الأحد، 15 يوليو 2012

الباب الرابع
                      نحو مقترح نقدي تصنيفي جديد


الفصل الأول

أهمية الشعر



1 - الشعر وهوية الأمة:

          .1.1 الشعر بمعزل عن الدين

          إن الشعر كتجربة إنسانية محضة يقصد الشاعر بإنجازها القارئ، في شكل قصيدة شعرية، لا على النحو العادي المألوف من التبليغ على اعتبار أن ثمة غير الشعر من الأجناس الأدبية والفنية باستطاعتها القيام بالدور نفسه، وعلى أكمل وجه من القدرة -كما هي القصيدة- والذكاء، والجمال، وفي حدود إمكاناتها بطبيعة الحال، ومختلف أساليبها كالنثر: قصة كان أو رواية، مقامة أو رسالة، تقريرا أو مقالة... إلخ، أو كالرسم، أو كالنحت، أو كالتصوير (الصورة كتكنولوجيا)، أو الموسيقى وغير ذلك من الإبداعات الإنسانية الكثيرة والمتعددة في الآن نفسه. ذلك إن الشعر ليس مجرد كلمات عادية فحسب، بل إنه لغة غير عادية أيضا. ولا وجود لهذه اللغة طبعا إلا في الشعر/القصيدة. وحيث أننا نفكر باللغة لا ككلمات، بل كنسق، وحيث أن الشعر، قبل أي شيء، معرفة منذ امرئ القيس حتى الامتداد، ولأن الشعر هو معرفة لذلك فهو قوة، وعليه فمن يمتلك أسراره فهو القوي الأمين: شاعرا كان أو قارئا (الناقد)، إذ لا فرق -كما نظن- بين الذي يكتب القصيدة متلذذا في الألم، وبين من يقرأها (أي قصيدة الشاعر) متلذذا أيضا، بالألم. فالشعر لا يكون إلا حيث الألم، ولا يلج إلا في الألم لا بالمعنى السطحي للكلمة، بل بمعنى التجربة الشعرية ذاتها. لذلك يحق لنا أن نقول: إن إنسانا لا ألم له فهو -مجازا- إنسان، لأنه لا يعرف شيئا عن نفسه، ولا عن الوجود والموجود من حوله. أي إنه إنسان ليس حرا، ولا يفهم للحرية طريقا. الشعر هو السؤال الكوني الأكبر بامتياز: السؤال كوجود، السؤال كحياة وكموت معا، السؤال كأبد، كخلود، تأملا سابقا على النبوات - على حد بنيس( )، وإعجازا قائما بذاته ومستقلا بنفسه (في وجود المقدس: "القرآن الكريم"، كمعجزة إلهية) بمنح دائما اللغة العربية المزيد من الشاعرية، والقوة، والرواء، والتجديد، ويدل في الوقت نفسه، على هوية أمة بكاملها، علاوة على منحها السعادة والتميز كأمة عظيمة. يقول محمد بنيس: "الأمة التي لا شعر لها هي أمة شقية، أي أمة ليست لها لغتها الشخصية"( ). لذلك كان الشعر وما يزال خطيرا، لا باعتباره ترفا، أو متعة، أو زينة فقط...، إذ أن ذلك ليس واردا في حسباننا هنا، على الأقل، وإنما باعتباره الكنـز الثمين كنسغ يمد الإنسانية بالحياة في الموت، بالنصر عند الانكسار، بالحب إزاء الكراهية، بالمعرفة في الجاهلية كزاد في رحلتها الطويلة جدا نحو الكمال، بدليل تنازع القبائل المختلفة على الشعراء نسبا وانتماء، وبدليل تقدير الأمم لمبدعيها من الشعراء الكبار، والاحتفاظ بنثاراتهم وملاحمهم على حد سواء، جيلا بعد جيل، وإلا ما معنى أن يستمر امرؤ القيس ومن ذهب مذهبه، بكل ما تحمله تجربته الشعرية من قيم قد تتعارض مع مبادئ الدين الإسلامي الحنيف مثلا، إلى اليوم. أو أن يظل عمرو بن كلثوم مقروءا إلى اليوم، عبر الأزمنة، في الوقت الذي لم يعد يتقبل الناس فيه، لتغير المفاهيم نحو الأفضل بطبيعة الحال، ما تحمله معلقته الشعرية الشهيرة، مثلا، من خطاب على ذلك النحو الذي ذهب فيه الشاعر بعيدا في الشطط والجاهلية (من وجهة نظرنا، الآن، على الأقل)، أو غير ذلك مما قد يجرح الحياء بدخوله في المحظور لو أنه كان قد ورد نثرا لا شعرا، وأصيلا أيضا. كأن نقرأ لدوقلة المنبجي من قصيدة مطولة التالي:

ولها هن بص ملاذهن                        رأبي المجسة حشوه وقد

فإذا طعنت طعنت في لبد         وإذا سللت يكاد ينسد( )

          دون أن يغض ذلك من شاعريتهم (أي الشعراء)، أو يحط من مكانتهم كشعراء ممتازين وخالدين في العصور كلها. لماذا؟

          يقول القاضي الجرجاني، بهذا الصدد، لمن يحاول الغض من شعر الشاعر (أي شاعر) "لأبيات وجدها تدل على ضعف العقيدة وفساد المذهب من الديانة"( )، "فلو كانت الديانة عارا على الشعر، وكان سوء الاعتقاد سببا لتأخر الشاعر، لوجب أن يمحى اسم أبي نواس من الدواوين، ويحذف ذكره إذا عدت الطبقات، ولكان أولاهم بذلك أهل الجاهلية، ومن تشهد الأمة عليه بالكفر، ولوجب أن يكون كعب بن زهير وابن الزبعري واضرابهما ممن تناول رسول الله(ص) وعاب من أصحابه بكما خرسا، وبكاء مفحمين، ولكن الأمرين متباينان، والدين بمعزل عن الشعر"( ). لذلك، يقول محمد بنيس: "لا وجود لما يسمى بالقصيدة الإسلامية، إنما هناك فقط ما يسمى بالقصيدة الشعرية"( ). وهو ما يمكن أن يكون ردا لخطاب يظهر، ويختفي منطلقا من إيديولوجيا لا تفهم في الشعر شيئا، بدليل سقوطه بمجرد احتكاكه بالواقع، فما بالك بالشعر كماهية، وكنسق في الثقافة العربية القديمة والمعاصرة، أو -استرسالا مما سبق، على وجه آخر،وعلى سبيل الإشارة- كأن يظل العرب محتفظين بأبيات شعرية (وهو ما كان قد عبرنا عنه قبل قليل بالنثارات)، أو قطع، أو قصائد بعينها، في قلوبهم يورثونها، ويفتخرون بها كابرا عن كابر، كأغلى ما يملكون، وأثمن ما يقتنون: يتساوى في ذلك عندهم الشعر، والخيل المسومة، والملك الكريم. وبدليل -أيضا- أننا اليوم (بشأن الشعر) نناقش المسألة الشعرية عبر هذه الأطروحة، بعد بحث طويل ودؤوب، وفي أعرق جامعة عالمية: أقصد جامعة محمد الخامس بالرباط، المغرب.

          .2.1 حازم القرطاجني ومحمد منذور والتجربة الشعرية

          .1.2.1 الإستعاضة عن التجربة بقوة الخيال

          مازال لسؤال عنترة بن شداد، الذي كان قد استهل به معلقته الشهيرة تأثيره القوي، والساحر، والطازج، والمخاتل أيضا، كلما فكرنا بالبحث في الثقافة العربية القديمة عن الجديد الجاد لما كان قد ساد، واستجد، في الثقافة العربية المعاصرة على وجه التحديد، ومازال لتلك الحوادث التي سجلها لنا الشاعريون، وحفظوها لنا في أغلب مصادرهم، وكتبهم أيضا، فعل الإثارة، بتأكيدهم ما ذهب إليه عنترة من أنه لا جديد تحت الشمس، إذ لم يبق الأول السابق للثاني اللاحق أي باب إلا وطرقه، وأي منبع إلا واستنفذه مما صار معه التكرار مبتذلا، أو عاديا ومألوفا..، بدليل ما روي عن الفرزدق بعد سماعه لواحد من الشعراء: "يا ابن أخي، إن الشعر كان جملا بازلا عظيما فأخذ امرؤ القيس رأسه، وعمر بن كلثوم سنامه، وعبيد بن الأبرص فخذه، والأعشى عجزه، وزهير كاهله، وطرفه كركرته، والنابغتان جنبيه، وأدركناه ولم يبق إلا المذارع والبطون فتوزعناه بيننا"( ).

          لا يهمنا، الآن، فحص مصداقية هذه الرواية من عدمه بقدر -وهو ما يهمنا هنا- تأويلها على وجه آخر من حيث كان جواب الفرزدق كشاعر فحل، داخلا ضمن ردود الأفعال المرتجلة التي كثيرا ما تكررت من طرف الفرزدق إزاء الشعراء الأقل موهبة وتجربة معا، ونقول مرتجلة لأنها لا تعلل، ولا تسبب، بدليل اختلاف موقفه مثلا تجاه تجربتي كل من عمر بن أبي ربيعة، والكميت بن زيد الأسدي. فإذا كان الأول( ) قد أدهش الفرزدق باستخراج وصياغة بعض معان لم يسبق إليها واحد من الشعراء أضرابه، نظرا لمروره (أي عمر بن أبي ربيعة) بتجربة عشق حقيقية لم يتحقق للفرزدق المرور بمثلها على ما يبدو، ولا لأمثاله من الشعراء الفحول كجرير والأخطل تحديدا، وغيرهما ممن كانوا قد استعاضوا بدلا من ذلك بما كان قد عبر عنه محمد مندور (ومن قبله حازم القرطاجني) بـ"قوة الخيال"( )، وذلك بتحليله لمفهوم التجربة أثناء حديثه عن أبي نواس من حيث أن التجربة الشخصية للشاعر ليست على الدوام العامل الرئيس لإبداع قصيدة صادقة من الناحية الفنية والموضوعية. ولو كان الأمر، يقول محمد مندور، عكس ذلك إذا "لوجب أن يعيش الروائي أو الشاعر ألوانا من التجارب لا تتسع لها حياة. ونحن وإن كنا لا نقول بأن الأدب كله وصف لما نحياه أو ما نأمل أن نحياه أو ما عجزنا عن أن نحياه. إلا أننا ننظر في حقيقة الخلق الفني فنجد أنه كثيرا ما يكون قدرة على خلق الواقع بدلا من الاقتصار على تصويره(...) فالأمر ليس أمر تقليد أو أمر موضوع يقال فيه الشعر، وإنما هو أمر الشاعر نفسه، فهو إذا كان موهوبا استطاع أن يصل بقوة خياله إلى أن يخلق في نفسه الجو الشعري الذي يريده. ومتى خلق هذا الجو استطاع أن ينقل إحساساته إلى أي موضوع وهذا ما يسمونه بنقل القيم"( ). وهو (أي كلام مندور) على أهميته من حيث انسحابه على مسألة جزئية بعينها في الإبداع الشعري ككل، مثل وصف الخمر من طرف شعراء لم يحصل أن تذوقها واحد منهم، في الوقت نفسه الذي كانوا فيه قد أجادوا وصفها كمن ذاقها وجرب. نقول، بالرغم من أهميته (أي كلام مندور) إلا أنه يتصادم وحقيقة الإبداع من حيث أن هذا الأخير هو تجربة أساسا حسب ريلكه( )، مما يعيد إلى أذهاننا طروحاته الشهيرة بهذا الصدد، وبدليل ما حدث للفرزدق نفسه.

          .2.2.1 لماذا لم يجدد الأقدمون؟

وكجواب: للسؤال القديم الجديد في الآن ذاته وهو: "لماذا لم يجدد الأقدمون؟". السؤال الذي لا بأس من طرح وجهة نظر محمد مندور في أن الشعراء بمكوثهم على الأطلال وغيره سواء في العصر الجاهلي، أو في العصر الأموي تحديدا، كتقليد، وكامتداد، كانوا قد "ضيقوا على أنفسهم حتى لم يعد أمامهم مجال للتجديد غير "التجويد الفني". وحتى جاء شعرهم أدل على المهارة في الصياغة منه على أصالة الطبع والعمق في الإنسانية"( )، لنعود من حيث تركنا الفرزدق، ودهشته إزاء تجربة عمر بن أبي ربيعة. فإذا كان هذا الأخير قد نجح في إنجاز نصوص شعرية مغايرة، وأصيلة عبر تجربة عميقة، وأليمة، فإن الشاعر الثاني الكميت بن زيد الأسدي قد فاجأ الفرزدق، كنموذج ثان، بإنجازاته الشعرية بالقطيعة الثانية في تاريخ الشعرية العربية القديمة (هذا على أساس أن امرأ القيس هو المعني بالقطيعة الأولى في العصر الجاهلي)، الأمر الذي لم ير الفرزدق منه بد إلا الوقوف مكبرا له، ومجللا إياه إلى درجة أن قال محرضا، بعد أن سمع واحدة من قصائده حسب رواية أبي الفرج الأصفهاني: "اذع ثم اذع فأنت والله أشعر من مضى وأشعر من بقي"( )، دون، نقول معلقين مرة ثانية، أي تسبيب، أو تعليل، أو ما شابه ذلك لأسباب معروفة، من حيث لم يكن ثمة نقد إلا ما كان على هذه الشاكلة في إطلاق الأحكام، احتكاما للذائقة، والخبرة، والمعرفة.. حتى بدأ (أي النقد) -كما نعلم- منهجيا مع ابن سلام الجمحي. إن استطرادنا قليلا مع الفرزدق، فيما سلف، كان له هدف، بتحقيقه أصبح من الممكن بعده تفهم قول عنترة، أو زهير، الذي كان قد قال بهذا الشأن:

                      ما أرانا نقول إلا قديما                     مستعادا من لفظنا مكرورا( )

والفرزدق نفسه، من حيث أنه فعلا -حسب الاستقراء الشخصي لنا- لم يحدث التجديد تجاوزا للسابقين من طرف اللاحقين من الشعراء إلا تدرجا، وعبر غير تجربة شعرية لشعراء قليلين جدا، كانوا قد أتوا في وقت واحد تقريبا كما هو الحال مع العذريين والنقائضيين في العصر الأموي، وقد تجسد ذلك على وجه بسيط كإضافة، أو تنوع فحسب، حتى بدأت كرة الشعر الذهبية تدور متدحرجة إلى الأمام، بأول خروج تاريخي على وجه القطيعة، مع الكميت بن زيد الأسدي سنتحدث عن ذلك بشيء من التخصيص فيما بعد من هذا الفصل، فلا داعي، إذن، لحرق المراحل.

.2 الاستقراء قبل الابتداء

          .1.2 سؤال النقد

          نصرح في البداية (بداية اللحظة الثانية من هذا التمهيد المطول) أننا بشأن الموضوع الرئيس لهذا الباب الاستثنائي من الأطروحة: نحو مقترح نقدي تصنيفي جديد للتجربة الشعرية العامة والشخصية، كنا قد قمنا بقراءة، نستطيع وصفها بالاستقرائية، رصدا وتأملا، لأغلب أهم التجارب الشعرية على امتداد العصور. فكان -كنتيجة- ثمة الكثير، والمهم مما حاولنا رصده اختزالا، لا استقصائه استطرادا، نظرا للطبيعة والظروف ليس هنا مكانه, وكان ضمن ما خرجنا به الأسئلة التالية، التي ستظل معلقة دون جواب قطعي، لتعالقها بماهية الإبداع الشعري نفسه، كنشاط إنساني له علاقة بما كان قد ذهب إليه الكثير من الشاعريين والفلاسفة، والمتكلمين، والعلماء، بخصوص العبقرية، سواء بالمفهوم الذي كان قد ذهب إليه سدني، من أن "الصنعة لا تخلق شاعرا إذا كان عاريا عن الموهبة، ولهذا يقول المثل القديم: الخطيب يصنع والشاعر يولد"( ). أو بمفهوم جوته -وهو الأنضج لشموليته-: "فالعبقرية الآن تفيد معنى الربط الوثيق بين الابتكار الفردي والإحساس بما أنجزته البشرية بشكل جمعي خلال تطور الحضارة، بحيث تبدع من الأعمال ما يدعم تلك الحضارة ويحملها، وذلك بالجمع بين الفردية والتراث شقيقها التوأم، ونتيجة لهذا يحتاج العبقري إلى الاطلاع على ما حققه الآخرون، وما يحتاج إليه الآخرون، بقدر حاجته إلى الإحساس القوي بالطاقة المبدعة التلقائية"( ).

          من حيث ربط جوته العبقرية كموهبة بالتراث، على وجه الصقل والإفادة، الهوية والامتداد، إذ يقول جوته "كيف يمكن أن يهتدي أي عبقري إلى الأشكال الأصيلة، أو يختار الأسلوب الصحيح أو يبتدع لنفسه منهجا شاملا في لحظة واحدة بمجرد ملاحظة الطبيعة، ودون أي تراث أو تقليد؟"( ). نقول أنه من ضمن ما خرجنا به، عبر رحلة في الثقافة العربية، الأسئلة التالية:

1.       ما السر في تفضيل الناس لشاعر دون شاعر آخر؟

2.       لماذا لم يكن المتنبي مثلا، متنبيا في كل قصائده الشعرية؟

3.       لماذا كان ظهور أبي تمام أو المتنبي وأمثالهما، سببا في خمول العشرات من الشعراء، في عصريهما؟

4.       كيف تحقق لأبي تمام أن يكون ضمن ثلاثة إلى أربعة شعراء، شاعرا مركزيا في تاريخ الثقافة العربية برمتها؟

5.       لماذا لم يتحقق للبحتري ما تحقق لغيره من الشعراء الكبار من الأهمية، على الرغم من إخلاصه لعمود الشعر العربي؟

6.       لماذا حاول بعض الشعراء والنقاد تجاهل الكميت بن زيد كشاعر مختلف ومركزي؟

7.       ماذا لو امتد العمر بأبي تمام عشرين سنة من وفاته في سن الأربعين؟

8.       لماذا نجد أبا العلاء المعري شاعرا في "سقط الزند"، ولم يكن له أن يكون كذلك في اللزوميات؟

9.       ما مدى صحة ما ذهب إليه القاضي الجرجاني، من أنه بظهور الشاعر الكبير يضيع الكثير من الشعراء الأقل منه موهبة، ويخملون، مما يتيح لهذا الكبير الفرصة، بل الحق، مثلما حدث لبيت جميل الشعري مع الفرزدق، في استراق ما امتاز لدى هؤلاء الأقل موهبة وشهرة؟

10.    هل ثمة جدوى في الحكم على الشعراء نقدا اليوم، بنفس المنهجية التي نهجها الشاعريون القدماء، وخصوصا في الموازنات؟.

11.    من هو أشعر الشعراء؟ ولماذا؟

12.    ما الفرق بين شعر وشعر؟

13.    ما هو أدق مقياس لخلود الشاعر؟ بل ما معيار الجودة في الشعر؟

14.    ما الفروق الجوهرية بين الشعر المختلف والشعر المؤتلف؟

          هذه الأسئلة بعضها له علاقة بالشاعر، وبعضها بالشعر، وبعضها بالنوع، والبعض الآخر بالدرجة. ولعل في جواب الإمام علي (ع) ما يدل على قدم السؤال وتكراره، السؤال الممتنع عن الإجابة إذ "إن القوم لم يجروا في حلبة تعرف الغاية عند قصبتها"( )، على الرغم من تفضيله لامرئ القيس: "وإن كان ولابد فالملك الضليل"( ). فلماذا قدم الملك الضليل دون غيره من الشعراء؟، في الوقت نفسه الذي حدث فيه أن قدم آخرون زهير بن أبي سلمى، بحجة أنه لا يعاضل بين الكلام، كما ذهب إلى ذلك من قدمه، وهو تبرير ضعيف. وقد قدم آخرون غير هذين الشاعرين، بحجة، وبغير حجة، الأمر الذي ظل معه السؤال قائما: من هو أشعر الشعراء؟ من هو الشاعر الكبير؟ لماذا؟ وكيف؟.

          نترك محاولة الإجابة للتالي (والتالي هو عبارة عن مقترح نقدي تصنيفي) مما يحوم حول الحمى، ويكاد أن يقع فيه، لولا استحالة ذلك، من حيث لا نهائية الإبداع كإبداع، الأمر الذي معه، يمتنع أن يفضي بالباحث إلى "قاعدة مطردة لا تشذ، وطابع خاص لا يتغير"( ). في الوقت الذي نكون فيه قد نجحنا، برصد -تصنيفا- كل سابق إبداعي في ثقافتنا القديمة والمعاصرة، بهدف الوصول إلى حقيقة الإبداع، من حيث هي نسبية آخر الأمر. وإن كان ثمة ثوابت كلها تتعلق بالشكل فحسب. إن ذلك ما سنفصح عنه في التالي، من هذه الدراسة أو المقترح. ذلك لأننا، على الأقل، معنيين بالإجابة عن بعض الأسئلة السابقة، في وجود كم من النظريات والتنظيرات العربية، والأجنبية على كثرتها وأهميتها واتساعها.

          .2.2 بشأن المقترح النقدي التصنيفي الجديد

          يدخل هذا المقترح، كمنهج نقدي جديد ومعاصر، الذي يقوم على -بعد الاستقراء والرصد- تصنيف أغلب التجارب الشعرية الهامة، في امتداد العصور الثقافية العربية، كما سترى، ضمن ممارستنا الشخصية في كتابة القصيدة الشعرية منذ عشرين عاما تقريبا، بالإضافة إلى ممارستنا -بجانب الكتابة الشعرية- للنقد بعين العقل، بعد طول دربة، وممارسة، واختبار للآثار الأدبية الإبداعية في معظم الثقافات الإنسانية. وذلك مع كل فرصة تتاح لنا من خلال المصادر الرئيسة في ثقافتنا العربية بعينها، أو عبر الترجمات التي تهيأ لنا الإطلاع عليها بعمق، وتدبر، وتدقيق، ومقارنة. ملتزمين، في الوقت نفسه، بشرائط المنهج، من حيث التعليل المركز ومستندين في ذلك إلى مبادئ عامة ومدركين، في الآن ذاته، أهمية أن يصبح، ما عبر عنه محمد مندور "إحساسنا أداة مشروعة للمعرفة(...) تصح لدى الغير بفضل ما تستند إليه من تعليل"( ).

          ولأن هذا المقترح يرتكز، من حيث الشكل على مبدأ التقسيم، فقد صدر تقسيمنا لتجارب الشعراء إلى أربعة أقسام، وذلك عن مسائل عامة اتخذناها سبيلا للحكم عليها. وهذه المبادئ هي كالتالي:

1.       الاختلاف، بدرجاته الثلاث الآتية: على التوالي، وحسب الأهمية:

                                  أ - القطيعة

                                  ب - الأسلوب

                                  ج - المعجم

2.       الإيقاع الشخصي، بدرجاته الثلاثة الآتية:

                                  أ - الأسلوب الشخصي

                                  ب - الظاهرة

                                  ج - السمة

3.       الشاعرية (القصيدية/اللاسلوب) بدرجاته الثلاث:

                                  أ - المعارضة

                                  ب - تعدد الأساليب

                                  ج - استعارة الأسلوب

4.       الصياغة النهائية بدرجاته الثلاث أيضا:

                                  أ - الصياغة الأولية

                                  ب - إعادة الصياغة

                                  ج - الصياغة النهائية

          مع الأخذ، بطبيعة الحال، بمعيار الكثرة مع الجودة، وتعدد الأغراض في الوقت نفسه -عند ابن سلام الجمحي، وإن كان هذا الأخير قد غلب الكثرة على الجودة، وهو ما نفترق عنده (أي نحن وإياه). علاوة على إفادة هذا المقترح من الموازنات النقدية، في الشعرية العربية القديمة، ونظرية النظم عند عبد القاهر الجرجاني، مع تقديم -من حيث الأولوية- الآليات المستجدة حديثا بهذا الصدد من مناهج نقدية وأسلوبية، وبنيوية، لغوية... إلخ.

.3.2 الهدف الاستراتيجي لهذا المقترح

          لعل من أهم ما يمكن أن يقدمه هذا المقترح -ضمن ما يقدمه، على سبيل الإجابة لكل تلك الأسئلة السابقة المتفرعة، والمتشابكة، التي كنا قد طرحناها قبل قليل- هو ما يمكن أن يكون تفسيرا جديدا، وموضوعيا لمعظم التساؤلات التي كان قد طرحها الكثير من الشاعريين النقاد القدامى، والمعاصرين، ومنهم مثلا، محمد مندور، بشأن المدارس الشعرية، حيث يقول: "فنحن حتى اليوم لانزال في انتظار وضع تاريخ للأدب العربي على هذا النحو العلمي، وفي كتب مؤرخي الأدب من العرب إشارات عابرة ولكنها عظيمة القيمة لمن يريد أن يستغلها، فثمة مدرسة زهير والحطيئة، ومدرسة مسلم وأبي تمام، ومدرسة عمر بن أبي ربيعة والعرجي ومدرسة جميل وكثير، وثمة مدرسة البديع في العصر العباسي، وجماعة من بقي في عمود الشعر... إلخ، ثم هناك فنون الشعر المختلفة من غزل ورثاء ومديح وما إليها، وهناك تيارات العبث الخلقي عند بشار وأبي نواس، وتيارات الزهد والتقشف عند أبي العتاهية ومن نحا نحوه. وهناك الشعر الفني كشعر ابن الرومي ومدرسته، وشعر الفكرة كشعر أبي العلاء، ولكن كل هذا لا يمكن أن ينظم ويوضح إلا بعد أن تتوافر لدينا الدراسات الخاصة عن كل واحد من هؤلاء الشعراء بمفرده، فعندئذ تتضح الحقائق المشتركة ويصبح التاريخ العام للأدب العربي ممكنا، ومع هذا فما يجوز أن نطمع في دراسات تشبه دراسات نقاد الغرب لآدابهم، فثمة فوارق كبيرة بين آدابنا وآدابهم. أصل تلك الفوارق هو غلبة التقليد على شعرنا ابتداء من العصر العباسي، وطغيان المديح عليه تكسبا به فهذه الظاهرة المشئومة قد ذهبت أحيانا كثيرة بأصالة الشاعر وقطعت العلاقة بين شعره وحياته بحيث يصعب أن نجد نفوس الشعراء في دواوينهم وإن وجدنا بعضا من خصائصهم الفنية أو بعضا من أعداء بيئتهم"( ). وقد أثبتنا النص المطول، الذي يهمنا هنا، برمته، نظرا لأهميته. ولعلنا -ضمن الأهداف- نحاول، بهذا المقترح، التنظير لشعرية عربية معاصرة قادرة على إنتاج نقد علمي بدقة متناهية مفيدة. وإنه من الأمانة والموضوعية العلمية بمكان، بهذا الصدد -وفي مثل هذا السياق-، القول أن لطروحات محمد بنيس كشاعر، وناقد، ومنظر، وباحث أكاديمي، وأستاذ جامعي، سواء أثناء تتلمذي على يده في مرحلة الإجازة، أو فيما بعد، من مرحلتي: الماجستير، فالدكتوراه تحديدا، أقول أن لطروحاته الفضل الأكبر في تكويني الشعري والنقدي والبحثي، من حيث كان لأفكاره العلمية المثيرة اليد الطولى في فتح كل أفق معرفي متقد أمامنا، الأمر الذي معه كنت قد اهتديت إلى هذا المقترح الذي آمل له أن يكون منهجا، وذلك أثناء قراءاتي المتعددة لمفهوم التجربة في الشعر، مفيدا من كل شيء كان يقع تحت يدي: عربيا كان أو أجنبيا، قديما، أو معاصرا، انطلاقا من مبدأ الشمولية، بمفهوم جوته حيث "الإحساس بما أنجزته البشرية بشكل جمعي"( )، ومبدأ الشعرية العربية المفتوحة، بمفهوم محمد بنيس( )، ما استطعت إلى ذلك سبيلا، وإن على وجه الإحساس فحسب، إذ لا فرق عندي، كإنسان، أن تكون مرجعيتي:

          توماس أليوت" أو علي أحمد سعيد، أو الجرجاني، أو تشومسكي...

أقول -ختاما لهذا التمهيد المطول-، إن هذا المقترح ليس نظرية علمية، أو أدبية (وإن كان مشروع نظريات)، وإنما، أزعم أنه، ملاحظة دقيقة بامتياز. وهو ما يعطيه القوة والاستمرارية. يقول موريس بوكاي، بهذا الصدد، إذ كانت "غاية النظرية توضيح حدث أو مجموعة أحداث صعبة الفهم. فهي إذن متغيره في عديد من الأحوال وقابلة للتحول أو لأن تستبدل بغيرها عندما يسمح التقدم العلمي بتحليل أفضل للوقائع أو بتصوير تفسير أصح. وعلى العكس، فإن فعل الملاحظة المحقق تجريبيا لا يكون قابلا للتحول، فقد يمكن تحديد خصائصه بصورة أفضل. ولكنه يبقى كما كان"( ).

.4.2 الشعراء خمسة:

          نقول، إن هذا المقترح النقدي التصنيفي -لا على سبيل التكرار- يستوعب لمرونته، ودقته وإجرائيته كل التجارب الشعرية على امتداد الثقافة العربية برمتها، حيث لا وجود -استقراء- في ثقافتنا العربية نفسها، والثقافات الأجنبية، إلا لخمسة شعراء، على اعتبار أنه باستطاعتنا إسقاط المقترح التصنيفي النقدي هذا عينه على كل الشعراء، وبلا استثناء: سواء الكبار منهم، أو الأقل موهبة، فالأقل...، من حيث نعني على وجه القصد التجارب الشعرية كقصائد شعرية. أي أنه، بالقدر نفسه الذي من الممكن جدا أن ينطبق هذا التقسيم على الشعراء، بالدقة نفسها، وبالمنهجية نفسها التي من الممكن جدا، أن ينطبق على القصائد (كتجارب إنسانية شخصية)، إذ لا نعتقد أن ثمة فرقا بين الراقص والرقصة، كما لدى هارولد بلوم في كتابه: "قلق التأثر"( )، المغني والأغنية، الشاعر والقصيدة. والشعراء هم- كما كنا قد وضحناه في الباب الثاني تحديدا من هذه الأطروحة بـ:

1.       الشاعر المختلف

2.       الشاعر/الأسلوب (الإيقاع الشخصي)

3.       الشاعر/الشاعرية (القصيدية/اللاأسلوب)

4.       الشاعر/الصياغة النهائية

5.       الشاعر الذي تنضوي تجربته الشعرية بقدر وآخر، وعلى نحو نسبي، وثابت في آن واحد، على كل هؤلاء الشعراء.

          وعليه نقول، أنه في الوقت نفسه الذي يكون فيه كل شاعر مختلف بأسلوبي، يكون فيه كل شاعر أسلوبي بمختلف بالضرورة. ونقول -على وجه الملاحظة- ما كل شاعر له صياغة نهائية، في الآن ذاته الذي يشترك فيه الجميع (جميع الشعراء)، ويتقاطعون عند الشاعرية، على اعتبار أن هذه الأخير (أي الشاعرية) يكاد ينضوي فيها كل التجارب الشعرية المبكرة للشعراء الكبار لإتقادها، وقوتها شريطة تغيب الإيقاع الشخصي لهم، إذ انهم مازالوا بعد، لم يتجاوزوا أنفسهم، علاوة على آبائهم الشعريين من الشعراء السابقين عليهم، بظهور -من حيث التعدد الكمي، لا النوعي- أكثر من أسلوب فيها. وهو ما يمكن أن يقف بعض الشعراء قلوا، أو كثروا، عبر العصور الشعرية، عند هذه العتبة وحسب، دون تجاوزها إلى الاستقلال: استقلال الشاعر بصوته الشخصي جدا.

          وعليه، فالشاعر المختلف هو ما يمكن تبسيطه هنا، إذ أنه كان قد سبق لنا توضيح ذلك على وجه الاستطراد، والضبط في المفهوم والإصطلاح، بأنه الشاعر الذي يأتي بشكل شعري جديد على وجه القطيعة، إزاء أسلافه، شريطة اتباع الكثيرين له بتقليد طريقته في الكتابة الشعرية. وأما الشاعر الأسلوبي، فهو الذي يتميز دون غيره من الشعراء بنفس شعري مغاير، على نحو شخصي، ويتعرف إليه من خلال الكثير من السمات الأسلوبية. أما الشاعر الثالث (الشاعرية) فهو الذي لا يمكن إلا أن يحقق لنفسه حضورا بين الشعراء، على وجه الكثرة، والجودة في غيابه هو (أي الشاعر) كذات، وكإيقاع: كأسلوب، كصوت شخصي، نتيجة هيمنة الكثير من الشعراء عليه بأساليبهم، وأصواتهم دون تجاوزه لهم. وأما الشاعر الرابع فهو الأقل موهبة، إلا من بيت شعري، أو أكثر من بيت، يحقق له به -كاستثناء- صياغة نهائية، ويصير بذلك مشهورا في امتداد الزمان، كما حصل مثلا، لبعض الشعراء ضعيفي الموهبة، سنوضح ذلك فيما بعد. وأما الشاعر الخامس فهو ما يمكن أن نسميه بالشاعر المركزي، لإجتماع كل هؤلاء الشعراء الأربعة فيه (أقصد تجاربهم الإبداعية)، على وجه الجودة، والكثرة، والتنوع في الدرجة، والنوع بامتياز.

.3 استرتيجية التطبيق

          .1.3 الخطوات الخمس في المقترح النقدي التصنيفي

1) يقوم هذا المقترح النقدي التصنيفي أولا، على قراءة التجربة الشعرية -كمتن شعري- كتجربة معزولة للشاعر (أي شاعر)، بتقسيمها، تصنيفا، ضمن، إن تحقق لها ذلك، المحاور الأربعة العامة للتجربة، وهي -على التوالي-:

أ - الاختلاف بدرجاته الثلاث

ب - الإيقاع الشخصي بدرجاته الثلاث

ج - الشاعرية بدرجاته الثلاث

د - الصياغة النهائية بدرجاته الثلاث

          هذا والباب مايزال مفتوحا إزاء التفرع من حيث الدرجات، إذ ليس تحديدنا، حصرا، كل محور عام من هذه المحاور في ثلاثة درجات قطعيا إلا من باب الأولوية، والأهمية فحسب. ونقصد بالتجربة المعزولة، أي: كل المتن الشعري للشاعر (أي شاعر) يتساوى في ذلك الشعراء الذين كانوا قد ظهروا في المركز، أو المحيط الشعريين، وذلك بعيدا عن المؤثرات، أو الظروف، أو الحيثيات، أو ما شابه ذلك، التي كانت قد ساهمت إلى حد بعيد في إنتاجه (أي المتن الشعري) كفاعل، أو كمنفعل، كأثر، أو كصدى -حسب محمد بنيس( )، كأصالة، أو كتقليد. كامتداد ضمن النسق العربي الثقافي العام، في قديم الثقافة العربية أو معاصرها، أو كخروج على النسق نفسه لحين من الوقت، وذلك من باب التجريب، أو الاستقراض من خارج الثقافة العربية نفسها، مثلما حصل مع شعراء ما سمي بقصيدة النثر، منذ الخمسينيات من القرن الماضي إلى الامتداد، أو مع الذين كانوا قد تأثروا -مع الحفاظ على الشكل التقليدي: من وزن وقافية للقصيدة- ببعض المدارس الأجنبية كالسريالية، أو الدادائية، أو الرمزية وغيرها، وذلك على سبيل التمثيل، لا الحصر، إذ ليس هنا مكانه.

2) الانتقال من العام إلى الخاص، برصد -من حيث أننا مازلنا بصدد المتن الشعري للشاعر- تجربته، تصنيفا، في إحالتها إلى واحدة، أو أكثر من المقترح بدرجاته الثلاث( ) التي -كما أسلفنا- يتدرجها تنازليا كل محور من محاوره. فالاختلاف كمحور رئيس يتوزع التجربة الشعرية تصنيفا ضمن الدرجات التالية:

          1.1.3 القطيعة

          والقطيعة أنواع، لعل أرقاها: المعرفية (ابيستيمولوجية)، فـ-تدرجا- الإيديولوجية، فالمفهومية، فالمغايرة للسائد وحسب، والاختلاف بهذا المفهوم من الدرجة الأولى كمحتوى.

          2.1.3 شكل: (إسلوب)

          والشكل أنواع متعددة، مثل: الاشتهار بأسلوب معين جديد يستحسنه القراء والنقاد، ويوجد من الشعراء من يتبعه ويقلده فتنة وغواية. من حيث أنه (أي هذا الشكل الأسلوبي) -أساسا- موجود في تفاريق العصور الشعرية ومضمر، فيعمل الشاعر على إحيائه بالإكثار منه في تجربته لذلك يحسب له على وجه السبق، كما حصل لامرئ القيس وأبي تمام وغيرهما، سنوضح ذلك فيما بعد. والاختلاف بهذا المعنى من الدرجة الثانية كشكل، بينما يكون الاختلاف كقطيعة من الدرجة الأولى كمحتوى، لذا لابد من ضمان تحقق الشكل في امتزاجه بالمحتوى.

          3.1.3 شكل: (معجم)

          فيما يخص هذا العنصر كدرجة ثالثة من محور الاختلاف الرئيس، فثمة ما يمكن أن يكون اختلافا، وقد عددناه من الدرجة الثالثة على مستوى المعجم العام في تجربة ما، يشترك في إنتاجه، ومن ثم التميز به عدة شعراء مجايلين، لا بالضرورة لبعضهم البعض، وفي حقبة زمنية معينة، نتيجة لتشابه المناخ الذي ترتعي فيه تجاربهم (كما هو حال العذريين)، أو لانتسابهم إلى مدرسة بعينها (كالرومانسيين العرب: الديوان-أبولو-المهجر) من القرن الماضي، أو ما كان مقتصرا إنتاجه على شاعر واحد بعينه، في عصر بعينه، نتيجة لمروره بتجربة استثنائية، كتجربة أبي فراس في الأسر، أو كتجربة عنترة بن شداد في العبودية.

          2.3. الإيقاع الشخصي

          ينسحب على الإيقاع الشخصي المحور الرئيس الثاني -بعد الاختلاف- ما سبق للاختلاف أن توزع إلى ثلاث درجات، لذلك فالإيقاع الشخصي سيبدأ بـ:

          1.2.3 الأسلوب كدرجة أولى

          وهو، اختصارا، ما يمكن أن يتعلق بالصياغة الشعرية كلغة، وذات، وروح، وجسد، وخطاب، ونفس، وطريقة، لدى الشعراء الاستثنائيين (أي الذين كانوا قد حققوا قطيعة من الدرجة الأولى، والثانية)، أو لدى الشعراء الذين لم يحققوا قطيعة مطلقا، بل أسلوبا وحسب، يعرفون به، ويتميزون بقوة، الأمر الذي معه من الممكن التعرف عليهم بمجرد قراءة الأبيات الأولى لقصيدة من قصائدهم كالمتنبي، أو محمود درويش، أو البياتي وغيرهم من الشعراء الأقوياء.

          2.2.3 الظاهرة

          نقول بالظاهرة، عندما لا يتوفر للشاعر إيقاعا شخصيا من الدرجة الأولى (كأسلوب/طريقة/منـزع-على حد حازم القرطاجني)، معتبرين إياها إيقاعا شخصيا من الدرجة الثانية، في توفرها -في أي تجربة شعرية تصلح أن تدخل ضمن هذا التصنيف- على وجه الكثرة لسمات أسلوبية لا علاقة لها بالصياغة الشعرية كأسلوب عام في تجربة الشاعر، وإنما بالمواضيع، أو الموضوعات الشعرية (الأغراض) على وجه الجدة والاختلاف، والتي قد يتميز بها شاعر دون سواه عبر العصور كما حصل ابتداء مع أبي نواس في تجربة الغزل بالمذكر كظاهرة، أو مع المتنبي مثلا في مخاطبته للممدوح بمثل مخاطبة الحبيب، أو ما شابه ذلك مما سنتعرض له نقدا وتحليلا فيما بعد.

          3.2.3 السمة

          الإيقاع الشخصي كأدنى حد، في درجته الثالثة، هو السمة بمفهوم الأسلوبيين القدامى، أو المعاصرين على السواء، من حيث وجودها على نحو لافت وشخصي في الجزئي من النسيج العام لتجربة أي شاعر، مما يتميز بها وتصبح حينئذ دالة عليه على نحو ما يمكن أن نستدل به على المتنبي كتجربة بكثرة استخدامه لـ"ذا"، أو غير ذلك مما يمكن أن يعد، حسب محمد بنيس، ضمن مفهومه لبناء العناصر واكتشاف التسميات( ).

          3.3. الشاعرية

          كونها المحور الثالث الرئيس في هذا المقترح النقدي التصنيفي من حيث استيعابها (أي التسمية) لبقية التجارب التي من المستحيل تصنيفها ضمن الاختلاف، أو الإيقاع الشخصي لافتقارها إلى شرائطهما في الوقت الذي لا يمكن تصنيفها خارج الشعر، وإن لم يكن كإبداع وأصالة، كقدرة وإمكانيات. من حيث ظل شعراء هذا المحور من المقترح الطريق إلى المغايرة لأسباب متعددة منها: درجة الوعي بالكتابة كموهبة، وثقافة، وتجارب... وغير ذلك مما لا يمكن مناقشته هنا. ونقصد بالشاعرية كتصنيف: كل التجارب الشعرية عبر العصور التي لا يتميز أصحابها بأسلوب شعري شخصي مميز للجؤهم، تعويضا لذلك، إلى تقليد غيرهم أسلوبا، أو إعادة إنتاج تجارب شعرية لأكثر من شاعر في قصيدة واحدة، مما يمكن لنا معه، وبسهولة، إحالة أساليبها إلى أصحابها الأصليين الذين كانوا قد استقدموا من عصور مختلفة ومتباينة، لعل الدرجة الأولى منها (أي من الشاعرية) يتعلق بما سمي بـ:

          1.3.3 المعارضة

          وهو تقليد شعري قديم، وله أسبابه ودوافعه، والمهم في المسألة هو حرص الثاني على تجاوز الأول بإعادة صياغة قصيدة هذا الأخير وزنا، وقافية، وموضوعا مقتفيا أثره، وسالكا طريقته دونما اعتبار لأي قيمة إضافية تحسب لصالح الثاني (المعارض - بكسر الراء) سوى ما يتعلق بالتجديد جزئيا، لبعض المعاني، أو الألفاظ من حيث السلاسة والرشاقة، كما حدث مثلا لشوقي بمعارضته لقصيدة "البردة" للبوصيري على وجه التحديد.

          .2.3.3 تعدد الأساليب

          تحت هذا العنصر (وهو الدرجة الثانية من الشاعرية) تندرج الكثير من التجارب التقليدية، وخصوصا التي قدم شعراؤها نوعا من القصائد لا تهدف إلى المعارضة، من حيث استعانتهم بعدة أساليب معروفة لصياغة قصيدة واحدة. فما بين قطعة وقطعة تجد، إن لم يكن ما بين بيت وبيت ثان له، إن أرجعت الأبيات كأساليب إلى أصحابها الأصليين المتعددين: تعددية في الأساليب، لا على سبيل ما ذهب إليه حازم القرطاجني، بعمد الشاعر للإفادة من عدة منازع ليشكل من مختلف وتعدد ذلك منـزعا له خاصا به، ولكن على سبيل استحضاري سلبي كما حدث مثلا، كنموذج مع حافظ إبراهيم -وغيره من الشعراء التقليديين- في أغلب قصائده، ولعل خير مثال على ذلك هو قصيدته، بعنوان: في ذكرى مصطفى كامل باشا، ليتلقفها شاعر آخر تقليدي هو الزبيري -في المحيط الشعري- ويضيف إليها أصوات لشعراء آخرين معيدا إنتاجها في قصيدة لهذا الأخير بعنوان: "سجل مكانك"، وغيرهما كثير من الشعراء.

          3.3.3 استعارة أسلوب

          وهذا النوع من الشاعرية يحتل أدناها كدرجة ثالثة، ويجسده الشعراء كلهم في تجاربهم المبكرة، إلا أن بعضهم يتجاوزه، وبعضهم الآخر لا يستطيع فعل ذلك. وهو أردئ أنواع التقليد، لا من حيث الكتابة بنفس فلان، أو إيقاع فلان فحسب، وإنما من حيث، أيضا، الرداءة في الشكل، والمحتوى، مما لا ثمن لهذه التجارب، ولا قيمة، ولا استمرارية على الرغم من طغيانها العميم نظما وشعرا، في ظل العصور والأزمنة.

          4.3. الصياغة النهائية

          هذا المحور الرابع الرئيس يتدرج، هو أيضا، ثلاث درجات، إذ لا يمكن بأي حال من الأحوال، وتلك من السنن الكبرى للإبداع، أن تتكون التجربة الإبداعية (أي تجربة عند أي شاعر) من العدم، لذلك، بعد تأمل طويل في الثقافة العربية قديمها والمعاصر، ثبت لنا -رصدا- أن ثمة ما يمكن أن نسميه تصاعديا، تمهيدا، بالصياغة الأولية لما يسمى بإعادة الصياغة، فالصياغة النهائية كحد أقصى (من الدرجة الأولى).

          1.4.3 الصياغة الأولية

          وهو ضرب من الصياغة الأولية لتجربة إنسانية قام به شاعر سابق (أي قديم)، واستمرت مع الزمان يتداولها اللسان، وتتأملها الأذهان، إلى أن يأتي شاعر من بعده، زمنيا، فيعيد صياغة التجربة نفسها، فتصبح الأولية مرجعا، وتبقى مع ذلك مستمرة في الزمان والمكان، وقد ينصرف، على وجه التفضيل، الناس إلى الثانية، وقد لا ينصرفون.

          2.4.3 إعادة الصياغة

كأن يقول الشاعر ابن أبي زرعة، كشاهد على الصياغة الأولية:

                      أهل مجد لا يحفلون إذا نالوا

                                                 جسيما أن تنهك الأجسام( )

فيجيء أبو تمام بعد زمن طويل ليعيد صياغة التجربة نفسها، فيقول:

                      طلب المجد يورث النفس خبلا

                                                  وهموما تقضقض الحيزوما( )

          3.4.3 الصياغة النهائية

          ويظل الحال كما هو، ما بين مفضل للأولية، ومقدم الثانية عليها، وكل يدلي بدلوه، حتى يأتي شاعر آخر فيما بعد. فإما أن يعيد صياغة الأولية والثانية بأفضل، تاركا الباب مفتوحا للشعراء من بعده، أو يعمل على إغلاق الباب في وجه الشعراء، بتقديمه صياغة نهائية (كدرجة أولى) للتجربة الإنسانية نفسها، مما لا سبيل بعدئذ إلى اختراقها، وإن كان المتأخر في الزمان أنفذ من المتقدم، وانضج، وأدق إلا أنها أرزاق للخلود، والشهرة، إن جاز لي القول، كأن يمثل ذلك المتنبي بقوله -كصياغة نهائية-:

                      وإذا كانت النفوس كبارا،          تعبت في مرادها الأجسام( )

سنعود إلى ذلك بشيء من التفصيل، فلا داعي لحرق المراحل.

          .4 المقارنة على نحو قيمي

          .1.4 الخاص إزاء العام

          إن توزع هذا المقترح النقدي التصنيفي إلى درجات (من حيث القيمة) يمنحه مرونة واتساعا لاستيعاب كل التجارب الإبداعية قديمها، ومعاصرها، ومستقبلها على حد سواء، بدقة وأصالة. بالإضافة إلى أن لكل الشروط/محاور من شرائط التجربة مميزات، وعلامات لا تتشابه فيما بينها، مما يعطيها نوعا من التفوق على تجسيد التفاصيل الدقيقة للتجربة الشعرية (أي تجربة شعرية)، علاوة على المسائل الكبرى، لا على وجه التجربة الشعرية المحددة، بإطارها الخاص كتجربة معزولة فحسب، وإنما على مستوى التجربة "كمركز"، أو "كمحيط"، أو إزاء الثقافة العربية برمتها، مما لا يسمح بأي هضم يلحق بواحد من الشعراء، من حيث أنهم لا يتساوون عند التحليل أصلا، فثمة ما يمكن أن يحدث التمايز، ويوجده، حتى ولو كانوا مجايلين لبعضهم البعض، أو ينتسبون لمدرسة واحدة، أو مذهب فني واحد، أو طريقة معروفة، أو ما شابه ذلك.

          ومن المستحيل أن لا نجد أغلب محاور/شرائط التجربة، عند تحليلنا لأي تجربة، ولو كانت معزولة، ولو على نحو ما من الدرجات الثلاث لكل محور، إلا فيما يتعلق بالاختلاف من الدرجة الأولى، والثانية، والثالثة، من حيث لم يتحقق ذلك لكل الشعراء الفحول البزل، أو مما يمكن أن نسميهم بالشعراء الكبار عبر التاريخ الثقافي كله.

.5 الشاعر المركز

          .1.5 أخيرا، بعد الانتهاء من تحليل تجربة الشاعر (أي شاعر) بالتصنيف على النحو الذي سبق توضيحه اختزالا، في النقاط السابقة، لا نقوم بمقارنتها فحسب إزاء التجربة العامة في المركز إن كانت محيطا، أو في أيها مكان، بعد أن تفتت المركز-على حد محمد بنيس، على الرغم من وصولنا إلى قناعة تقول: بأن كل شاعر كبير حيثما وجد هو مركز بالأساس، وإن لم تكتمل شرائط المركز كمركز في بلده، بدليل تأثير بعض الشعراء الكبار في غيرهم، على الرغم من تبدل الأماكن، وندرة تواجدهم عن قرب، من مناطق بعيدة عنهم جغرافيا، كانوا قد أثروا فيها مثل: البياتي (مدريد)، أدونيس (باريس)، درويش (فلسطين)، محمد بنيس (المغرب)، بل ومقارنتها على نحو قيمي إزاء التجربة العربية عامة، قديمها والمعاصر كنسق، ومن ثم استخلاص النتائج العامة، والخاصة.



.6 خلاصة عامة

1.       يقوم هذا المقترح النقدي أولا على قراءة المتن الشعري للشاعر كتجربة (أي شاعر) بتصنيفه ضمن المحاور الرئيسة الأربعة،

2.       ثم يقوم بإحالتها رصدا واستقراء إلى واحدة من الدرجات الثلاث التي يتدرج، تميزا بها، كل محور رئيس.

3.       أخيرا، يقوم بتصنيف التجربة الشعرية الشخصية (المتن الشعري للشاعر) نفسها إزاء أو ضمن التجربة الشعرية العامة في قديم ومعاصر الثقافة العربية برمتها.

4.       إعداد الرسوم البيانية، والجداول، بخصوص التجربة الشخصية للشاعر في مقابل التجربة الشعرية بصفة عامة.



  )  محمد بنيس، محاضرات في الشعر العربي الحديث، كلية الآداب، الرباط، سنة 95-1996م.

  )  نفسه، سنة 95-1996م.

  )  مصطفى طلاس، شاعر وقصيدة، مختارات شعرية، دار طلاس، دمشق، ط:2، 1985، ص: 375.

  )  القاضي الجرجاني، الوساطة بين المتنبي وخصومه، (م.س)، ص: 64.

  )  نفسه، ص: 63.

  ) محمد بنيس، محاضرات في الشعر العربي الحديث، كلية الآداب، الرباط، 95-1996م.

  )  محمد حسين الأعرجي، الصراع بين القديم والجديد في الشعر العربي، دار المركز العربي للثقافة والعلوم، بيروت، ط:1، سنة (بدون)، ص:20.

  )  أنظر عبد المجيد زراقط، في مفهوم الشعر ونقده. (م.س)

  )  محمد مندور، النقد المنهجي عن العرب، دار نهضة مصر القاهرة، ط:1، 1994، ص: 78.

  )  نفسه، ص: 79.

  ) محمد بنيس، الشعر العربي الحديث بنياته وإبدالاته، (3- الشعر المعاصر)، (م.س)، ص: 241.

  ) محمد مندور، النقد المنهجي عن العرب، (م.س)، ص: 79.

  )  أنظر عبد الحسين الأميني النجفي، الغدير في الكتاب والسنة والأدب، دار الكتاب العربي، بيروت، ط:5، 1983م، ص:184.

  )  أنظر محمد حسين الأعرجي، الصراع بين القديم والجديد في الشعر العربي، (م.س)، ص:3.

  )  بنيلوبي مري، العبقرية - تاريخ الفكرة، ترجمة محمد عبد الواحد محمد، مراجعة: عبد الغفار مكاوي، المجلس الوطني للثقافة، الكويت، الطبعة الأولى، العدد 321، ديسمبر 1999، ص: 16.

  )  نفسه، ص: 152.

  )  نفسه، ص: 153.

  )  أنظر نهج البلاغة للإمام علي (ع)، شرح ابن أبي الحديد، دار إحياء التراث بيروت، المجلد III، ص: 496.

  )  نفسه، ص: 496.

  )  أنظر أحمد بن محمد الشامي، قصة الأدب في اليمن، المكتب التجاري، بيروت، ط:1، 1965، ص: 174.

  )  محمد مندور، النقد المنهجي عن العرب، (م.س)، ص: 17.

  )  محمد مندور، النقد المنهجي عن العرب، (م.س)، ص: 27.

  )  أنظر بنيلوبي مري، العبقرية تاريخ الفكرة، ترجمة: محمد عبد الواحد محمد، عالم المعرفة، المجلس الوطني للثقافة، الكويت، ص: 152.

  )  أنظر محمد بنيس، الشعر العربي الحديث بنياته وإبدالاتها (1-التقليدية)، دار توبقال، الدار البيضاء، ط:1.

  )  موريس بوكاي، التوراة والإنجيل والقرآن والعلم، ترجمة: نخبة من الدعاة، دار الكندي، بيروت، ط:1، 1978، ص: 116.

  )  أنظر هارولد بلوم، قلق التأثر نظرية في الشعر، ترجمة عابد إسماعيل، دار الكنوز الأدبية، بيروت، ط:1، 1998.

  ) أنظر محمد بنيس، الشعر العربي الحديث بنياته وإبدالاتها، (4- مساءلة الحداثة)، (م.س)، توبقال، البيضاء، ط: 1، 1991.

  )  عن أساليب الأجناس الأدبية، وتقسيمها إلى ثلاثة أقسام تحديدا نقرأ في كتاب علم الأسلوب لصلاح فضل:

          "كانت فكرة الجنس الأدبي ملازمة لفكرة الأسلوب فلكل جنس أشكال تعبيره الضرورية المحددة والتي لا تقتصر على تكوينه فحسب بل تشمل أيضا مفرداته ونحوه وأشكاله البلاغية وأدواته الفنية التصويرية. وكان الأقدمون من الإغريق يميزون بين ثلاثة أنواع من الأساليب الأساسية: البسيط والوسيط والرفيع (...) وقد ميز فولتير في المعجم الفلسفي بين الأسلوب البسيط والرفيع واعترف كاتب فصل "الأسلوب" في دائرة المعارف القديمة بالمراتب الثلاث، وحاول آخر أن يلصق صفة معينة بكل مرتبة فأطلق على الأسلوب الرفيع اسم الأسلوب الشعري وعلى المتوسط اسم التاريخي، وعلى الأدنى أسلوب الحوار أو العائلي. بينما اجتهد كتاب اخرون في التفريق بين أسلوب الحوار والعائلي والدعوة إلى عدم الخلط بينهما على أساس أن العائلي يتميز بقدر من الطلاقة والحرية ثم جدت أوصاف أخرى للأسلوب مثل إشكالي ونقدي وهجائي ومرح وظريف وفكاهي وغير ذلك، (صلاح فضل، علم الأسلوب، منشورات دار الآفاق الجديدة، بيروت، ط:1، 1985م، ص: 285-286).

  ) أنظر محمد بنيس، الشعر العربي الحديث بنياته وإبدالاتها (3- الشعر المعاصر)، دار توبقال، البيضاء، ط:1، 1991.

  ) أنظر محمد مندور، النقد المنهجي عن العرب، (م.س)، ص: 320.

  )  ديوان أبي تمام، تقديم محي الدين صبحي، دار صادر، بيروت، المجلد II، ط: 1، 1997، ص: 197.

  )  ديوان أبي الطيب المتنبي، شرح أبي العلاء المعري: "معجز أحمد"، تحقيق: عبد المجيد دياب، دار المعارف، القاهرة، الجزء الثاني، ط: 2، 1992، ص: 219.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق