ومكملاً لفضاءاته، فهو مكتنز بالصور المتتابعة ليكون نسيجاً موضوعياً فاعلاً، فالقصيدة عنده هم، فهو مسكون بها، فقصائد الشاعر تصل الى الروح والعقل، فهي ليست قصائد عفوية، وإنما التزام شعري يدل على الوعي الذي يميز القصائد ويمنحها قدرة التكامل.. ففي قصيدة (الله) (سألت/ الحسين/ عن الله/ فاختلجت بالرؤى/ كربلاء) ص287... هذه القصيدة تحمل دلالة انسانية ودفقات ايمانية لتجسد الفعل الانساني.

فقصائد المجموعة تؤكد الوعي الانساني بمفردات شفيفة معبرة (السهل الممتنع) لتحمل منولوجاً داخلياً تحس من خلاله هذه الموسيقى تستوقفنا للتأمل من خلال مفرداته الشفيفة الباعثة على التأمل وهي مركبة في فعلها عميقة المعنى مكثفة في صورها ومدركة لأبعاد التجارب الشعرية الحديثة متجاوزة التجريد منطلقة في بنائها على أساس الصورة والفعل واللغة.. ففي قصيدة (زيد بن علي “ عليه السلام) استعمل الشاعر لغة خاصة لنقل أفكاره وبصياغة ليست معقدة أو مرتبكة..(قل: هو الموت/ كيما/ أقول:/ لماذا الحياة؟!) ص288. نجد فيها عمق المعاناة والصراع وسهولة التركيب، وهي ترتبط بثقافة الشاعر الدينية والهم الإنساني وحب أهل البيت (عليهم السلام) يقول في قصيدة(الحسين). (فحيث الدماء تسيل يكون الحسين هو (المنتظر)/ فلا ليل ثمة،/ لا قيد،/ لا طامة، أو قدر) ص261.

إن تجربة الشاعر (الكبسي) تتمثل في عطاءات روحية بالغة الأهمية والمتأتية من حب أهل البيت الأطهار والمؤكدة بالاستغراق والنقاء وحالات الصفاء والشعور بالرهبة والخشوع.

إن معظم قصائده متأتٍ من رفض الظلم والطغيان ففي قصيدة (الطغاة) يقول:( يخرج/ الحب من زهرة القلب،/ والشعر من قبة الروح،/ والنور من حدقات الظلام،/ ويخرج من سنن الجور مجد الطغاة) ص266.

إن ثراء اللغة عند شاعرنا مرتبطة بثقافته، واتقان فنه حيث استطاع أن ينهض بتصوير المعنى والنفاذ به، وحمله الى أعماق النفس بشكل مؤثر معبراً عن روح شعرية ملتزمة بدون تزويق لفظي بعيدة عن التكلف.. وترتكز على الشمولية في الرؤيا وفضاءات الوجدان، فهو يكتب نصه الشعري المعبر عن روح العصر، ونجد التداخل بين الحاضر والماضي حيث يمتزج مع معطيات الحياة، وقد تعالت في شعره الدعوة الى نبذ الحقد والحرب، ففي قصيدة(الحرب)..(من يبادلنا الحب/ سوف نبادله الحب/ إن الذي سوف يختصر الحرب/ في جملة من عبير الرجولة،/ أجملنا، بالسلام/... إن حرباً/ سنوقدها بالظنون/ ونحرض، في الضوء، أشعارنا والشجون/ والسنابل أكبادنا والعيون/ ص269.. ففي ذات القصيدة الدعوة الى نبذ الحقد والى فعل الخير، والتحلي بمكارم الأخلاق، وتأكيد الهم الإنساني، واشاعة الحب والألفة، فالمحبة تشغل شاعرنا..( كم هي الحرب مؤلمة. لن يحس بها/ غير/ منتظر وردة لا تكون) ص271.وعندما نقرأ قصيدة (النص/ الجسد) نجدها تحمل في طياتها صورة شعرية فاعلة تدفع الموقف الشعري الى وحدة السكون والصمت. يمكن أن نستشف حالة من الاغتراب في ثنايا القصيدة..(خدر/ في البدء “يجيني”/ من خلف سحاب/ يتحول في جسدي زلزلة وعذاب) ص31... (فلماذا حين يجيء الليل،/ أعود الى ما بين الموت؟/ وبين الموت/ خدر، زلزلة وعذاب) ص32.

 هذه القصيدة طافحة بالابداع للتعبير عن الذات بوعي، فهي فعل لغوي وطاقة تشير الى درجة عالية من التركيز البنائي المحكم.وعندما نقلب المجموعة نقف أمام قصائد الشاعر وهي تؤكد على الخوف والخراب والموت والظلم والطغيان والغموض والصمت والحب والسلام والأحلام..فقصائد المجموعة طافحة بالحركة والابداع والشمولية في الرؤيا، هي ثورة في المضامين والموسيقى مشحونة بالتناقضات بين قيم الخير والشر.(يرسم، في الليل، ملاكاً يتعذب/ إنساناً مصلوباً بالحب/ وجه حصان أشهب/ للموت تأهب)ص9.( لتنتهي أزمنة من غبار ودم/ وأجنحة لا تقاوم الرياح/ في ليل القصيدة) ص13..( وطني محفوف بالخوف،./ بعيد عن أشواق العصر ، بعيد جداً جداً) ص22.في قصيدة (جدار الريح) يجسد الشاعر الإحساس بمسؤولية الموقف، يتحرك في أفق رحب ويسعى للتوحد يعبر عن حالة حزن مشوبة بالغضب، ونجد أن لفظة (الموت) هي السائدة في معظم القصائد..(علمتني الكلمات الحياة/ وسراديب المياه/ احتراف الموت والمنفى،/ وأسوار الدماء) ص34. (أموت وأضرم النيران) (الى كل شاعر مات أو سيموت) (بالاسى مات شاعر) (مات لن يعود) (لماذا أموت مرتين) (عاين الموت من تسرب فيه) (ويقتلنا على أبوابك الصمت)(أمت يا ناصر الضعفاء/ أمت من ليلنا الأظلم).المجموعة الكاملة هي قصائد قصيرة. تجمعها السرعة الايقاعية والتي ترتبط بالحوار مليئة بالانفعالات.. وصوره الشعرية هي انفعالات واعية وحركة لاهية تعتمد على الإستعارة.. واحساسات وحالات الشاعر قائمة على التشبيه وعدم التعقيد التي يفهمها القارئ من حيث كونها تشير الى الموقف الذي يفضي الى ايماءات جديدة ليعبر عن روح العصر وانفعالاته ففي قصيدة(كعك المدينة) تجده يمارس تأثيره في عمق البنية الذوقية وفي تناسق معانيها وتوافقها بين الشكل والمضمون( بين المسيح/ وبين المسيخ/ ثمانون سوراً من الموت/ يثقبها الحالمون الحفاة/... والشعر/ بين مدائنه الروح/ بين حصون الحضارة) ص112.إن الشاعر( عبد السلام الكبسي) يتفاعل مع المضمون والشكل بكل طاقاته الروحية والتخيلية وتكريس الذات واحساساته بالضيق والحيرة من هذا الزمان، حزناً داخلياً ملحاً، توقاً الى الهرب الى البعيد ( والروع والموت والصراح/ شربوا الزلال/ على الدماء اذا تباح) ص188... فأي العلاقات نرسمُ،/ أي المواثيق في بلد يقتل الناس عشاقها/ بالظنون.) ص214.إن إحدى الخصائص التي تسود شعره، الانتقال بين فكرة وأخرى في وحدة متماسكة. نجد في المقطع ايضاً لغة عالية المستوى وظفها نظاماً من الرموز والصور الموحية..إن خيال الشاعر مرتبط بالزمان والمكان والذكريات. فالزمان نبض شريانه، والمكان جزء من قلبه، وفي شعره تتجلى الواقعية والشفافية والتوافق بين الذات والموضوع بين الوعي واللاوعي، وقصائده تتنوع على مستوى الشكل والمضمون ببراعة متمرسة فيبدو شعره عميقاً، لا تكلف فيه، (لعل غداً باسماً سيجيء/ وكم من غدٍ لا يجيء/.. قريباً ويقتتل الناس من أجل لاشيء) ص27.( وهل يذكر الشهداء/ الذين هم الآن يبكون من/ أجلنا والبلاد؟) ص299.

فالقصائد في الديوان تعكس صورة الألم والحزن وهموم الإنسان المسلم الصابر والتوجع والحنين الى الجذور، فقصائد المجموعة فيها أبعاد انسانية وفلسفية.

قرأت(المجموعة الكاملة) فأحسست بأنني أمام شاعر له أسلوبه الخاص ومعالجته الشعرية الخاصة به، وهويمتد الى اتساع(318 صفحة/ من القطع المتوسط، وكل صفحة من هذه الصفحات عبارة عن حالة انسانية صادقة لتعبر عن صوت شعري متميز .



  (عن موقع حركة الوفاق الوطني العراقي )











" البلاد التي كانت الشمس تفاحها"

 للشاعر عبدالسلام الكبسي :

" سيرة للوطن الغائب ".

د. سعد التميمي

يتضمن ديوان الشاعرعبدالسلام الكبسي المذكور , ثمان قصائد حاول الشاعر من خلالها سرد سيرة للوطن المجروح، وهنا يلاحظ القارئ المتفحص للديوان أن صورة الوطن التي يطمح بها الشاعر غائبه، وهذا ما جعله يلجأ إلى الماضي الزاخر بالمآثر والمفاخر، ففي قصيدة من القصائد الأربع الطوال يتحدث عن الوطن في الماضي، البلاد التي كانت.." و" البلاد التي أرسلت..." وفي القصيدتين الثالثة والرابعة يلجأ الكبسي للتراث ليستحضر شخصيتين يحاول من خلالهما تجسيد صورة الوطن الغائب من جهة وتأكيد غياب مثل هذه الرجالات في الوقت الحاضر، وعودة للقصائد الأربع الأخرى فإننا نجدها لا تخرج عن الفكرة التي أشرنا إليها ففي قصيدة "كلما قلنا " يبدأ الشاعر بأمنيات ورجاء بأن يأتي من يبعث الروح في البلاد فيستنجد بالحسين والمهدي وبالشمس والحلم لكنه سرعان ما يستسلم ليأسه وتشاؤمه ويسلم بعقم هذه البلاد ,إذ يقول:

لعل أزمنة يطول.. هزيعها.

وغداً سيعلن شمسه الإنسان

يلقى بالرجوم..

لعل أخيلنا الكميت

لعل يشرق فوق وردته..

الحسين

لعل مهدياً يشق الآن

صدر النار يجتاز الحريقْ

لعله آن الآوان

لعل من في الباب يقرعه

ويفتحها الطريقْ

فكلما قلنا: سنملأها الجرارَ

الحلمَ

تنكسر الجرارْ

وكلما قلنا : سنقطفها

المصابيح النهي ثمراً

أحاط بها من الرؤيا العقيمْ

وكلما قلنا: ثقبنا السورَ

يثقبنا الظلامْ

فالقصيدة تتشكل من فكرتين متقابلتين تقوم الأولى على الأمل والحلم بما يعيد للوطن صورته البهية التي يتمناها الشاعر الذي يتحدث بضمير الجمع ويختار الشاعر لهذه الفكرة أسلوب الرجاء من خلال الأداة "لعل" التي تتكرر ست مرات، أما الفكرة الثانية فتقوم على اليأس والتشاؤم والحزن التي يختار لها الشاعر أسلوب الشرط من خلال الأداة "كلما" التي تفيد التكرار مما يعني أن الانكسار والعقم والظلام مستمر. ومما يلاحظ على القصيدة أنها تتشكل بطريقةهندسية محسوبة جعلها تشكل وحدة مترابطة ,عبر من خلالها عن صورة الوطن في الواقع وصورته في الحلم، وقد جاء اختيار المفردات مدروساً وكذلك طريقة تشكيلها في جمل شعرية ذات طاقة دلالية وانفعالية عالية.

ولعل صورة الوطن التي يراها الشاعر في الواقع المثخنة بالألم والحزن والهزيمة هي التي دفعته للعودة إلى الماضي والتغني بأمجاده وسواء كان الماضي متمثلاً بالبلاد نفسها أو بالأشخاص الذين لهم القدرة على تشكيل البلاد بالصورة التي تبعث فيها الحياة والفرح ، فالبلاد في الماضي لها رائحة زكية تبحث في النفس الراحة والطمأنينة وهذا ما عبر عنه الشاعر في المقطع الرابع من قصيدة " البلاد التي كانت الشمس تفاحها، الذي يقول فيه:

البلاد التي كان يسكنها

أهلنا الطيبون

هي الآن غير البلاد

البلاد التي كنت آلفها في الطفولة

غير البلاد

البلاد بلا عمد أي أثقالها

سوف

يهوي عليها وأي الذهول

 هوى في البلاد علينا

نراها

وقد أخذ الحزن منا المرافئ

واتسعت حدقات العيونْ

ويا أهلها

أي أزمنة ترحلون

وأي المنافي فيها تقيمون ..

فالشاعر يهرب من الحاضر إلى الماضي بحثاً عن صورة بهية للبلاد، فلما كان يسرد سيرة الوطن لابد له أن يقف عند صورته في الماضي ويعبر عن سعادته وفرحته بهذه الصورة وكذلك الحال في صورة الحاضر المؤلمة التي تبعث الحزن واليأس في النفس فضلاً عن صورة المستقبل التي تغدو عند الشاعر أملاً أو حلماً يصعب تحقيقه لغياب من يقوم بترميم هذه الصورة وإخراجها بالشكل المطلوب، وفي هذا المقطع أيضاً يلجأ الشاعر إلى أسلوب التقابل فهو يقابل بين صورة البلاد في الماضي وصورتها في الحاضر، ويتكئ أيضاً على آلية التكرار التي من شأنها أن توحي بحالة الرتابة واليأس التي يعيشها الشاعر وينجح الشاعر هنا في تفعيل القصيدة من خلال الاعتماد المدروس على المفارقة التي تقوم بشكل كبير على الانزياح التركيبي الذي يفاجئ به المتلقي ويستفزه من خلال تقديم مالا ينتظره وهذا ما نجده في إخباره عن البلاد بأنها بلا عمد وإضافة الأثقال إلى الضمير العائد على البلاد وإسناد الفعل "أخذ" إلى الحزن.

ومثلما يتطلع إلى صورة بهية للبلاد يتطلع أيضاً إلى فارس / مخلص , يأخذ بيدها وهذا ما عبر عنه في قصيدتي " بين يدي الاشتر النخعي" و"أي الجوانب يا سمح سوف تميل" التي يقول فيها:

كان سمحاً

وكان نبيلاً وكان يقود البلاد

إلى نجمة الماء

كان يقاسمها الكعك والخوف

في جدبها بلدة واصفرار الزمان

كان بسيطاً ويرسم أيامها .. مسنداً

مسنداً، والأماني

زاملة يلج القلب رمانة

والكروم الأغاني

تحت مظلته

والبيارق أسفارها بلدة , تتقارب

تحت البروق الهوى والعوالي

تنداح أمجادها الشقر

والفارهات المعالي

كان بسيطاً

بلا "عقد" أو رتوش"

ويقرأه الناس مبتهجين.

فالشاعر يلمس صورة البلاد التي يحملها في حلمه وأمله في شخصية السمح مثلما لمسها في شخصية الأشتر النخعي، ومن خلال استحضار مثل هذه الشخصيات يحاول الشاعر استنهاض الهمم وبعث العزيمة في النفوس من أجل تحقيق الصورة الأمثل للبلاد وهذا ما يتجسد في قوله عن السمح، يقود البلاد إلى نجمة الماء، وتتضح الصورة المرجوة للبلاد في قوله "تنداح أمجادها الشقر والفارهات المعالي" وكذلك قوله " ويقرأه الناس مبتهجين" ومرة أخرى تتشكل القصيدة من التقابل بين صورة البلاد وصورة الفارس البطل الذي يأخذ بيد البلاد إلى شاطئ الأمل، وهذا التقابل يزيد من دينامية المعنى الشعري المتشكل ومن ثم تأثيره الكبير في المتلقي. ويدخل التكرار أيضاً كبنية مؤسسة في بناء القصيدة ومن صور التكرار، الفعل "كان" وكذلك قوله "كان بسيطاً" .ومثلما في بقية القصائد ينجح الشاعر في تشكيل المعنى الشعري في جمل شعرية يبرز فيها دور السياق بشكل كبير وهذا ما جعل القصائد تزخر بالصور الشعرية المؤثرة.

أخيراً ، في الديوان عدد غير قليل من القضايا التي يمكن الوقوف عندها مثل التناص ,والتراث ,والسرد وغير ذلك، كما أن الديوان تميز بلغة شعرية حية وفعالة سواء أكان ذلك على مستوى المفردات أم التراكيب.

















مدخل الى " الشريف الرضي " :عبد السلام الكبسي

السبت 30 أكتوبر-تشرين الأول

عبدالمنعم الشيباني





دلني , ياصديقي

على جادة الشعر ,

في كل منعطف رائق للعبارة ,

في زرقة البحر ,

والقاصرات السنابل ,

في غيمة يتكسر ياقوتها ويسيل العقيق

على شجن الجلنار الذي يتكرر

من حلم أشقر الصوت

يجمعنا في شتات المعاني

أو دلني ,

ياصديقي , بلا ثمن باهظ ,

للصديق البديل

"2"

للصديق

الذي تكشف السر

ألف صديق

"3"

الصداقة

تمنحنا الخبز,

والأصدقاء الأمان

"4"

ليس

للميت أي صديق ,

ولا للبخيل

"5"

إن

يوما بلا أصدقاء ليوم طويل

والذي لا يسعه الذهاب,وحيدا, إلى البحر

لا يجهل المستحيل

"6"

نادرا

طعنة الظهر

ما يقتنيها لنا الغرباء

قصيدة الصديق لـ عبد السلام الكبسي



في هذه الحلقة من سلسلة مقالات (أدب وشعر ونقد) على صفحات هذا الموقع الشعبي القشيب مأرب برس..أقف مع أديب وشاعر وناقد ودكتور أكاديمي متميز وجاد وشاعر رسالي (مؤدلج)..إنه الدكتور عبد السلام الكبسي، وقد وقفتُ فيما مضى مع نظيرٍ له شاعر وناقد وأكاديمي بارز هو عبد الحميد الحسامي ...شرفني الدكتور عبد السلام الكبسي بإرسال ديوانه الإليكتروني الي وتشرفتُ أن نشر لي بعض دراسات نقدية على موقعه الجميل (بيت الشعر اليمني)موقع النخبة الفكرية والأدبية في اليمن..

يثير اسم عبد السلام الكبسي وموقعه الأدبي جدلاً ربما تصل الى الخصومة أو تنحى منحى الخلاف السياسي وأحياناً المناطقي والمذهبي أو الفكري إن جاز التعبير،حيث تحتدم المعارك بين شعراء وأدباء(اليمن الأسفل) و(اليمن الأعلى) وهي أشبه بمعارك السياسة بين الأحزاب والقوى السياسية في هذه البلاد -- حسب تعليق الأديب والشاعر عبد الغني المقرمي في الصفحة الأدبية لـ جريدة الصحوة معلقاً على موضوع الإنقسام والجدل حول بيت الشعر اليمني ورئيسه وإدارته...

أرسل اليَّ صديق أديب وروائي وشاعر يمني بديع ومخضرم يسألني عن رأي محدد تقدم به (رابطة أدباء اليمن الأسفل- شعراء المعارضة) قلت له -وهو أديب متميز-أتفق معك ولكن "من" الموقعين في القائمة أدناه من هم على شاكلة (هرقل إمبراطور الروم) يحسب نفسه إمبراطوراً لا يرد التحية ولا يرد على الرسائل التي تحييه وتبعث السلام إليه.. فأي مشروعٍ يحمل هذا الإمبراطور ؟؟

إن تقديري لأدباء اليمن قاطبة لا يمنعني أن أفصح وأقول أن الشاعر والناقد عبد السلام الكبسي يحمل مشروعاً وفكراً وقضيةً ...أقول هذا وبيني وبينه نقاط اختلاف فكرية كثيرة فأنا أنتمي الى مدرسة الإخوان المسلمين –ولا فخر- وينتمي الكبسي الى الهاشمية كما هو جليٌ من شعره الرسالي الذي يمجد الحسين والشريف الرضي فله مني الإحترام لأنه يحمل فكرة وقضية ومشروعاً...، والشعر عنده رسالةٌ فهو أديبٌ رسالي...، ولكل أدباء اليمن مثل ذلك من الإحترام غير أن أغلب هؤلاء الأدباء لا يحملون رسالة فكرية بفلسفة واضحة كما نجده في ديوان عبد السلام الكبسي ...يحرص الكبسي أن يجعل من نفسه امتداداً للشريف الرضي (الشاعر السيد) ويحرص شعراء وأدباء" اليمن الأسفل وتعز" بالتحديد أن يتشبهوا بالمتنبي (مشروع مجد شخصي ليس إلا) يكره العجم والشعوبية ويكسر أمامه كل شيئ لينتصر لنفسه وذاته وأمجاده الشخصية ثم لقومه العرب، من بعد، ما تبقى من فضول حميته، غير مبالٍ بما يكتسبه من عداوة ونكاية حتى دفع الثمن باهظاً على يد أنذل القوم "فاتك الضبِّي" الذي لقي من المتنبي أقذع ألوان الهجاء والشتم شعراً:

ما أنصف القومُ ضَّبه ْ **** وأمه الطورُ طبَّهْ

..........

ما ضره لوأتاها *** لكنما ضرّ (......)...مابين القوسين كلمة غير لطيفة للمتنبي مسكوت عنها للتأدب في هذا المقام...

مواجهة بين الشريف الرضي والمتنبي

مدخل للحديث عن الشاعر عبد السلام الكبسي (الشريف الرضي)يقودنا الى تتبع سياقات تأريخية مختلفة يمكن أن تساعدنا في فهم ما يجري اليوم من صراع وعراك بين زملاء القصيدة في اليمن(سنأتي للتفاصيل في حلقات قادمة)..... كان للشريف الرضي في بغداد مجلساً للشعر يحضره كبار شعراء ونوابغ العصر وكان الشريف الرضي لا يحب المتنبي وكان المتنبي يرد على ذلك بالمثل أو أشد .. وذات مرة دعي ابو العلاء المعري(الشاعر الأعمى) الى إحدى منتديات الشريف الرضي وكان المعري شاعراً مجيداً وفيلسوفاً عظيماً وكان ناقداً يحكم بين الشعراء ....فلما بدأت الندوة أخذ الحديث مجراه وتكلم الشريف الرضي (متشيع لآل البيت)، تكلم في شعر المتنبي -أي قال ينتقص من جودة شعر المتنبي وكان المعري قد سبق له وأن ألف كتاباً (نقدياً)- بلغة اليوم- في شعر المتنبي سماه (معجز أحمد) أي الإعجاز الشعري لـ أحمد أبي الطيب المتنبي... انبرى المعري يرد على الشريف الرضي بالقول: (( والله لو لم يكن من شعر المتنبي الا قصيدته التي مطلعها:

  لكِ يا منازلُ في القلوبِ منازلُ ...لكفاه))

  فصاح الشريف الرضي قائلاً : ((( خذوا ها الرجل من هذا المكان فإنه يشتمني في داري)) فقال الحاضرون في المجلس : وكيف ؟ ما سمعناه يشتمك أيها الشريف الرضي فرد عليهم الشريف بقوله : لعلكم قدنسيتم ما جاء في هذه القصيدة من قول المتنبي :

وإذا أتتكَ مذمتي من ناقصٍ *** فهي الشهادةُ لي بأني كاملُ

إنما أراد المعري أن يرميني بهذا البيت وأني ناقص وأن المتنبي هو الكامل..

أدباء وشعراء "اليمن الأسفل"

لا يتناطح كبشان ولا تحترب عنزتان على أسبقية شعراء " اليمن الأسفل" -المصطلح المستعمل في الخلاف مع أدباء ذمار وصنعاء-أسبقيتهم في العلم النبوغ والفكر والشعر والأدب والثقافة(ما عدا البردوني الذي لم يسبقه أحد) غير أنهم عباقرة وأعلام وفطاحلة من غير مشروع فكري ولا فلسفة أدبية واضحة تقدمهم للناس...إن أدباء تعز خاصة واليمن الأسفل (مع عظيم التسامح بالتعبير في مجاراة هذا المصطلح ) قوة ثقافية وعلمية وأدبية طاغية لا يقف أمامها أحد غير أنهم من غير رؤية ومن غير غاية محددة وإنهم في ميدان المعركة صوت وظاهرة لا تلبث أن تبرد ثم تتلاشى، يمتطون حمية المتنبي وشطحات صدام حسين و عنتريات جمال عبد الناصر والنتيجة دائماً هي الهزيمة والنكسة.. إ نهم نوابغ بلا مشروع وفطاحلة فكر وأدب ونقد وعلم وإبداع وثقافة بلا قيادة فكرية تهديهم الى سواء السبيل....

يتبع الحلقة القادمة.



















 نقطتا ضوء

لصالح محمد سعد المقلحي – الجمهورية , تعز

 الجمعة 17 إبريل-نيسان 2009





في اعتقادي أن السنوات التي تمر من عمر الإنسان دون الاطلاع على كتابٍ هي سنوات عجاف، وفي اعتقادي أن أي مبدع لم يصل إلى ما وصل إليه من مرتبة مرموقة في سلم أوج العلا إلا بعد أن اجتاز طرقاً وعرة أثمرت نجاحاً باهراً.

 من هذا المنطلق أجزم بالخمس أن أية دولة لم تصل إلى ما وصلت إليه من التطور الصناعي والتكنولوجي إلا كان ذلك بفضل جهود أبنائها وهم البناة الحقيقيون لمستقبل دولتهم، لذلك سعت الدولة في بلادنا جاهدة بكل ما لديها من إمكانيات بسيطة إلى توفير العوامل المساعدة لمتابعة كل جديد، وعلى هذاالصعيد قامت بإنشاء العديد من المكتبات العامة من مراكز البحوث في المدن الرئيسة إلى جانب الوسائل التعليمية لجميع مراحل التعليم وإيجاد المعامل العلمية للاستفادة منها.

وعن هذه الأعداد مما سبق ذكره نجد الفروق شاسعة بين ما كانت عليه وما أصبحت وذلك في وقت قريب وفي زمن قياسي من عمر الوحدة المباركة، وللاستدلال حول ذلك لقد وقعت في يدي مجلة «العربي» الكويتية العدد الأخير وتحديداً في صفحة ثقافة الكترونية ما لفت نظري في نتيجة إحصائية للكاتب من خلال موقع محرك البحث الشهير «Google» جوجل عن ماذا يبحث العربي عبر الانترنت؟ وعن هذه الإحصائية وجدت أن اليمن حصلت على المرتبة الأولى من بين الدول العربية التي يبحث مشتركوها عبر الانترنت وذلك في مجال البحث عن الكتب، حينها اطمأننت وقلت في قرارة نفسي إن الدنيا لازالت بخير مادمنا نبحث عن الكتب وهي بشارة أزفها للقارئ اليمني كما نتمناها لكل القراء العرب وهي نقطة الضوء الأولى في هذا الموضوع.

أما عن نقطة الضوء الثانية وهي مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالنقطة الأولى فتمثلت في متابعتي للمقابلة الشيقة مع الدكتور عبدالسلام الكبسي إثر إعلان بموعد المقابلة في صحيفة «الجمهورية» حيث سعدت كثيراً وأنا أتابع من خلال قناة «دبي» الفضائية وبالتحديد مساء السبت الماضي من خلال المقابلة وبصرف النظر عما ورد على لسانه في بعض الأفكار الخاصة

فقد عرفته زميلاً مدرساً في مدرسة معين بأمانة العاصمة أواخر الثمانينيات من الشباب القادم والمتسلح بسلاح العلم والثقافة بصورة جامحة وعقلية متفتحة، متفائل بنظرة ثاقبة وبعمق كان صغيراً بعقلية كبيرة استوحيت ذلك عند مراسلته حينها للمثقفين والأدباء الكبار على الصعيد المحلي والعربي أمثال المقالح الذي يختلف معه في بعض الأفكار ومع الشاعر الكبير البردوني، ومن الذين كان يراسلهم في بعض نتاجه الأدبي للاستفادة والدخول للمعرفة وتسميتها من أبوابها أمثال الشاعر العراقي عبدالوهاب البياتي والمصري عبدالمعطي حجازي والفلسطيني محمود درويش، وعني كان ينصحني بمواصلة القراءة والكتابة.

 ود.الكبسي من الشباب الذين برزوا مؤخراً خصوصاً بعد حصوله على الدكتوراه من المملكة المغربية، حيث كان تأثره تأثراً شديداً بأستاذه الشاعر «بنّيس» كما أكد ذلك في المقابلة، والمذكور من شعراء التسعينيات وهو ناقد من الدرجة الأولى والمستقبل أمامه واعد يبشر أنه سيكون الشاعر الكبير والشجرة التي تحجب الغابة كما هو كذلك د.المقالح، وإن اختلف معه في بعض الأفكار غير أن ذلك لا يفسد للود قضية.

الدكتور عبدالسلام حالياً رئيس بيت الشعر اليمني، وهي تجربة نأمل أن تنجح كما نجحت في المغرب الشقيق، له من الأعمال الشعرية والنقدية ثلاثة ومن الأولاد ثلاثة.. ف"البلاد التي كانت الشمسُ تفاحها " . أرجو أن لاتخونني الذاكرة في هذه التسمية وكذا " مقاليد القبيلة " , وكذا " كتاب الحسين " ، ومن الأولاد : عمار، يوسف، الحسين، وهو من القلائل الذين يكتبون الشعر وينقدونه , ولا ينقد إلا في الوقت المناسب.

 إضافة إلى ذلك فهو باحث يعيش حياة أدبية وله علاقات مع أدباء وشعراء ونقاد وباحثين كثر، كما له علاقات صداقة وزمالة مع آخرين مثله مثل غيره، وكما تفرض ذلك سنة الحياة أصفه أنا بالوضوح في الطرح المصاحب للشجاعة، هادئ الطباع، سلس الرأي، منطقي الإقناع.

 مايميزه بوضوح بساطته ودماثة أخلاقه هكذا عرفته عن قرب، ومن أفكاره المقروءة أنه يؤمن أن الحياة قصيرة كما نؤمن نحن مع الفارق أنه يؤمن كلما تعثر تقدم للأمام، وهذه الفكرة الأخيرة قلما نجد لها مكاناً في هذا الزمان المزدحم بالماديات والصراعات التي تشبه حياة الغاب.

فتحية لصاحب هذه النقطة ومزيداً من التوهج لخدمة الوطن من خلال إثراء المكتبة اليمنية والعربية.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق