الاثنين، 8 أكتوبر 2012

لقاءات ثقافية مع الشاعر الدكتور عبدالسلام الكبسي

 
 
مقابلات  صحفية :
 
 
 
" 1 "
 
 
رئيس بيت الشعر اليمني الشاعر  الدكتور عبد السلام الكبسي :
 
             "  نريد أن نكون مركزاً شعرياً  "
 
  
    مجلة دبي الثقافية -  أحمد الأغبري
( الإثنين , 10 نوفمبر 2008 )       
 
 
         ما إن يتأسس بيت للشعر في بلد عربي،حتى يشتعل جدلٌ تضطرم فيه كثير من التساؤلات، وبخاصة مع اعتذار بعض الشعراء عن الانتساب إلى هذه البيوت، و رميها بعديد من الاتهامات و صلت إلى حد اعتبار هذه البيوت " ما هي إلا وسيلة من وسائل السلطة لتحجيم دور الشعر و كبح جماح تمرده و تطويع فضاءاته الإبداعية بما يخدم توجهات (السياسي)" .. إلى أخر تلك الاتهامات. انتقلت فكرة (بيت الشعر) من أوروبا ومن فرنسا تحديداً، إلى تونس ، في منتصف العقد الأخير من القرن الفائت ، ومن تونس ، إلى المغرب ، ومن ثم توالى تأسيس هذه البيوت في المشرق العربي ؛ فتأسس بيت للشعر في فلسطين ،ومثله  في الإمارات، و الأردن ... و قبل نحو عامين كان تأسيس بيت للشعر في اليمن . 
     (دبي الثقافية ) التقت رئيس مؤسسة بيت الشعر اليمني الشاعر الدكتور عبد السلام الكبسي ، فكان هذا الحوار :
 
. من تونس إلى  المغرب إلى بيوت مماثلة صارت اليوم في عدد من البلدان العربية .. أهي الحاجة أم التقليد؟ وقبل هذا السؤال : لماذا بيت للشعر في اليمن ؟
 
- اعتقد أن نجاح تجربة أول بيت عربي للشعر في تونس كان وراء انتقال هذه التجربة  إلى المغرب . ونجاح تجربة بيت الشعر في المغرب كان وراء انتقال التجربة إلى العديد من الأقطار العربية، و بناء على نجاح تجربة هذه المؤسسة التي قامت أولاً في تونس و من ثم في المغرب وفلسطين والإمارات والأردن.. كان لابد من بيت للشعر في لليمن ..ليس تقليداً و إنما لحاجتنا إليه . فالشعر هو ثقافة اليمنيين إذ هم به يعيشون حياتهم ويسجلوها ويتعايشون من خلاله مع ذواتهم؛ ولأنه كذلك كان لابد للشعر في اليمن من بيت و مؤسسة متخصصة ترعاه.
 
* تحدثت عن نجاح بيوت الشعر العربية فيما هناك من يقول إن هذه البيوت على الرغم من انطلاقها بآمال عريضة وأهداف كبيرة راهنت على الشعر. فان تلك الأهداف سرعان ما فقدت بريقها وتحولت أغلبية هذه البيوت إلى مقرات مغلقة .
 
- نحن في اليمن لم يكن المنطلق العام  لتأسيس البيت هو الشعر كهدف رئيس ، بمعنى تقديم الشعر كما يفعل القائمون في مؤسسات أخرى  . كان منطلقنا نحن في اليمن أن نعمل من خلال هذه المؤسسة لكي تكون اليمن مركزاً ثقافياً عربيا ًما دامت قد تحققت فيها بعض شروط المركز .
 
* أنت تطرح كلاماً كبيراً قد يرى فيه بعضهم مبالغة .
 
- ليس كبيراً  و ليس مستحيلاً . نحن في اليمن نمتلك إرثاً ثقافياً و حضارياً قوامه ثلاثة آلاف عام  حتى اليوم .. نحن نمتلك آلاف وآلاف المخطوطات التي قدمها العلماء منذ ألف عام تقريباً ،و نمتلك الكثير من المبدعين، بالإضافة إلى تحقق الشرط الثاني و هو حرية التعبير غلى حد ما المتوفرة في اليمن  ، وهذا يمكننا أن نطمح لنكون مركزاً ثقافياً .. فضلاً عن أن   قضية تراجع وتبدل المراكز الثقافية هي قضية خاضعة لابدالات التاريخ ،وقد تعددت المراكز اليوم في العالم العربي. ونحن في اليمن نمتلك شرطين من شروط المركز الثقافي، ونسعى لامتلاك الشرط الثالث .. فما يمنعنا من أن نكون مركزا ثقافيا شعرياً ما دامت قد توفرت لنا بعض الشروط أو أننا في طريقنا لامتلاكها   كلها.
                                          مركز ثقافي
* أنت تتحدث عن الشعر بوصفه مركز الفعل الثقافي فيما هو اليوم لم يعد كذلك فكيف له ان يجعل من اليمن مركزاً ثقافيا ؟ 
 - عندما نقول بيت الشعر في اليمن إنما نقصد الشعر بحد ذاته ونقصد أيضا الفنون و الإبداعات المصاحبة له ؛ لأننا نؤمن أن الشعر نص معرفي في تداخل وتقاطع مع بقية الأجناس الأدبية الإبداعية، بمعنى انه لا يمكن أن تفصل الشعر عن الفن التشكيلي و لا عن الفلسفة أو حتى عن العلم البحثي . الشعر معرفة .. منذ امرئ القيس ونحن نحمل هذه المثل ونؤمن بهذه القيم ، و لذلك فإننا نتقدم من موقعنا عبر الشعر في علاقته بالفنون المصاحبة من أجل تقديم المجتمع اليمني. نحن نتقدم بمفاهيم كبيرة مختلفة ولعل في مقدمة هذه المفاهيم مفهوم الاختلاف نريد أن نكون مختلفين .
  
* وعلى ماذا تراهنون في تحقيق هذا الاختلاف ؟
-  نراهن على المبدعين الحقيقيين في اليمن المتعطشين لبناء مؤسسي حقيقي , له منهجيته وأهدافه وبرامجه الحقيقية الحية الواقعية . نراهن كذلك على ملايين المتلقين في اليمن؛لأن الشعر بضاعة ليست كاسدة في اليمن .. اليمني لا يمكن أن يستغني عن الشعر في أفراحه و أتراحه.. هذا واقعنا اليمني و نراهن على هذا الواقع الحي النابض و الكبير. اقصد أننا في بيت الشعر اليمني  نختلف كل الاختلاف على بيوتات الشعر العربية التي اُفتتحت.
                                   الاختلاف
*بماذا تختلفون؟
- نتفق معهم في بعض التفاصيل ونختلف في البعض الأخر وبخاصة تلك التفاصيل التي لها علاقة بالخطوط الكبرى على سبيل المثال نهدف في بيت الشعر اليمني إلى أن نكون مركزا ثقافيا و أن نقدم قصيدة مركزية.. قصيدة لا تقلد غيرها في مكان ما .. في ألا نكون هامشاً وألا نظل طرفاً ؛لأننا نمتلك المعرفة و الإبداع و لأننا قديماً وعاء العرب و بذرتهم ..امرؤ القيس يمني ،البحتري يمني ، وأبو تمام يمني ، و البردوني يمني .. فما الذي يمنع في أن نكون  مركزا ثقافيا ؟!.. ذلك طموحنا ..و بيت الشعر ما هو إلا الطريق الوحيد إلى تحقيق هذا الطموح .. كما يتميز بيت الشعر اليمني في انه أول كيان رمزي لكل شعراء اليمن المحدثين و القدماء.
 
* * قلتم إن بيت الشعر اليمني كيان رمزي يضم كل شعراء اليمن .. لم افهم هل هذا البيت مؤسسة ثقافية أم نقابية أم انه جمعية إبداعية مثل بقية الجمعيات كنوادي القصة مثلاً ...
- بيت الشعر اليمني من الناحية القانونية ليس جمعية نقابية , و إنما مؤسسة ثقافية تعنى بالشعر و علاقته بالآداب الأخرى .
 
* نفهم  من كلامك انه   لا يضم في عضويته كل شعراء اليمن ولا يسعى إلى ذلك ؟  
- كل شعراء اليمن في بيت الشعر حتى و إن لم ينتسبوا إليه بحصولهم على بطاقة الإنتساب ،لكن هذا البيت معني بتقديمهم جميعا أو بتقديم أهم إبداعاتهم ، كما هو مسموح لهم جميعاً إذا أرادوا الانتساب إليه . 
* هناك شعراء اعتذروا عن عدم الانتساب إلى البيت وساقوا مبررات مختلفة..منها وجود كيانات ثقافية تؤدي هذا الدور على أكمل وجه و غير ذلك من المبررات بعضها تضمنت اتهامات قاسية .
- بيت الشعر اليمني آتٍ و سيقوم على أنقاض مؤسسات ثقافية أخرى معنية بالشعر  ا لها علاقة بلوائح خارجية أو بهم قومي لم يعد يجدي اليوم لانصرافهم إلى السياسة و ما وراءها. نحن في بيت الشعر اليمني  نتحرك من اجل الشعر . أما الكيانات  السابقة و التي ما زالت  قائمة  فقد أصبحت مفرغة من محتواها الحقيقي  أو معناها المؤسسي ؛ لاعتبارات كثيرة منها  أن لهذه المؤسسات والأشخاص القائمين عليها مواقف شخصية وإيديولوجية من المبدعين  تارة و من الإبداع تارة أخرى . هذه المواقف الشخصية و الإيديولوجية نعانيها و قد يعانيها الكثير من المبدعين الحقيقيين  ، ولذلك مادمنا في بيت الشعر نتبنى المنهج كخيار واحد ووحيد فان المواقف الشخصية و الإيديولوجية مرفوضة جملة تفصيلا علمياً ومنهجيا؛ لأن بيت الشعر يتمتع بحيازته  ميثاق شرف يخول فقط  للشاعر المختلف ان تكون له الصدارة وأن يكون في المقدمة . والشاعر المختلف هو الذي يأتي بقصيدة على هيئة قطيعة معرفية مع السائد .
* ما مشاريعكم و ماذا تحقق منها ؟   
- بدايتنا  ناجحة و مبشرة ونحن مصممون على الاستمرار و لا يوجد مؤسسة ثقافية في اليمن حققت نجاح من خطواتها الأولى بمثل ما تم لنا ..  أطلقنا موقعا ثقافيا على الانترنت و أصدرنا مجلة ثقافية فصلية ( دمون ), ولدينا برامج شعرية واحتفائية بالرواد قطعنا فيها شوطا لا بأس به . لدينا برامج كبيرة و ضخمة ولعل في مقدمتها برامج إحياء المخطوطات اليمنية و تقديمها للقارئ العربي ،و مشروع تكريم الشعراء المبدعين أحياء او أمواتاً ، و لدينا مشروع إنشاء متحف للشعراء يحتوي على أدوات , أشياء ,و خطاطات الشعراء البارزين في اليمن..هناك مشاريع كثيرة.
 
* كثير من بيوت الشعر كان لها كثير من هذه الأهداف والمشاريع الرائعة لكن للأسف فان هذه البيوت حسب البعض لم تقدم أي جديد حتى اليوم ..
 
- مشروعنا في اليمن في بيت الشعر ليس له علاقة ببيوتات الشعر العربية من حيث التقليد ..لدينا خطط وبرامج ومنهجية ولدينا ما يميزنا .. لكن ما ينقصنا اليوم لننطلق بمشاريعنا هو مبنى لمؤسسة البيت؛ لأننا مازلنا في الشارع.
                                      الديمقراطية
* هناك من رأى بان ما ينقص البيت هو ما ينقص بقية المؤسسات الثقافية ..إنها الديمقراطية .. وأبدى البعض تخوفه من أن يكون تفردك باستخراج ترخيص التأسيس باسمك وتعيين شخصك رئيساً وتسمية أعضاء هيئة البيت .. بداية لشخصنة البيت.. ؟!   
 -  نحن اليوم لا ننظر إلى هذه المسالة نظرة المهتم لأنها نظرة شكلية ، ولا تتعلق بتفاصيل جوهرية بالموضوع .نحن اليوم في الهيئة الإدارية و مجلس الأمناء  مصرون على استمرار هذه الفكرة و نجاحها مهما حاول البعض تشويه نقاوتها و تحجيم أهدافها الكبيرة بخوضهم في التفاصيل الصغيرة..وستنجح هذه الفكرة دون الانشغال بهذه القضايا الشكلية.     
* لكن الديمقراطية بالنسبة للكثير ليست قضية شكلية..   
 - لا علاقة للديمقراطية بتسيير البيت..ليس هناك مغنم حتى نتداول هذا المنصب ، وكل الذين سيتولون هذا المنصب وهذه المناصب القيادية هم في مغرم على الدوام.  
* هل لديك استعداد للتخلي عن رئاسة البيت في المستقبل؟ 
- نعم ؛عندما يقف المشروع على قدميه سوف نسلمه للأجيال القادمة .. لن نحرص على الاستمرار كرئيس لهذا البيت ؛ لأنه هدية للأجيال القادمة، ولأنني شخصياً مؤمن بالأجيال وضد الصنمية و البابوية و ضد ما يمكن أن يكبح جماح المبدعين .
 
 
 
 
 
 
 
" 2 "
 
رئيس بيت الشعر اليمني في حوار للأسبوع العربي اللندنية :
 
" الشاعر الكبير هو المعني بخلق الواقع ".
 
( الإثنين , 17 سبتمبر 2007 )
 
 حاوره : صالح البيضاني
 
   تشهد الساحة الثقافية العربية الكثير من التفاعلات التي كان للشعر منها نصيب الأسد نظرا لأصالة هذا الصنف الإبداعي وقدمه وشعبيته. وعن أبرز قضايا الشعر العربي المعاصرة والانحسار الذي يقال أن الشعر يشهده في زمن بات زمنا للرواية وقضايا أخرى التقينا بالشاعر الدكتور عبد السلام الكبسي رئيس بيت الشعر اليمني والذي تحدث بصراحته المعروفة عن الشعر العربي إبداعاً ومؤسسات.
 
  * لماذا بيت الشعر , وهل الشعر بحاجة حقاً إلى كيانات تنظمه؟
 
  - أجزم اليوم، بعد مرور عام كامل على تأسيس بيت الشعر أن المشهد الشعري اليمني كان في أمس الحاجة إليه على اعتبار ما يقدمه من خدمات ثقافية وطنية للشعر والشعراء والقراء فقد ساهم معرفياً وإنسانياً في طرح الكثير من الأفكار مثل أن تكون اليمن مركزاً ثقافياً.  يطرح سؤاله المعرفي لا محيطاً يتلقى الإجابة بقناعة كسولة فحسب. وهذا طموح مشروع فلدينا ثقافة تمتد لأكثر من ثلاثة ألاف سنة ما بين الكتابة على الأحجار بالمسند حتى الكوفي في المخطوطات وغير ذلك من الإبداعات الجديدة التي من الممكن أن نحددها في خمسين عام مضت فقد استجدت على مستوى المشهد الشعري اليمني تجارب شعرية متميزة تجاوزت الحدود الجغرافية كبلد والمضامين الإيديولوجية كأمة رافده ما يمكن أن نسميها ببحيرة الشعر العربي التي بعد وفاة شوقي والسياب، نزار والشابي، الجواهري وأمل دنقل وغيرهم من الريادات المركزية كانت قد جفت ولم يبق أمامنا سوى ضخ الدماء الجديدة من الأطراف – المحيط – الهوامش لتغذية تلك البحيرة المتخيلة لذلك قامت، وتقوم بيوت الشعر في العالم العربي بدءاً بتونس، فالمغرب، والأردن، فلسطين، اليمن، الإمارات وأخيراً مصر لا مجال هنا للاسترسال لنعود إلى الأفكار الجديدة لبيت الشعر التي من ضمن ما كان قد طرحها التوافق على أن يكون للمشهد الشعري اليمني ميثاقٌ ينادي بسيادة وشيوع ثقافة المحبة وأن التقدمة للشاعر المختلف. وغير ذلك نادى بيت الشعر بضرورة وأهمية الالتفات إلى الثقافة اليمنية والانطلاق منها باعتبار اليمن أصل العروبة ووعائها القديم فكانت مجلة \\\"دمون\\\" الصادرة عن البيت تحت شعار من اجل نص شعري مختلف بإعادة الاعتبار للشعر من خلال نشر النماذج النابضة والاعتراف مؤسسياً بالشعر الحميني والشعبي بإفساح المجال للنشر جنباً إلى جنب مع الفصيح بالإضافة إلى نشر روائع الشعر اليمني القديم والتنظير مركزياً لمفاهيم جديدة كالاختلاف والإيقاع الشخصي والشعرية والصياغة النهائية إلى غير ذلك من الموضوعات التي تساهم إلى حد بعيد في إنارة ليل الإبداع الشعري العربي الطويل وبهدف إعادة صياغة وترتيب وتقديم المشهد الشعري اليمني الذي ظل متشظياً، مراكماً، ومرتكباً في الغالب حتى جاء بيت الشعر اليمني. هذا الأخير أدعى أن كل شاعر مبدع في اليمن كان قد شارك بطريقة أو بأخرى في تأسيسه، رفده، التعاطف معه، وأدعى إننا ما زلنا في بداية الطريق فالبرنامج طويل وثري ومتنوع والعوز إلى المال يفقدنا كل حماس لولا إيماننا بالفكرة وأهمية أن نستمر إنها مسألة وجود ولا بد أن نكون موجودين اليوم وغداً كما كنا بالأمس على رأس الشعر من خلال امرؤ القيس.
 
  الشعر وعاء للمعرفة العربية
 
  * يقول النقاد أننا نعيش زمن الرواية فهل بات الشعر شيئاً من الماضي برأيك؟
 
  - الواقع في العالم العربي بالذات يقدم الشعر على الرواية لأنه تاريخياً وعاء معرفة العربي القديم وخبرته وأفكاره وتسمياته ولا يمكن لي كمثقف عربي، أعيش العالم العربي بكل همومه ومشاكله، طموحاته انكساراته، طغاته وأئمته، قتلاه وجرحاه، أنظمته وأيديولوجياته، أغنياته وبكائياته، أن أدعي متجاهلاً دور الشعر، زمناً غير زمنه فالشعر هو الزمان القديم والطلائعي لنا كعرب في الوقت نفسه الذي نستطيع القول أن المشهد مفتوح للرواية بامتياز كجنس أدبي لا كزمنٍ وما يترتب على ذلك من انقطاع إليه .
 
  * كيف تنظر لواقع الشعر في الوطن العربي كإبداع ومؤسسات؟
 
  - الشاعر الكبير هو المعني بخلق الواقع بكتابه نصه الشعري النابض والمؤسسة معنية بالتسويق والترويج لهذا النص، هو بمعنى أن دوره مقتصر على الانجاز في الوقت الذي على المؤسسة أن تقوم بإيصال هذا الانجاز إلى القارئ كحق إنساني للبشرية.
 
 وأنظر أن واقع الشعر في العالم العربي ما زال بخير وعلى الرغم من وفاة الكثير من الشعراء الكبار ما زال ثمة محمود درويش، أحمد عبدالمعطي حجازي، سعدي يوسف، عبدالعزيز المقالح، محمد بنيس، أدونيس …. إلى آخر اللائحة مع اعترافي بأن ثمة شعراء عرب يشتغلون هنا أو هناك لم تسلط الأضواء على تجاربهم وإنجازاتهم بعد لأسباب لا مجال هنا لذكرها ونعاني منها هنا في اليمن كثيراً لكننا بترسيخ مبادئ العلم كسلوك وممارسات سنتجاوزها فلا مواقف شخصية، ولا إيديولوجية.
 
  كل شاعر كبير مدرسة
 
  *هل ولى زمن المدارس الشعرية؟
 
  - كل شاعر كبير مدرسة. أبو تمام مدرسة بإختلافه، امرؤ القيس من قبل ثم الشاعر الكميت بن زيد الأسدي. أما الذين كتبوا في ضوء مدارس شعرية أو فكرية فلسفية معينة كانوا قد استجلبوها فلم يكن لهم نصيب في أن يشكلوا مدارس تنسب إليهم.
 
 تأمل في \\\"الديوان\\\" أو \\\"أبو لو\\\" أو شعر فأغلب ما نجحوا في تقديمه لم يكن سوى أفكار. الشاعر الكبير لا يقدم أفكاراً فحسب بل أشياء أيضاً وأقصد بالأشياء الإنجازات: قصائد، دواوين . الشاعر الكبير ليست مهمته إستقرائية، إستنباطية بعد النص تلك مهمة الناقد. هذا الأخير هو المعنى بإبراز الدروس الجديدة بل المختلفة التي يقدمها الشاعر نصاً شعرياً من خلال ملامسة التفاصيل الدقيقة للصيغة، فالشعر صناعة.  مقارنتها كزمن جديد بالسائد، والحكم عليها في سياقها ونسقها العربي الأصيل كإضافة ومن خلال مقاييس علمية لا تخطئها الذائقة والمنهج معاً.
 
 نحن اليوم نفتقد إلى ذلك الناقد الذي كان قد ضرب لنا أروع الأمثال بالأمس منذ الجمحي حتى محمد مندور، بسبب كل هذه المتعاليات من الخطابات النقدية السائدة.
 
  *الصراع بين القديم والحديث في الشعر العربي هل ما زال يحمل دلالات حقيقية تبرر قيامه؟
 
  - لا يوجد علمياً صراع بين قديم وحديث لا في ثقافتنا العربية القديمة ولا المعاصرة بالمعنى السلبي بدليل أن المنهج اليوم يقول بحداثة امرؤ القيس، وأن الحداثة ليست متعلقة بالزمان (قديم – حديث) بل بمسألة أخرى لها علاقة مباشرة بالأصالة كجوهر في الوقت نفسه الذي من الممكن القول أن الصراع كان بين الذوائق، الذائقات ما بين ناقد وناقد، بين الرؤية إلى شكل دون شكل آخر فحسب. إن خلاف الشعراء والنقاد المعاصرين مثلاً لم يكن من أجل الشعر كجوهر بل كشكل. كان الشكل قديماً متفقاً ومتعارفاً عليه لذلك أنحصر الخلاف في المعنى وأنفتح لذلك الكثير من الأبواب المتعلقة به كالسرقات، حتى أن الجرجاني عبد القاهر وهو يفعل مقياسه (الحقيقة والمجاز) بالغ في الحكم على تجربة المتنبي سلباً من خلال المعنى.
 
  * انتشرت مؤخراً في الوطن العربي ظاهرة المسابقات الشعرية لكن كيف تنظر لهذا النوع من المسابقات ولماذا لا تشهد في الغالب مثل هذه المنافسات حضوراً للوجوه الشعرية المعروفة؟
 
  - أرى إليها بتفاؤل وأقدر لأصحاب هذه الجوائز مبادرتهم إزاء الشعراء المبدعين مع تأكيدي على أهمية أن يتمتع حكامها بالنزاهة والموضوعية إحتراماً للقيم والمبادئ العلمية الإنسانية الصحيحة، وأن ينعموا – كشرط – بالحرية في الاختيار وأقترح أن تُطعم لجان التحكيم بأكثر من شاعر معروف لأن خبرة الشاعر أكبر وأقوى من خبرة العالم فما يعرف الشعر إلا من دفع إلى مضايقه.
 
  وبالنسبة إلى الوجوه المعروفة فهناك على ما أظن، وقد قرأت، غير فرع وفرع من الممكن أن يشاركوا فيه كالجائزة المقدمة لأهم شخصية ثقافية في مشروع جائزة الشيخ زائد، والعويس والبابطين وسعد الصباح وغيرها في البلدان العربية وأتذكر أن الشاعر اليمني الكبير عبدالله البردوني وعبدالعزيز المقالح وغيرهما قد نالوا نصيباً من تلك الجوائز العربية. ولعل أهم وأجمل ما في تلك المسابقات والجوائز أن الشاعر حر في موضوعاته فلا مدح ولا تزلف أو شيء من هذا القبيل التي عانى منها أجدادنا الشعراء في ثقافتنا العربية القديمة.
 
  * في ظل رحيل الكثير من القامات الشعرية البارزة لماذا بات ظهور قامات جديدة أمراً عسيراً؟
 
  - ما الذي تنتظره اليوم من نتائج خطيرة على مستوى المشهد الشعري العربي والشعر العربي بصفة عامة غير ذلك ما دام ثمة من يحرض، وهماً، الشعراء الناشئين على إهمال القواعد الأصيلة في ثقافتنا العربية بعد تعلمها، من يسمي الأشياء بغير مسمياتها.
 
 من يروج للنثر على أنه شعر، ومن يدعي المنهجية وهو أفقر ما يكون إلى منهج، من لا يضع للنواميس والسنن أدنى اعتبار كمسألة الشعر الكبير، الأجيال، التغيير وارد بتغير الزمان إلى آخره. لقد ظهرت نازك والسياب والبياتي تتلمذاً أولاً على يد العقاد والشابي وعلى محمود طه وأستطاع هولاء الأخيرين أن يكونوا كباراً وقامت لاعترافهم بشوقي معلماً وحافظ وغيرهما وهذان كان قد تربيا بسنن أبي تمام والمتنبي والمعري والفرزدق. أدونيس ودرويش يدينان بالفضل لنزار وجبران وهكذا الأمور سارت وينبغي أن تسير هكذا.
 
  لكن هذه الأجيال القادمة عندما تُرمى في أحضان الاستلاب كأن تكون القصيدة المترجمة أباً رمزياً، وثقافة أحادية، أن ينقطع الحبل بين الأجيال وثقافتهم فلن تلق في المستقبل قامات. بالإضافة إلى تكريس بعض المنابر وأغلبها لأسماء بعينها كانت افتراضاً قد انتهت أو لم تعد مؤثرة فهذا واحد من أسباب عدم ظهور القامات ومع ذلك فإن ثمة من سيكون قامة من الأجيال الجديدة ولكن الطريق طويل ولا بد من قطع شوط كبير منه وذلك بالاستمرار والمحاولة تلو المحاولة.
 
  * يتحدث البعض عن الصراع بين الشعر والأجناس الأدبية الأخرى من منطلق نظرة الشعراء الإستعلائية في أحيان كثيرة لبقية صنوف الإبداع ما رأيك في ذلك؟
 
  - لقد أستطاع الشعر أن يستوعب الأجناس الأدبية الأخرى كالمسرح والقصة القصيرة وحتى الرواية (كالملحمة) وغير ذلك ويبقى دور الأجناس الأخرى أن تبادله الضوء بالضوء، العطاء بالعطاء إذ لا شيء يؤخذ مقابل لا شيء ولا أظن أن ثمة من يطمح ليرى بإستعلاء إلا الجاهل فالمعرفة لاتأتي إلا بالتواضع ولا أظن أن ثمة صراعاً بل حواراً لأن علاقة الأجناس ببعضها البعض موازية ذلك الحوار يظل قائماً حيث لا إلغاء ولا إستعلاء.
 
مشهد كبير
 
  * حدثنا عن واقع المشهد الشعري اليمني وأبرز تفاعلاته ؟
 
  - أصبح المشهد الشعري اليمني اليوم مشهداً كبيراً ومتسعاً للجميع وأصبح مسؤولاً وهناك العشرات من الشعراء المهمين والمئات من النصوص الشعرية المتميزة ويساهم بقدر كبير في رسم الجدار العربي العريض من الشعر. لم يعد البردوني أو المقالح أو الشامي أو الحضراني أو الشعراء السبعينيون وحدهم في هذا المشهد. لقد ظهرت أسماء كثيرة وجديدة. ساهم في الدفع بذلك حركة الطباعة والنشر وظهور المؤسسات والأمل مازال يلوح بشموسه ونجومه في أن تذهب اليمن مجدداً بالشعر كله. الشاعر اليمني اليوم يقرأ في أكثر من ثقافة ويتأثر بأكثر من فكرة، وأكثر من لوحة، وصورة ويتبادل والشعراء في العالم الغواية غواية كتابة نص شعري إنساني مختلف. أصبح ينادي بالإختلاف كمفهوم وتجربة، بأن يكون هو نفسه لا الآخر في ارتباط بالمكان والزمان العالمي، وخارج الحدود، باستغلال الداخل كإستلهام، وتمثل ثقافته الوطنية أولاً والانطلاق منها إلى العالمية لإنتاج زمنه الشعري المختلف بإمتياز أو بعبارة أخرى مختصرة إننا نعمل من أجل تمثله كل ذلك، بشوق وفرح.
 
 
 
 





 
" 3 "
 
رئيس بيت الشعر اليمني د. عبد السلام الكبسي:
 
" التحدي يدفع المرأة إلى قلب المشهد الثقافي "
 
إلتقاه صالح البيضاني – 2004 -
 
الدكتور عبد السلام الكبسي شاعر وناقد ورئيس بيت الشعر اليمني . صدرت له العديد من المجموعات الشعرية، عوضا عن كتاباته النقدية الغزيرة التي تثير الكثير من الجدل لما تتضمنه من جرأة ومغايرة.. وفي هذا الحوار السريع والقلق الذي أجريناه معه نسلط الضوء على بقعة مسكوت عنها في المشهد الثقافي اليمني ألا وهي الإبداع النسائي.
 
* الإبداع النسائي في اليمن......
 
- الإبداع النسائي قليل في اليمن،وأقل من ذلك هو الإبداع الحقيقي شعرا ونثرا، وإذا ظهر فإنه يظهر بقوة لأسباب ربما أهمها وضمنها التحدي. هذا الأخيرهو أهم ما يدفع بالمرأة إلى قلب المشهد الثقافي بامتياز. ولعل هذا التحدي يقوم لدى الأنثى مقام التجربة لأسباب معروفة منها الاجتماعي والديني والعرفي وغيره بالنسبة إلى بلادنا , وفي مثل أوضاعنا.
 
* مبدعات بالأسماء ......؟
 
- هناك مثلا منذ ألف سنة تقريبا إلى اليوم في تأريخ اليمن لم تصلنا سوى الدهماء، وزينب -  بضعة أسماء فحسب - الشهارية، وغزال المقدشية، وفاطمة العشبي، ورشيدة القيلي , ورحمة حجيرة , وتوكل كرمان  من الأسماء الجديدة، ما بين عالمة، وشاعرة، وكاتبة , وناقدة.
 
* مبدعات لم تذكر أسماؤهن ......؟
 
- الحقيقة أنني أذكر أهم من وصل صوتها إلى الناس، وبصورة ملفتة، أما من لم يتجاوز صوتها اتحاد الأدباء أو وزارة الثقافة، أو الملاحق الثقافية وغير ذلك من المنابر فكثيرات . وهناك الكثير من الموظفات وما شابههن لا علاقة لهن بما نحن بصدده فيما يتعلق بالأبرز من الأصوات النسائية الحرة والقوية، الأصوات التي لا تقل موهبة وأهمية وإنجازا عن الرجل.
 
 
 
* تجن على المرأة ......؟
 
- أنا لا أتجنى، أنا أنتقد الجميع ذكرا وأنثى، لا فرق عندي بينهما، لأنني أتجاوز بخطابي الثقافي النقدي الجنس إلى الإنسان... نعم إنه الإنسان، لدى المرأة والرجل , الذي يبدع، الذي يعطي، الذي يمنح، الذي يشع . ما الذي تريده المرأة؟ هل سيفيدها التشجيع فحسب؟ وإلى متى؟ إذا كانت المرأة المبدعة تريد أن تكون إنسانة عند التقييم، فلتتحمل النقد ، وإذا كانت تريد العكس، فلتظل مجرد أنثى.
 
* إبداع المرأة قليل في كل
الثقافات.........؟
 
- لا شك في أن أعظم الإبداعات الإنسانية لا تتوفر إلا حيث يكون الألم، إلا حيث تكون التجربة فعلا في الموت، واختراقا للحياة، ولا شك في أن المغامرين قليلون، وأن الإرادات نادرة، ولا شك في أن استعداد الأنثى أضعف وأجبن بكثير من أن نراهن عليه . هذا الكلام الأخير في تعبيري بالاستعداد النفسي والفسيولوجي والعقلي لا يتناقض مع مسألة الإنسان الذي يساوي بين المرأة والرجل. إذن فآستعداد المرأة ضعيف بحيث يمنعها من محاولة المرور على حافة الخطر . المرور من حيث مرّ هوميروس، المتنبي، دانتي، كونفسيوس، المعري، الكميت.. إلى آخر قائمة العظماء، في كل الثقافات الإنسانية. لا مجال هنا للإسترسال..
 
* أسماء من الماضي.......؟
 
- في العصرين الجاهلي والإسلامي نتذكر مثلا: الخنساء كشاعرة، وسكينة بنت الحسين كناقدة، وغيرهما ممن احتفظ لهن الرواة ببعض الأشعار والأقوال هنا وهناك دعك من " ولادة " في الزمن الأندلسي وغيرها مثل " زبيدة " في العصر العباسي، فهناك الكثير من الجواري والمحظيات . وأما عصر النهضة , فإنه إلى اليوم يحفل بأسماء كثيرة لامعة , أمثال: مي زيادة، بنت الشاطئ، بنت الهدى، نازك الملائكة، فدوى طوقان، سلمى الخضراء الجيوسي، وغيرهن من الحداثيات.
 
* المبدعات اليمنيات.......؟
 
- ينبغي أن يتحلين بالقيم ببعدها الإنساني الأصيل , وأن لا يكتبن إلا من منطلق الحفاظ على القيم والأخلاقيات . وأن يؤدين رسالتهن في الحياة كما ينبغي، بل كما يجب، انطلاقا من فطرتهن، لا ارتهانا لصيحات مشبوهة، يعمل أصحابها ليلاً ونهاراً على مسخ الفطرة واستعباد الجسد والروح معا..
 
* الإعلام والمرأة.........؟
 
- أنتقد هذا الإعلام بشدة إدانةً , واتهاما..
 
 
 
 
 
" 4 "
 
 
د.عبدالسلام الكبسي لـ" الثقافية ":
لم نقف على نقد مسؤول , وموجه لبيت الشعر اليمني إلى حد الآن.
 
حاوره / داود دائل
 
 
استطاع الشاعر والناقد الأكاديمي الدكتور عبدالسلام الكبسي بتأسيسه لبيت الشعر اليمني منذ سنوات أن يحرك مشروعاً ناجحاً للمشهد الثقافي اليمني بجرأة الطروحات وتنوعها وقوة الأفكار وعمقها التي تتحرك مع كل فعالية ثقافية، يقيمها بيت الشعر وضمن كل إصدار ولقد نجح بيت الشعر في إثارة الكثير من الأسئلة والكثير من الإجابات والكثير من الحنق والحب معاً، وانقسم المثقفون من حوله مابين مؤيد ومعارض حتى صار بيت الشعر من أهم المؤسسات المرموقة التي يشار إليها بقدر من المسؤولية والامتياز على الرغم من قلة الإمكانات في واقع يعج بالمنظمات الحكومية والنقابات والمؤسسات والجمعيات، ولا حديث للناس المهتمين بالثقافة والشعر إلا عن بيت الشعر اليمني.
 حاولنا عبر هذه الخلوة «القلقة» جداً مع الدكتور.عبدالسلام الكبسي رئيس ومؤسس بيت الشعر اليمني أن نضيء بإجاباته الكثير من الأسئلة.
 
الثقافية كان لها دور.
1.   كدكتور عرفك الكثير ,ومنهم الطلبة والمثقفون ,لكن كشاعر ومثقف , كيف تحب أن يعرفك الجمهور..؟
 
-       يعرفني الناس منذ 1986 حتى الآن شاعراً وناقداً ومنظراً أكاديمياً أحاول أن أقول شيئاً مهماً ومختلفاً , يعمل مع الوقت على مساعدة المثقفين في اتخاذ الخطوة المنتظرة في أن يكونوا هم لاغيرهم، في أن يبدأوا من الآن فصاعداً بطرح اختلافهم على صعيد المشهد العربي والعالمي متمثلين ثقافة ثلاثة آلاف عام من التنوير والاستنارة بثقة ومعرفة. ولقد كان للثقافية «تعز» دور في نشر أشعاري بشكل لافت ومركز , لأكثر من مجموعة شعرية علاوةً على الكتابات النقدية والتنظيرية فيما له علاقة بالتجديد في الشعر انطلاقاً من موقعنا كمحيط يريد أن يكون مركزاً لاعتبارات متعددة منها حرية التعبير , والصحافة والنشر والسؤال وجوابه «الابداع»..وغيره
 
 
الانعتاق من قيود الجهل
2.   هل لك أن تحدثني عن إصداراتك الأدبية , والى أي جيل تصنف هذه الأعمال ..؟
 
-       أنتمي إلى جيل التسعينيات ولي أكثر من ست مجموعات شعرية تدور محاورها في المكان صنعاء , المكان القبيلة . وتتقدم بعدد من الرموز الثقافية , مثل : مالك الأشتر , والسمح بن مالك الخولاني  , والحسين وغيرها. أعالج من خلالها الواقع اليمني المعاصر، وعذابات الإنسان في نضاله المهم من أجل الخلاص والانعتاق من قيود الجهل , والأنظمة الاستبدادية , والأصنام باتجاه الحرية في إطار الخطاب المقاوم بامتياز , منفتحاً على كل الثقافات العالمية بكل ماتحمله من رؤى و قيم في المكان والزمان، الإنسان والحلم , والرمز.
 
3.   ما حقيقة  الشاعر ؟ لماذا الشعر..؟ وكما يقال انه ملاذ جميل ..؟
 
-       الشاعر إنسان ومثقف وصاحب رسالة , وفنان وموهوب بل إنه مجبول على أن يتكلم عن العالم بطريقة مختلفة عبر اللغة , وفي اللغة يكتب الشعر ليؤثر في المكان والزمان , من أجل الإنسان.
يختزل السماء والأرض
4.   ما يجب أن يعطيه الشاعر للنص..؟
-       يمنح الشعرُ أن اخلص له الشاعر الخلودَ , وهو أثمن وأغلى من كل منحة . في هذا الاطار يسجل اللحظات المتميزة للإنسانية أولاً بأول , في أقل قدر من الكلمات بل إنه يختزل السماء والأرض في إطار ضيق من الشكل , كما لم يحدث من قبل , وكما لايستطيع أي ابداع آخر إلا مع الشعر لذلك ينبغي على الشاعر أن ينقطع له . فالشعر كالنار لاتتوهج إلا بمواصلة النفخ حتى يتسع الأفق , وتتلون الإنارة.
 
بعض الشعر لم يجد حقه من النقد
5.   هل كل ما كتب من دراسات نقدية قد أعطى الشعر حقه من النقد .ما ريك بالمشهد النقدي .؟
-        ما النقد أولاً؟ ومن الناقد ؟ من هو المفترض به أن يقوم بالنقد , وهل هناك مناهج ومعايير نقدية حقاً , أم أن المسألة مازالت برمتها ذوقية انطباعية تقريرية  , أو منهجية مستقرضة مسقطة، مقلدة، ومبشرة متضاربة , لامجال هنا للاسترسال. ولعل الفائدة تكمن في إشارتي السريعة إلى أن الابداع سابق على النقد، وأن هذا الأخير يستنبط قوانينه من الابداع كما حدث مع الخليل بن أحمد الفراهيدي في العروض، والجرجاني وغيره في البلاغة وحازم القرطاجني في الأسلوب..الخ وفي كل الثقافات العالمية. وأن النقد تقييم وتقويم، وفصل في الأحكام بالدرجات من خلال المقارنات , وهناك مناهج تتعلق بهذا المعنى، ولقد وجد اليوم ضروب منه , كالنقد الصحفي , ويقوم على الثناء والتقريض، والنقد الأكاديمي الذي لايعنى إلا بضبط المعايير وهناك النقد الايديولوجي وهناك ماكان غير ذلك لامجال هنا للاسترسال. وأدعي أنني حاولت أن انتقد المشهد الشعري ومازلت ولقد نجحت في إعادة ترتيب المشهد الشعري الإبداعي اليمني منذ  1997, و انتشرت لغتي النقدية الواصفة واستقر عليها الناشئة كالتجييل «سبعينيون، ثمانينيون ، تسعينيون ألفيون» مؤازةً بالبردوني الذي كان يستعمل مصطلحات كالمدارس «مدرسة إريان، مدرسة الزبيري..» أو الشامي، أو الدكتور عبدالعزيز المقالح الذي كان يقسم المشهد إلى جيل الأدباء الرواد، ومابعد الرواد، والأجد . أقول كالتجييل من خلال دراستي للظواهر الشعرية لا المراحل العمرية. وهناك الكثير من المفاهيم والمصطلحات على الصعيد النقدي الذي أستطيع أن أدعي التفرد فيها على مستوى العالم العربي , مثل: مفهوم الصياغة النهائية والاختلاف , وبقية ماناديت به كمقترح نقدي معاصر نحو منهج نقدي تصنيفي جديد للتجارب الشعرية «ليس هنا مكانه». وهناك الكثير من الطروحات النقدية التي لم تتح لي الفرصة بعد للحديث عنها لانشغالاتي بالتدريس الجامعي في واقع أكاديمي ضعيف وسيء في بلادنا بسبب التعيينات السياسية والافتقار إلى أبسط مقومات التعليم الجامعي المادية؟ إلى آخره ,وليس هنا مكانه .ولانشغالاتي بالكتابة الشعرية وانشغالاتي المتعددة. وأعود إلى سؤالك مجيباً بأن هناك عدداً مهماً من التجارب الشعرية المتميزة لم تلق حقها بعد من النقد بسبب مايسود المشهد من مجاملات ومخاوف وقصدية  , ولاعتبارات منفعية إيديولوجية وشخصية , وأحياناً , لجهل النقاد، حتى وإن كانوا من الوسط الأكاديمي.
 
حماية التجارب الناجحة
6.   هل الشاعر ضروري أن يكون له بيت شعر ,
 أو مؤسسة حتى  يكون شاعراً ..؟
-       لاعلاقة للإبداع بالمؤسسة . بمعنى أن المؤسسة لاتمنح الشاعر إبداعه. ذلك لأنه موجود فيه منذ خلق  لكنها تساعده على الانتشار بتقديمه «كماهو» مبدعاً ضمن برامجها , إن كان لها برامج , وتحتفل به وتدعو الآخرين إليه درساً وبحثاً , وإنصافه إن كان مهضوماً مظلوماً، وهو مانفعله اليوم في بيت الشعر اليمني من خلال الدورات التي نقيمها للشعراء , و عبر مجلة دمون فيما يتعلق تحديداً بباب الريادات. لقد أنصفنا البردوني مثلاً بتسليط الضوء عليه فيما يتعلق بريادته على صعيد المشهد الشعري السبعيني اليمني في مجال استخدامه كأول شاعر يمني للأساطير والرموز. في الوقت نفسه الذي كان المشهد الثقافي اليمني لايقر بهذه الحقيقة . وهناك غير البردوني من شعراء اليمن الكبار قمنا بواجبنا التاريخي والعلميوالمؤسسي , والإنساني تجاههم  , إما بإعادة نشر نص بديع لأي شاعر لم يقرأ بعد, متعاملين في ذلك بمنهجية لاتخطئها الذائقة , مع النص مباشرة لا الاسم أو الشهرة. فكم من شاعر كبير , أو يظن نفسه كذلك كبيراً , وهو ليس بالكبير إلا من نص أو نصين شعريين فحسب. وكم من شاعر مغمور لم يحالفه الحظ في الشهرة نعمل على إشهاره , إن كان يستحق , إلى آخر مايمكن أن ندعي: أن الغرض من تأسيس بيت الشعر هو حماية التجارب الاستثنائية للمبدعين الحقيقيين , ولذلك رفعنا  شعار «من أجل نص مختلف» في بحث واستمرارية لتكون اليمن مركزاً ثقافياً كطموح مشروع , في واقع للأسف محبط , لكننا , مع ذلك , سنستمر .
هذا بعض مانقدمه في مؤسسة بيت الشعر للشعر الحق فاتحين الباب أمام كل شاعر حقيقي يريد أن ينتسب , ويشارك في إطار برامج البيت لا أكثر من ذلك ولا أقل. إننا في بيت الشعر لانتعامل مع النصوص الشعرية لشعراء بعينهم , ونستبشر بولادة نص جديد متميز لأي شاعر يمني , فنبادر إلى نشره والاحتفاء به . ذلك لأن كل شاعر هو مكسب وطني وإنساني , ويمثل كل شاعر اليمنَ كلها، في أي نقطة كان . بمعنى لاوجود عندنا لمفهوم الشاعر مناطقياً . ولعلك بالعودة إلى برامجنا ستتحقق من أشياء كثيرة نفاخر بها على مستوى المشهد من حيث تفعيلها، وقد نجحنا في ذلك أيما نجاح.
ترسيخ ثقافة مفقودة
7.   هل بيت الشعر قادر على قيادة حراك ثقافي في إنعاش الشعر اليمني , وماذا حدد على صعيد الثقافة في اليمن ..؟
-       في بيت الشعر اليمني أثرنا الكثير من القضايا , وطرحنا الكثير من الأفكار واختبرناها عملياً , وهو مايحسب لنا كالثقافة الوطنية , والثقافة المفتوحة , والاختلاف علاوة على سعينا إلى ترسيخ تقاليد شعرية لم تكن في المشهد ,وقد أعلنا عنها في البداية، بداية التأسيس, واحتواها ميثاق شرف البيت «لأول مرة في تاريخ الثقافة اليمنية المعاصرة», من أن التقدمة للشاعر المختلف . أيضاً لاتنسى الاحتفال باليوم العالمي للشعر , هذا باختصار.
قد يكون البعض مخطئا
8.   كتب البعض ينتقد الدكتور عبد السلام الكبسي شخصيا وبيت الشعر ؟ما رأيك.؟
-       هؤلاء الذين ينتقدونا معجبون بنا ,ويعبرون عن ذلك الاعجاب بأساليب مختلفة , وقد يكون بعضها مخطئاً , أو مجانباً للصواب. إنهم آخر الأمر عنصر تثقيف لنا.
البيت إطار مفتوح
9.   ماذا ترد دكتور عبد السلام على من يقول أن بيت الشعر يتعامل مع القضايا بطريقة مناطقية ..؟
-       ننادي في بيت الشعر اليوم , بالثقافة المفتوحة باعتبار بيت الشعر إطارا مفتوحاً , وأنت تقول لي , أو هم يقولون : «مناطقية».  لا، لا فبيت الشعر مفتوح للجميع , للإبداع الحقيقي الأصيل.
10.                   عندما أعلنت عن تأسيس بيت الشعر , حدث أن واجهت العديد من المعارضات. ما كان رد فعلك ..؟
-       تواجهنا في بيت الشعر , منذ التأسيس , عقبات. لكننا بالصبر , وبالايمان بالفكرة , الفكرة من بيتنا , بيت الشعر , نتجاوز هذه المشقات أولاً بأول , والتي منها المادية . أنوه  بدور وزارة الثقافة ممثلة في شخصية الدكتور محمد أبوبكر المفلحي وزير الثقافة ,وتعاونه, بدعم بعض برامجنا خصوصاً فيما يتعلق بالفعاليات. إنه جدير بالاجلال والاحترام , لأنه يحترم العمل المؤسسي ويقدر المبدعين مثمناً جهودهم وإبداعاتهم . كما أنوه بأهمية الدعم الذي يقدمه رجل الأعمال الشيخ عبدالمجيد السعدي ضمن هذا السياق . وهناك عدد من الداعمين الذين سيفون بوعودهم حتماً . في الوقت المناسب سنشير إليهم.
11.                   كتب البعض ينتقد الدكتور عبد السلام الكبسي , ما التداعيات لمثل هذه الانتقادات ..؟
-       بموجب الترخيص الرسمي رقم 33 من وزارة الشؤون الاجتماعية في 2006 فإن بيت الشعر اليمني مؤسسة ذات شخصية اعتبارية قانونية معترف بها , و يحق لنا في المستقبل أن ننشئ فروعاً لبيت الشعر اليمني في عموم محافظات الجمهورية إذا اقتضت المصلحة لذلك وتحدد اللائحة التنفيذية للشروط والإجراءات لانشاء مثل ذلك , ومنها: عدن . لكن هذه الخطوة نرجئها إلى حين , حتى نستكمل المرحلة الأولى من استراتيجية بيت الشعر اليمني الثقافية. المسألة إذن, ليست خبط عشواء .إننا في بيت الشعر ندرس كل خطوة نقوم بها، ونراجعها ونصححها لأيماننا بأهمية التأني في تقديم مشروع بيت الشعر وتفعيله , بعيداً عن الضجيج والإدعاءات الجوفاء , وفي إطار إمكاناتنا المادية المتواضعة. وبالنسبة للنقد الموجه لنا , فإلى اللحظة لم نقف على نقد مسؤول وموجه , من أي طرف كان؟
 
المسألة قانونية.
12.                   هل دعى بعض الشعراء في صنعاء الى أنشاء بيت شعر جديد ..؟
-       لايستطيع أي شخص أن ينشئ بيتاً آخر , لأنه سيصطدم بالقانون . المسألة إذن , مسألة قانون، ويستطيع أي شخص من جهة ثانية , أن ينشئ كياناً أخر تحت مسمى آخر .علماً  أن التأسيس صعب ويحتاج إلى نهضة وعزيمة وثبات واستمرار . والواضح أن أغلب المتأدبين عجولون يظنون أن الأمور ستقوم من تلقاء نفسها . نحن في بيت الشعر نسخر جزءاً كبيراً من مرتباتنا , ونشتغل بشكل يومي، ولاننقطع حتى لانتأخر عن الوفاء مع المشهد الثقافي , لأن المسألة ملزمة تاريخياً وأخلاقياً وأدبياً . نحن الآن بصدد دورة أهم شاعر ظهر في الثمانينات من القرن الماضي , على صعيد المشهد الشعري اليمني . إنه الشاعر أحمد ضيف الله العواضي  . نحن بصدد الاستعداد للمرحلة الثانية من دورته الشعرية.
 
دورة الشاعر أحمد ضيف الله.
13.                   هل لبيت الشعر أعمال في المرحلة القادمة  , ويستعد لتدشينها..؟
-       نحضر حسب برنامجنا لهذا العام , وبشأن دورات الشعراء , نحضر للفعالية الخاصة بالمرحلة الثانية من دورة الشاعر أحمد ضيف الله العواضي «أنت لاتدري مامعنى أن تهتم بشاعر كبير» , علاوة على سعينا الدؤوب للتواصل مع الشعراء المغمورين بحثاً عن نصوص شعرية مختلفة , نشتغل عليها في مجلة دمون. كما نتواصل مع المثقفين في عموم الوطن اليمني الكبير, ومع الأصدقاء في العالم.
 
الحميني جزء من الهوية اليمنية
14.                   اهتمت مجلة دمون الصادرة عن بيت الشعر بالشعر بالحميني .هل لك أن تقدم لنا فكرة عن الشعر الحميني ..؟
-       الحميني هو الشعر العربي الذي لايقوم على الضبط بالشكل «التسكين» على اعتبار أن ثمة نوعين: الشعر الفصيح، والشعر الملحون . وينتمي «الحميني»إلى هذا الأخير للسبب السالف ذكره. ويتعدد الشعر في اليمن ما بين شعبي , وعامي , وحميني، وقبائلي..إلى آخره , ويقوم عليه الغناء. ونتجت مدارس فيه كالحضرمية، والصنعانية، واللحجية، واليافعية. وخرج شعراء كبار كيحىى عمر اليافعي، والقمندان، والآنسي وابن شرف الدين ومطهر الارياني وحسين أبوبكر المحضار، وعلي صبره وعبدالله هاشم الكبسي , وعباس الديلمي وغيرهم : هنا وهناك. أعدنا الاعتبار له في بيت الشعر عبر مجلة «دمون» بتخصيص مساحة له بجانب الفصيح خدمة للثقافة الوطنية , وفي مواجهة الشعر النبطي القادم عبر قوة الإعلام الخليجي من الخليج , ذلك لأن الحميني جزء من الهوية اليمنية علاوةً على أهميته على صعيد القراءة والغناء، والمكان والزمان اليمني بامتياز. ثم ان مجلة «دمون» ستهتم في مرحلة لاحقة بالشعر المهري والسقطري . إنها مهمة مضافة إلى مهام كثيرة , علينا تحقيقها والقيام بها , كما انها محسوبة لنا , لبيت الشعر
مؤسسة ابداع حاضنة شعراء الشباب
 
15.                   ما رؤيتك النقدية إلى هذا الجيل الذي ظهر فيه كم هائل من الشعراء الشباب..؟
-       الكثرة مطلوبة من أجل الانتخاب. ومن العدل أن يتعلم هؤلاء الشعراء الشبان القواعد المرتبطة بالشعر , وأن يستكملوا أدوات البناء من لغة ونحو وصرف وبلاغة وبيان وعروض وأساليب..الخ. وأن يتعلموا ممن سبقهم في سياق الثقافة العربية أولاً , وضمن نسقها . لايمكن أن يكون الشاعر كبيراً بمجرد قراءاته للترجمات ، أواطلاعه السريع على بعض التجارب هنا وهناك , ولايمكن أن يكون كبيراً إذا اقتصرت تجاربه على ما قرأه , حتى لو قرأ الآلاف من الأشعار بل ينبغي عليه أن يعيش الشعر كواقع وأن يحمل هماً «رسالة» , وأن يؤديها كفنان في إطار لغوي جميل من الشكل. ينبغي أن يتعلم التقاليد الشعرية منذ امرئ القيس حتى درويش , منها الأخلاقي والمعرفي والإنساني إلى آخر مالا مجال للاسترسال فيه هنا . أحيي في هذا السياق مؤسسة الابداع , فقد حضرت الكثير من أيامها , فوجدتها حاضنة حقيقية للشعراء الشبان.
16.                   هل حدث , وأن تشاجرت مع أحد من المثقفين , أو المؤسسات وأدى هذا الخلاف إلى صدام ..؟
-        أنا صاحب مشروع ثقافي، فتجدني دائماً منشغلاً به، ومشتغلاً عليه، ولا يعنيني سوى هذا المشروع  في أن يكون  يوماً ما قد تحقق, لا على مستوى اليمن فحسب وإنما العالم. وإن الذين يفتعلون الصراعات لا مشاريع لهم، ولا رؤى ولا أخلاق، ولا يمكن لي التحاور معهم , لأن الحوار لا يكون إلا بين خطابين متوازيين من المعرفة.
ممكن نقيمه بإمكانات ذاتية
17.                   هل تفكر بإقامة مهرجان للشعر..؟
-        لا نفكر حالياً بإقامة مهرجان للشعر , في الوقت نفسه الذي من الممكن أن نقيمه بإمكاناتنا الذاتية. وقد أقمنا عدداً كبيراً من الفعاليات التي ترقى إلى مصاف المهرجانات من حيث التنوع شعراً ونثراً، خطابات وكلمات، فناً وغناءً، ولعلني بذلك أشير إلى ثلاث فعاليات: فعاليات اليوم العالمي للشعر لثلاث مرات , منذ تأسيس بيت الشعر , كانت في مصاف المهرجانات التي يتباهى بإقامتها الأخوة في العالم العربي واليمن , إلا إذا كنت تقصد المهرجانات التي يُدعى إليها عدد كبير من شعراء العالم العربي وغير العربي ,فهذا شيء آخر معلق بالإمكانات المادية وحسب. وزارة الثقافة لها علاقة ببيت الشعر من حيث الرعاية في ضوء توجهاتها لدعم مؤسسات المجتع المدني. ذلك ما ينبغي أن يظل مستمراً. وهناك تعاون قائم بيننا كمؤسسة وبين عدد من الوزارات والجامعات ومؤسسات المجتمع المدني. إذن , العلاقة في إطار التعاون الثقافي المؤسسي النخبوي.
 
الشاعر يولد ولا يصنع
20. بصفتك دكتور في الأدب , ما رأيك بشعراء الحداثة وكتاب الشعر الحر والنثر .؟
- الحداثة نسبية على الدوام . بمعنى أنها ليست مرتبطة بزمن دون زمن. إنها موجودة مع امرئ القيس، والكميت بن زيد الأسدي، «العصر الأموي»، وأبي تمام، والمتنبي، وأحمد شوقي، ومحمود درويش، وما يحدث منذ عصر النهضة بظهور شوقي، ثم الشابي، فنازك الملائكة، فالسياب.. ليس سوى ظواهر، أو علامات , كأن تقول : إن الاسطورة علامة الشعر العربي المعاصر، ثم يختلف الشعراء بتعددية، وتنوعات إيقاعاتهم الشخصية. بمعنى أن الشاعر الكبير الحديث , هو من يصنع لنفسه عالماً خاصاً به . يدل عليه، ويشير إليه بعيداً عن التقليد والاجترار. والحقيقة ـ نصفها ـ أن الشعر عروض، والحقيقة نصفها الآخر أنه أبعد من ذلك بكثير. وضمن هذا الإطار , فإن كل شيء من الممكن أن يتعلم إلا أن نكون مختلفين , إلا أن نكون شعراء. قد لا أكون أنا كناقد ملزماً بتعليم الشعراء، أو الذين يريدون أن يكونوا شعراء كيفية كتابة الشعر لسبب ,هو أن ذلك ليس من اختصاصي . إنه من اختصاص الجينات أولاً وأخيراً، فالشاعر يولد، ولا يصنع . إذن , المسألة ليس لها علاقة بالمسميات والتوصيفات , كشعر حديث، شعر حر، شعر تقليدي. وليس ثمة سوى ما يسمى بالقصيدة الشعرية.
بتعاون الجميع نجحنا
22. ماذا  عن بيت  الشعر كمؤسسة اعتبارية قانونية وكفريق عمل ..؟
ـ لدينا في بيت الشعر مجلس أمناء ككل المؤسسات . ولدينا مجلس استشاري برئاسة الشاعر الكبير عباس الديلمي . وينتسب لهذا المجلس أكثر من مائة مثقف ومثقفة. ولدينا هيئة إدارية تنفيذية. ويتعاون معنا أغلب أكاديميي الجامعات اليمنية ضمن الجهود الضمنية. وهناك أعداد مهمة من الصحافيين المستنيرين، والمهنيين، علاوة على جمهور بيت الشعر اليمني العريض الذي نستمد منه قوتنا كلما ضعفنا وخارت قوانا. إنه يمنحنا الثقة ويجدد نشاطنا، ويعيد إلينا الإبتسامة . غير ذلك هناك العشرات من الشعراء المنتسبين للبيت , من الشعراء الألفيين تحديداً،الذين سيتحملون عبء البيت مستقبلاً . إننا في بيت الشعر نحترم ونقدر ونثمن كل من مد يد العون لنا , من أجل إنجاز مشروعنا الثقافي الوطني.
ما زلنا نواصل مشوار الثقافة
23. ما هو بيت الشعر بالضبط ؟هل لهذا الضجيج من حوله علاقة بانجازاته ..؟ وما الآلية التي تعملون عليها ..؟
ـ ليس بيت الشعر اليمني مجرد إطار، أو كيان، أو تسمية أو حركة فحسب إنه كل ذلك بالإضافة إلى أنه مشروع كل المثقفين الطلائعين المستنيرين الوطنيين، العروبيين العالميين بامتياز. من أجل يمن كبير بحجم حضارته، وثقافته لأكثر من 3آلاف عام. بحجم جباله وسهولة ووديانه، من أقصى المهرة حتى البحر الأحمر غرباً، ومن أقصى صعدة حتى سقطرة. ولقد نجحنا بالفعل في إحداث حراك ثقافي منقطع النظير، وبدأ الكثيرون يقلدونا إعجاباً. وأؤكد لك بكل ثقة أننا استطعنا أن نخطف الأضواء على مستوى العالم العربي , ذلك لأننا نثق في أنفسنا، وفيما نقدمه على صعيد الإبداع من تميز وتفرد بتقديمنا الداخل الثقافي الوطني للخارج، وما زلنا نواصل المشوار؟ وسنواصله , ذلك لأنه قرار وحاجة وقضية. وبدليل كل هذا الضجيج حول بيت الشعر.
 في بيت الشعر نشتغل من خلال القواعد , لا مجال اليوم للعشوائية والأمية. نتواصل بالمثقفين في العالم عبر الفعاليات وعبر التغطيات التي يقوم بها موقع بيت الشعر اليمني على الإنترنت الذي أصبح مدرسة في تقديم الإبداع على مستوى العالم العربي «وهنا نقف على مجهود جبار يقوم به الشاعر علي جاحز لوحده " , في محاولة منا لتقديم الداخل للخارج كما أسلفت . وأما مجلة دمون بمنهجيتها , فقد نجحنا في أن تكون المجلة الأولى التي يحرص الآلاف من الناس على اقتنائها، وكان لنا ذلك لاعتبارات إبداعية وفنية وذوقية . إن كل إشارة، أو رسمة، أو شعار في بيت الشعر لم يكن له ذلك ليكون كذلك إلا لأنه مبني على أسس من المنهج في قصدية لنوصل من خلاله رسالتنا الثقافية الحضارية. أدبيات بيت الشعر ليست مجرد جمل إنشائية , إنها أفكار , ما إن يتلقاها الآخرون حتى تعتمل فيهم محركة كل كوامن ومحفزات الإبداع في التأثير والتأثر.
تسود ثقافة المحبة الاعتراف
23. كرمت بيت الشعر العديد من المثقفين والسياسيين والعلماء , والحقوقيين ، برأيك , ما الذي جعل بيت الشعر يكرم شخصيات لا علاقة لها بالبيت ..؟
كرمنا العلماء، والأكاديميين، والفنانيين، والصحفيين والسياسيين، والأطباء،والناشطين , وسنواصل التكريم في ضوء تصورات بيت الشعر للثقافة المفتوحة التي ننادي بها، ولكي تسود ثقافة المحبة بالاعتراف بالجميل تجاه ما يقدمه الآخرون، ولن يحدث ذلك إلا بتقدير اليمنيين لبعضهم البعض , ثم لكي تتسع رقعة الشعر باتساع قرائها، ولكي نعيد الجسور , جسور التواصل التي انقطعت بين الشعراء والمتلقين من خلال خلق جمهور نوعي , ومن كل الأطياف والتوجهات. ولأننا نؤمن بأهمية العمل الجماعي النخبوي في تحقيق ما نصبو إليه في أن تكون اليمن مركزاً ثقافياً، ثم , وأخيراً , لأن من كرمناه يستحق التكريم , ولنا في تقدير ذلك آلية معيارية، بناءً على حيثيات واقعية تتعلق أساساً بالإنجاز.
 إننا نقوم بذلك , في وقت تقاعست الجهات المختصة بالقيام بدورها في تقدير الناس، ومع ذلك  , فقد بدأ الجميع في تقليد هذه الظاهرة، ظاهرة التكريم الطيبة، وهو مما يحسب لنا في بيت الشعر.
مسألة الثقافة في اليمن
24. أجريت حوارات عديدة كان  أشهرها حوارك مع قناة الحرة , وقناة دبي . ما المحاور المهمة التي نوقشت بهذه الحوارات..؟
-  أهم ما نوقش في قناة دبي والحرة المسألة الثقافية في اليمن، والدور الطلائعي للأجيال الجديدة من الشعراء والمثقفين. وعن المشهد الشعري اليمني المعاصر تحديداً. وعن بيت الشعر كواحد من أهم المؤسسات في اليمن , وصل صوته إلى العالم العربي بوضوح وقوة , وعن عبدالسلام الكبسي كرئيس ومؤسس لبيت الشعر في اليمن , وعنه أيضاً , كشاعر وناقد , وأكاديمي , ومثقف , وإنسان،
24. البعض يرى انك كنت قاسيا على المشهد الثقافي , فما حقيقة ذلك..؟
-  لم أكن قاسياً، بل كنت متميزاً . ذلك انطباع الكثيرين في اليمن والعالم العربي. وكان خطابي بكل متعالياته في مستوى اليمن كبلد عظيم لم يتعرفوا عليه بعد، بلد متعدد الثقافات. بلد ديمقراطي. بلد مثقف بامتياز. لقد فرضت على المتلقين في العالم أن يغيروا نظرتهم تجاه اليمن، وأنهم على خطأ في تصورهم السابق لليمن كمصدر للعمال والباعة المتجولين والمغتربين، وأنه من الممكن أن تكون اليمن مركزاً ثقافياً يطرح سؤاله المعرفي في إطار الثقافة العربية والعالمية.
سوف أفي بوعدي
25. سمعت من احد المثقفين أن هنالك مبادرة لتوليتك منصب قيادي هام في الدولة، ما حقيقة هذا المنصب .؟
-  أنا مهيأ لأدير الثقافة في اليمن أو التعليم, ولا يفصلني عن ذلك سوى القرار السياسي. وفي حالة حصول ذلك، سأفي بوعدي في أن تكون اليمن مركزاً ثقافياً بامتياز. ـ
26. وفي حالة عدم حصولك , بمعنى أن أصحاب القرار لهم تصور أخر ,وقد لا يرون فيك رجل الثقافة والتعليم العام..؟
- لن تكون اليمن مركزاً ثقافياً، بل ستكون ما يرونه هم وحسب.
 
من حقي كمثقف
26. هل من الممكن أن يتحقق هذا المشروع , وأنت خارج المنصب..؟
 
ـ المسألة تحتاج إلى توجه دولة وسيادتها. هناك الآثار والمخطوطات، وهناك البنى التحتية، وهناك الموظفون. وهناك الطباعة والنشر، وهناك التواصل والتنسيق رسمياً مع الجهات والمؤسسات الأخرى.. الخ . وهناك الإمكانات المادية.. الخ ولامجالهنا للإسترسال.
 
27. ألا تفكر أن ينزعج آخرون من هذا التصريح ؟ كوزير الثقافة و التعليم ..؟
ـ من حقي كمثقف، ومن حق وطني عليّ أن أعرض نفسي على أصحاب القرار للقيام بذلك وكجزء من أداء رسالتي تجاه المجتمع، وهو ديدن الأنبياء ـ يوسف «عليه السلام» مثلاً. وعلى كل، لأن أكون أول مثقف يطالب بالوزارة ولا ينالها خير لي من انتظارها والتظاهر بالزهد عنها، ولو كانت الوزارة بالترشيح مثل الرئاسة لرشحت نفسي.
الإيمان بتنمية المجتمع
28. هل يفرض الداعمون  عليكم شروطا وخصوصاً السياسيون..؟
ـ لقد نأينا ببيت الشعر عن السياسة والمتسيسين خشية عليه من الهيمنة، وفرض الشروط مقابل الدعم، وسيظل بيت الشعر بمنأى عن ذلك ليحقق أهدافه، مفعلاً برامجه في فضاء من الحرية والاطمئنان . هو بيت مفتوح لكل المثقفين، ومن كل التيارات والتوجهات والأحزاب، والمواهب، والرؤى. يلتقى فيه الناس على شرف الشعر بمحبة وتآلف وانفتاح , ويكرم فيه العالم والفنان على السواء لإيماننا بأهمية الاثنين في تنمية المجتمع. هذا الكلام السالف ليس مجازاً، إنه واقع وحقيقة معاشة وملموسة في بيت الشعر الذي يشارك فيه الجميع في تقديم الجميع.
30. هل لبيت الشعر موقف مضاد لكل من يحاول المساس بوحدة اليمن ..؟
ـ أؤكد أن اليمن واحد، وسيظل كذلك واحداً تراباً وإنساناً، وأن الإبداع سيتحسن، وسيتعافى الوطن، فالتوجه قائم الآن نحو التغيير نحو الأفضل.
                                                        ( الثقافية – تعز , 2009 )
 
" 5 "
 
 
الكبسي : أنا تلميذ محمد بنيس و صديق عبدالوهاب البياتي
الشعراء في اليمن لا يتأملون كتاباتهم لذلك تعيش أشعارهم مآزق نظرية و التباساً كبيراً .
 
إلتقاه : خالد دلاق / عادل شيبان .
 ( أغسطس - سبتمبر 1997 )
 
الشاعر الناقد عبدالسلام الكبسي ل 26 سبتمبر :
المقدس و المدنس في مشهدنا الثقافي اليوم .
تتفاعل في ميدان الساحة الأدبية في اليمن العديد من القضايا و الظواهر ذات الصلة المباشرة بالمبدع و المتلقي , وينطبق هذا التوصيف _ خصوصا ً- على حركة الشعر في هذه الساحة , هذه السمات الحركية متعددة المباعث و الخلفيات والتأثير ضمن اصطخاب مفاجآت النصوص و الكتابات الجديدة التي تموج على الصفحات الأدبية والثقافية والتي يصب وجودها في النهاية في خانة " التجريب " الذي يبدو في الغالب غير ممسك بزمام الرؤية الواضحة الى ما ثار في أفق هذا الواقع من غبار معارك وتفاعلات نظرية ونقدية حادة فعلاً ورد فعل وما بين ذلك من مستجدات استلفتت انظار و مدارك المتابعين و المهتمين . في أتون هذا الجو الصاخب يبدو البحث عن أصوات مؤهلة للتعامل مع هذا الواقع مساءلة ً و قراءة وتحليلاً و استدلالاً . وهذا ما نتوخاه من خلال هذه الخلوة القلقة مع الشاعر و الناقد عبدالسلام الكبسي التي أتاحت لنا الحصول منه على فرصة لإطلاق العنان للأسئلة و المبادرة الى استقصاء إجاباتها .
 
 
 
-        ثمة فهم يروج له البعض فيما يخص المعارك الأدبية يصورها تصويراً سوداوياً محاولاً إقناعنا بأها فعل عدواني موجه الى الإبداع . هل توافق على مثل تلك الإطلاقات ؟
 
Ø    أبداً , فما كانت المعارك الأدبية في يوم من الأيام على مختلف العصور الثقافية المتعاقبة قبراً لوأد المواهب الحقيقية إذ أن ناموس الإبداع لا يعترف بالشاعر مهيض الجناح . و أقصد بالعارك الأدبية تلك التي لا تسمح بتجاوز أخلاقيات المواجهة التي لم , و لن يسمح الشعراء والنقاد لأنفسهم بتجاوزها .
 
-        ماذا عن قصيدة المرحلة السبعينية على افتراض أن رموزالساحة الشعرية في اليمن لا ينتسبون إليها ؟
 
<  إن أسوأ مرحلة مرت بها القصيدة اليمنية المعاصرة هي مرحلة السبعينات وبكل المقاييس , فالشاعر السبعيني في " المحيط الشعر \ اليمن " كان منشغلاً بالإنصات -  تقليداً – الى تلك الأصوات المختلطة في المركز الشعري : القاهرة \ بيروت " بدلاً من إنصاته الى إيقاع ذاته الفردية , فجاءت قصيدته صدى شائها ً لأثر استقدم ملامحه و وشومه من مصدرها الغربي المحض . قرأ منبهراً و سارع لإستنساخ نماذجه التقليديه ليكون له فضل السبق على الرغم من محدودية النماذج الأصيلة كمياً , في مركزها الشعري . وبرزت على مستوى الشكل ظاهرة ما سمي بقصيدة النثر , وظاهرة الغربة في المدينة , و ظاهرة الهجاء السياسي و غيرها .
 
-        هل معنى ذلك أن هؤلاء  السبعينيين لم يتعرضوا للنقد بما يعنيه من تقييم و غيره ؟
 
<  لأنهم هم الشعراء , وهم النقاد في الآن نفسه , فلا مجال حينئذ ٍ لواحد من الأصوات المبدعة عدا أصواتهم فهم الذين يمنحون الألقاب  , و " يعيرون " بعضهم البعض الأوسمة فيما غير حرج تحت غطاء الحداثة , و الحداثة , و الحداثة .
لم يكونوا قد أدركوا أنهم مازالوا لم يتعدوا التجريب بعد . هذا الأخير هو المرحلة الأولى من المتتالية الآتية : تجريب تجريب التجريب .
وبالنسبة لمسألة التقييم فلا وجود له في تلك المرحلة عدا ما كتبه الشاعر و الناقد الكبير المقالح .
 
-        ماهي أهم الظواهر التجريبية الرديئة , أو بمعنى أصح أين تتجسد هذه العثرات من نصوصهم ؟
 
<  في أتون تجريب تجريب التجريب كانوا .. , بل كانت قد فسدت حواسهم الإيقاعية و الجمالية في إسترخائهم و اتكائهم الكلي على عبارات الإطراء و المجاملة و المديح التي كانت قد رسخت لديهم مفهوماً حداثياً معطوباً , كان قد خرج هو الآخر تواً من ( طنجرة ) التجريب على مستوى اللغة , فجاءت سطحية تقريرية , وإن كانوا – لم يتخلصوا بعد من رومانسيات لطفي جعفر أمان ( ولم أقل الشابي أو على محمود طه و غيرهما ) .
وعلى مستوى الدلالة ( الرسالة ) التي صارت ترديداً بعيداً وشائهاً لتجارب هي في الأصل فاسدة في المركز الشعري , وأفضت الى طريق مسدود .
وكان نتاج ذلك أن آنقطع التواصل فيما بينهم وبين القارئ الذي سينصرف عنهم مكتفياً بما يصله من الخارج لشعراء معروفين حيناً , وبما ينتجه الرواد في الداخل من نصوص جميلة .
أما الوزن فقد تقاطرت أشعارهم فصامية لأن الأوزان فيها ستتصدع داخل البنية الإيقاعية .
و كم هو الأمر مهول عندما تجد أن هذه الكسور الوزنية تتكرر في نص واحد لواحد من السبعينيين .
هؤلاء الذين أصبحوا ( رموزاً ) كما يطيب لهم تنصيب أنفسهم رموزاً , كم هو مهول و الى أي حد كانت جنايتهم على ناشئة الشعراء من بعدهم حين قادوهم بنماذجهم الرديئة الى هاوية النثرية – شكلاً و مضموناً - , فطالتهم عدوى الفصام الموسيقي و غيره .
 
-        هل نفهم من ذلك أنهم لم يسجلوا أي رصيد إضافي و مهم للقصيدة اليمنية المعاصرة ؟
 
<  ليس معنى ذلك أنهم لم يسجلوا حضوراً إبداعياً على الإطلاق , على العكس , فرب واحد منهم كتب , أو أنه سيكتب قصيدة جميلة جدا ً , يحقق عبرها حضوره كشاعر ممتاز ليس إلا , لا كرمز أو نصب , أو ما شابه ذلك .
 
-        الدكتور المقالح شاعر لا يمكن تجاهله , و المعروف أن لك علاقة جيدة به حاول البعض إثارة زوبعة حولها . ما ردك عليهم ؟
 
<  الدكتور المقالح كبير وله أفضاله علينا كشعراء . لقد سخر جهده و وقته , و قلمه من أجل الحركة الشعرية في اليمن منذ أربعين عاماً . كتب عن و في أجمل ما قدمه , وما سيقدمه أي شاعر يمني . وما زال الى اليوم يكتب عن الشعراء اليمنيين ( أقصد أشعارهم ) بعطف و حنو , بتشجيع و تهذيب , بصبر و أناة . إنه الأب الرمزي للحركة الشعرية في بلادنا .
-        بمناسبة ذكر الدكتور المقالح , ما الذي يترك شعره فيك كناقد و كمتذوق ؟
 
<   شعره جميل و عذب و رائق , وإن  قصيدته مثلاً المعنونة ب " أغنية للرماد " المنشورة بديوانه " أوراق الجسد العائد من الموت " من غرر الشعر اليمني المعاصر .. لماذا ؟ .لقد كتب الكثيرون عن الصداقة , لكن المقالح سيتناول هذا المعنى بطريقة مختلفة بإسلوب مغاير سواء على مستوى اللغة , أو الإيقاع , أو الدلالة . هذه القصيدة مثلاً تغنيني عن قراءة ديوانين أو ثلاثة دواوين حديثة من حيث الإصدار للبردوني .
 
-        هل معنى ذلك التقليل من أشعار البردوني الأخيرة ؟
 
<  لم أقل ذلك تقليلاً من منزلة البردوني , فأنا مؤمن بأنه آخر الفحول , وقد مات الجواهري . و كما أن المتنبي لم يكن متنبياً في كل قصائدة فإن البردوني لم يكن بردونياً في كل أشعاره . فهو يكتب – كما هو حال العمالقة – القصيدة العظيمة والرديئة أيضا . والذي لا يعرفه الناس أن البردوني ( ربما ) يقرأ للحداثيين أكثر من القدامى , و يستفيد من إنزياحاتهم اللغوية والفنية في بناء صرح عموده الشعري .
 
-        كيف تنظر الى بعض تحديدات الحداثيين التي يضعونها كمشخصات للقصيدة الحداثية ؟
 
<  لا وجود لقصيدة أو شاعر حداثي لأن بها " أسطورة " , أو " رمز " أو " خروج على العروض " أو حتى تدميرها .. وإن كانت الأسطورة علامة للقصيدة الحداثية التي أعلن عن وجودها شعراء في المركز الشعري . هناك الكثير من القصائد التي تتوفر على هذه الأشياء لكنها قد لا تقوى أن تكون شعراً . لقد كتب الشعراء الحداثيون على هذا المنوال , لكن القليل جدا منهم عرف كيف يوظفها .. لماذا ؟ ربما , لأن القليل هذا شعراء , والقليل مما كتبوه شعراً .
 
-        ظاهرة الإبتداع التي تتناول مقومات أساسية في النص الشعري اتسعت وصارت مناطاً لإطلاق الألقاب الريادية بناء عليها رغم أنها لا تتعدى كونها تجريباً .. ما رأيك ؟
 
<  من أين يتأتى لنا منح "ألقاب " . هل لأن شاعراً سبعينياً مثلاً في اليمن , سبقنا الى استعمال هذه الرموز و الأساطير , أو الأشكال يحق له أن يكون رمزاً , أو كبيراً . لا وجود لشاعر كبير وإن جرب قبلنا الأشكال بدون شعر كبير .
 
-        ما رأيك في الكتابات النسائية للشعر في اليمن ؟
 
<  أنصح الشاعرات في بلادنا بمخالعة الشعر , فبقدر ما هو ممتع وجميل هو ضار و مؤلم .
 
-        هل ثمة أساتذة كان لهم الفضل في تكوينك الثقافي والأدبي ؟
 
< أنا تلميذ محمد بنيس , و عبدالعزيز المقالح , و عبدالوهاب البياتي , و احمد بن محمد الشامي , وسأظل مديناً لهؤلاء بالوفاء و الحب مدى الحياة .
لقد كان لكل واحد من هؤلاء دور مهم في تكويني كشاعر وناقد وإن لم أشبه أي واحد منهم .
 
-        كلمات تحب أن تختتم بها اللقاء ؟
 
< أرجو أن لا ( يزعل ) الشعراء مني , فأنا أحمل لهم كل الحب والتقدير , ولقد سجلت أطروحتي للدكتوراة , بعنوان : " تجربة الحداثة في القصيدة اليمنية المعاصرة ) , لكي أكتب عن قصائدهم الجميلة مدافعاً , ومقدماً للقارئ المغاربي نماذجهم الرفيعة حتى و إن اختلفت معهم , فاختلاف الرأي لا يفسد للود قضية .
أرجو أن يؤدي اتحاد الأدباء والكتاب دوره على أكمل وجه في دعم الشعراء الشبان المحرومين من أبسط الحقوق في الظهور سواء في صنعاء , أو في مارب , أو في زبيد , أو في سيئون , أو في ذمار , أو في عدن فرب شاعر ممتاز موجود هنا أو هناك ويعاني من الإهمال و الحجب . و رب شعراء مخضرمين بلغوا من الشعر عتيا مثل : علي بن علي صبرة , ومحمد الشرفي , ومطهر الإرياني , وحسن الشرفي و علي عبدالرحمن جحاف وغيرهم لا ينصفهم الواقع الراكد زلا يعرف عنهم الجيل الجديد شيئاً كثيرا . أرجو أن تستمر مؤسسة العفيف و النادي الأدبي و هيئة الكتاب , وكبار رجال المال و الأعمال في مواصلة الدعم ( اللامحدود ) للحركة الإبداعية في بلادنا .
أرجو أن يبحث رؤساء الصحف المحلية عن مشرفين مقتدرين لملاحقهم الثقافية .
أرجو أن ينشر البردوني قصيدة واحدة في كل أسبوع لأي شاعر يمني معاصر في صفحته أسوةً بالمقالح , وأن لا يتجاهل المستجدات الجديدة في المشهد الثقافي للبلاد .
 
 
 
 
                                              " 6 "
 
 
كشف
عن وصية للبردوني تخص شعره
الكبسي : كتاب فاطمة ديوان شعري قادم يرصد مواقف النساء في كل الثقافات الإنسانية.
 
 
حاورته : نجلاء حسن
( الغد , العدد 142 , السنة الثالثة , الإثنين 22 فبراير 2010 ).
 
قبل وفاته بشهرين أوصى الشاعر الكبير عبدالله البردوني الدكتور الشاعر عبدالسلام الكبسي بوصية يقول الأخير أن على النقاد العمل عليها لإثبات صحتها وإمكانيتها.
الكبسي والذي يحدد العام 83 عاماً لولادته كشاعر، كان أثار في العام 97 معركة نقدية عرفت بـ"المقدس والمدنس في المشهد الشعري اليمني"، يقول أنه أشار فيها إشارة منصفة إلى شعر البردوني لم يفهمها الآخرون، مجملها أنه مثله مثل أي شاعر يقول الجيد والرديء ".
وبعد انقضاء المعركة النقدية -مكانها صحيفة الثقافية- بأيام، كتب البردوني في صحيفة الشورى رداً مباشراً على نقد الكبسي لشعره – وهو من النادر أن يرد على منتقديه كما يقول الكبسي- أشار فيه إلى شعر الكبسي واعتبره واحداً من الشعراء المهمين، وأن شعره لا ينتمي للقديم ولا للمعاصر.
يقول الكبسي في حوار طويل أجرته معه الغد :"ربما لم أفهم وقتها ما يرمي إليه البردوني بقوله، وبأنه إنما كان يريد القول بأن ما أكتب شعر مختلف، لذا كتبت رداً عليه، وانتهى بي الأمر إلى لقائه في منزله".
وبذكر الاختلاف فهو نهج يتبعه بيت الشعر اليمني المؤسسة التي يرأسها د.عبدالسلام الكبسي ويؤصل له في شعاره "من أجل نص شعري مختلف" ولأجل ذلك فإن الكبسي يؤكد مساهمته كمؤسسة في إعادة الاعتبار للمشهد الشعري اليمني، على اعتبار أن البيت استطاع أن يوجد للشعر جمهوراً وأنه ألغى تلك الحدود والفواصل و"شطب" على المواقف الشخصية والأيدلوجية التي كانت سائدة في المشهد الثقافي اليمني.
يقول الكبسي: "نحن في بيت الشعر نتعامل مع المثقفين انطلاقاً من أنهم مثقفون وليس على أساس انتمائهم وأطيافهم وتوجهاتهم ومذاهبهم ومشاربهم فتلك فواصل نلغيها ونمد الجسور بينهم دون أن نضع أدني اعتبار لما هو شخصي".
وإن كان طموح بيت الشعر اليمني هو تقديم اليمن كمركز ثقافي بامتياز، فإن رئيسها يرى من ذلك مسؤولية أكبر من أن تضطلع بها مؤسسته لوحدها:"لن نستطيع في البيت وبإمكانياتنا المحدودة أن نقوم بذلك لكننا نحاول أن نشعل فتيل النار في الغابة وأن نوقظ الآخرين ليساهموا، ولأجل ذلك أطمح لأن أتولى وزارة الثقافة من أجل تحقيق هذا المشروع".
فالأمر بالنسبة للشاعر الكبسي سيادي بالدرجة الأولى، وأنه بدون منصب سيادي لن يستطيع تقديم اليمن كمركز ثقافي:"فمؤسسة مجتمع مدني كبيت الشعر لن يستطيع التدخل في أمور سيادية هي من اختصاص الدولة، مهما قدم من خطط أو برامج" يقول.
وعودة إلى لقاء البردوني والذي يصف الكبسي الحديث معه بـ"ذو شجون" فكان سبق وفاة الشاعر الكبير عبدالله البردوني بشهرين تقريباً، وفيه أخبر د.عبدالسلام الكبسي البردوني أن شعره بات في الآونة الأخيرة غير مفهوم، فأجابه البردوني بأن أوصاه تلك الوصية.
يقول الكبسي:"قال لي البردوني أريد أن أوصيك وصية وأنت الناقد والشاعر أن تكتب في أحد الأيام وتقول أن قلت أن الشعر العربي كان يقوم على وحدة البيت الشعري، والآن شعر عبدالله البرودني يقوم على أن كل بيت هو قصيدة شعرية تقرأ مستقلة وقائمة بذاتها".
تلك الوصية يقول عنها د.عبدالسلام أن على النقاد تناول شعر البردوني ليعرفوا إن كان الأمر صحيحاً أما عدا ذلك، ويضيف:"بالنسبة لي تناولتها في إحدى كتاباتي وأشرت لها بشكل عابر، لكن الأمر رهين بالنقاد، لأنها مهمة وأتمنى أن يقرأ أحد الباحثين البردوني انطلاقاً من هذه الفرضية".
قدم الكبسي خلال تجربته الشعرية نسقاً شعرياً يصفه بـ"المختلف" :"أزعم بأني شاعر له إيقاعه الشخصي وأنني شاعر مختلف وأني بإصدار كتاب الحسين ومالك الأشتر أحدثت قطيعة مع السائد الشعري لا على مستوى اليمن وحسب لكن على مستوى العالم العربي فيما يتعلق بشعر التأملات".
وإن كان الشاعر يرى بأنه قدم ما أحدث قطيعة مع السائد فإنه يعترف بأن المرأة لم تحضر في شعره بشكل كبير، إلا أنه يعمل حالياً على إصدار ديوان شعري يحمل أسم "كتاب فاطمة " , يقول بأنه يحمل قيماً ومواقف لشهيرات النساء.
ديوان فاطمة ستحضر فيه امرأة حدودها كل الثقافات الإنسانية وفيه سيقدم الشاعر نساء عشن في ذاكرة الأيام وأسسن لقيم عبر مواقفهن التاريخية يقول:"كتاب فاطمة وإن سيضم مواقف لشهيرات النساء لن يقدم تلك المواقف بصورة تقريرية أو تاريخية أو نمطية، بل سيستفاد من هذه المواقف في اللغة الشعرية للديوان".
ولا ينفي د.عبدالسلام الكبسي باعتباره ناقداً أكاديمياً تخلصه من سطوة النقد حين كتابة نصه الشعري إلا أنه يرى بأن الناقد حاضر في نصه الشعري كرقيب وهو العقل والشعر حاضر كمنفعل وهو القلب في نفس اللحظة، ويضيف:"فقصيدتي الشعرية يشارك فيها العقل والقلب".
ويرى أن النقد في كتابة القصيدة يقدم له الكثير كي أكتب نصاً مختلفاً ذلك أن كتابة الشعر المختلف لا  تأتي إلا بقواعد مختلفة وبمعرفة السلف من الشعراء وتجاوزهم وعدم تقليدهم وعدم الوقوع في حبائل أي منهم.
لذا يؤكد أن المعرفة النقدية هي فرصة ذهبية للشاعر ليكون مختلفاً، ويجد أنه :"من المفروض على الشعراء أن يتعلموا النقد وإذا كان الشاعر لا يقرأ كتب نقد فإنه لن يتجاوز نفسه والتجارب الشعرية للآخرين".
ويؤكد الكبسي أن الشعر لا يعترف إلا بالكبار يقول:"العرب يعترفون بكل ما يكتب على أنه شعر ما دام موزوناًَ مقفى ويدل على معنى"، لذا فهو يرى أن الشاعر يكون مخلصاً لمشروعه الشعري إذا ما كتب نصاً عبقرياً من واقع القواعد المعرفية وإذا ما امتلك إيقاعه الشخصي.
وعلى تلك الأسس يقيم بيت الشعر دورات للشعراء الكبار فقط، كما تنشر "دمون" وهي مجلة البيت النماذج الجيدة بغرض إشاعتها بين الناس وإعادة الاعتبار للمشهد الشعري.
أما فيما يخص قصيدة النثر فيقول الكبسي:"لدينا موقف من قصيدة النثر لأن استراتيجية بيت الشعر لا تقدم النثر على أنه شعر، وبإمكان شعرائها قراءة نصوصهم في فعاليات البيت، والحصول على عضويته، لكن المجلة لا تعترف بالنثر كشعر".
ويضيف: "النثريون عشاق للغة العربية وكتاب محترفون ومن يسميهم شعراء فليتحمل المسؤولية التاريخية والثقافية ومسؤولية الأجيال القادمة".
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
مقالات :
 
 
 
 " 1 "
أفضل أيام الشاعر د. عبدالسلام الكبسي
الأحد 14 فبراير-شباط 2010 القراءات: 8 (موقع الجمهورية – تعز / اليمن )
 
أفضل الأيام بالنسبة لي هي الأيام التي أستطيع فيها أن أتواصل مع عدد كبير من الناس : أحبةً وأصدقاء زملاء وتلامذة مثقفين ودهماء , وإن الأيام التي لا أتواصل فيها مع أحد أشعر  بالكثير من الكآبة و الإحباطات , فأنا بطبعي أحب الناس،خلقت ألوفاً - على حد تعبير أبي الطيب المتنبي.
 
أكتب الشعر لأنني شاعر بالفطرة . الشعر موجود في جبلتي كما هو العطر موجود في الوردة،والموجة في البحر , والنسيم في الهواء , والماء في كل شيء حي.
أؤمن بالوقت , فمن يمتلك الوقت يمتلك كل شيء وان الوقت هو الشيء الوحيد في هذا الوجود الذي إن ذهب لا يعوض و لا يعود أبداً.
أعمارنا قصيرة لذلك لا وقت لدي سوى لفعل شيء جميل والحياة فرصة ومادامت كذلك فلتكن استثنائية . لتكن مختلفة  , لتكن مغامرة ناجحة،لذلك أحب السفر وأحب أن أتجدد كشخص وكمبدع مابين يوم ويوم، وقصيدة وقصيدة،فكرة وفكرة .. كل ذلك وغير ذلك من الممكن تحقيقه في بلد كاليمن، حيث الإيقاع صاخب والحركة واسعة وسريعة بلد من الممكن أن تخرج متجاوزاً آلامها وأحزانها،حروبها وسلمها،تاريخها ومشاكلها كشاعر كبير ومهم إذا طردت من تفكيرك الخوف.
بلد صاخب بالديمقراطيات، والمعارضات، والدبابات والقبائل والجبال والسهول والصحاري بلد نتناول فيه القات لأننا نرغب في الإحساس الجماعي بالنشوة بلد فيه ارخص متعة متاحة وبيد الجميع وفي متناول الجميع هو البردقان.
بلد يضج بآلاف المؤسسات وآلاف الأسماء وآلاف الإصدارات وآلاف المدارس ويشكو فيه الجميع من الجميع بلد تشيع فيه ثقافة «مابدا بدينا عليه»،يلهج فيه الجميع بالثورة والوحدة والمنجزات والقات وحروب أفغانستان وفلسطين ولبنان وصعدة وحراك الجنوب والجمهورية والسياسة وتتناول فيه كل قضايا العالم ببساطة القروي ودماثة الحضري في الآن نفسه بلد إذا انطفأت الكهرباء اقتنى الناس المولدات الشخصية، وإذا انقطع الماء تدفقت (الوايتات) من كل حدب وصوب.
بلد يظن كل أصحاب (مهرة) أو مهنة أنهم الأهم على صعيد تنمية المجتمع لذلك لايتعاونون مع النخب الأخرى.
بلد يتحدث فيه الجميع باسم الجميع، ويرفض الجميع أن يتحدث الجميع باسم الجميع بلد يتحدث الزيدي فيه نيابة عن الشافعي والعكس، كما يتحدث العربي نيابة عن الفلسطيني،ويتحدث فيه الشمالي عن الجنوبي، ويتحدث فيه السني على أنه شيعي يخلط فيه الجميع الأوراق وكأنهم جميعاً شعراء.
بلد المستفيد فيه الأكثر هم الوزراء , والقادة العسكريون , وأطباء الأسنان , والقضاة , ودكاترة الجامعة , وأصحاب البوافي والدراجات النارية.
بلدٌ الجميع فيه يحلم بمنزل وزوجة جميلة وطفلين مثل الإيطاليين تماماً في هذا الجانب وهو حق إنساني ولايتحقق، وقد يتحقق.
يحلم فيه دكاترة الجامعات بأرضية، كما يحلم كل أعضاء اتحاد الأدباء , ولايجدون.
يتهم فيه الأدباء بعضهم البعض باستغلال بعضهم للبعض، ويصدرون البيانات في حلقة مفرغة.. بلد يستحيل أن يتعيش الشعراء من خلال إنتاجهم الشعري فالقصائد المغناة بلاش والكتابة للصحف بلاش والحديث للتلفزيون والإذاعة بلاش وهلم جرا.
ضمن هذا الواقع يفكر ويكتب ويحاضر الدكتور عبدالسلام الكبسي في سبيل فعل شيء مهم يذكر به الأجيال بعد حين،يذكر الأجيال القادمة بأن ثمة شخصاً كان هنا تلك إذن متعتي ولذتي في الحياة متعة مؤجلة سأنالها حتى بعد مغادرتي لهذا العالم،إحساسي الحاد بالزمن يساعدني على أهمية الانتشار سريعاً عبر القصيدة والنقد والفكر يساعدني على تناسي الإساءات والعفو عمن اساء،يساعدني على أن لا احمل حقداً على احد.. إنها الطريقة الوحيدة للتصالح مع نفسي والعيش بسلام يساعدني على أن أكون شخصاً صاحب إنجازات يساعدني على الشعور بالأمان وقت قولي الحقيقة،وقت الرفض.. بطلاً لكل سلطة مستبدة.
أحب القات واخزن كل يوم لأنه يساعدني على الكتابة شعراً ونثراً واحب كتابة الشعر أثناء وبعد ذلك اقرأ جميع الصحف المحلية باحثاً عن شيء ما عن فكرة جديدة عن قصيدة أو خاطرة أو معلومة أو حدث , أو ما شاء لي أن ابحث عنه.
أجلس مع البسطاء , لأنني مثلهم بسيط ولولا هذه البساطة ماكتبت مستبصراً أخطئ وأصيب أسيء وأحسن كإنسان.
اكره الفقر والحراف والموت والتخلف وانقطاع الكهرباء وحين تتوقف سيارتي بسبب إطار مثقوب،ومعاوية , ويهوذا , وبروتوس، وتصحيح دفاتر الجامعة ووجع الأسنان والمسؤول الشاكي من الفساد , والعنصرية , والمتهكم والنقاد الجهلاء , والمواقف الشخصية والإيديولوجية.
أحب المجتمعات المفتوحة،والثقافة المفتوحة، وبيت الشعر اليمني، ومجلة دمون،والثقافية، والدكتور المرتضى بن زيد المحطوري وتوكل كرمان وأحمد ناجي، وشاكيرا، والجسمي وفؤاد الكبسي، والحداثة،ورحمة حجيرة , والأغاني الهندية، والقناة الثانية للأفلام الأجنبية، والكدم , وبرامج أوبرا، وعروض الشعر،والصحفي محمد المقالح، وصنعاء .
 أطالب بحقي كمثقف في الوزارة وحقي كيمني في الوحدة والديمقراطية والجمهورية وحقي كمواطن في أن أعيش حراً مطمئناً على امتداد الوطن،وحقي في الانتخابات .. وحقي الإنساني في بناء السكن اللائق والعيش الكريم .. حقي في الوظيفة، والمعتقدات، وفي اختيار أسماء أولادي ودواويني الشعرية وفي الكتابة كأديب والتفكير كناقد والنظم كشاعر بحرية وثقة،في ضوء - طبعاً - القواعد الأصيلة.
 
 
" 2 "
 
د. عبدالسلام الكبسي :
على أدباء الألفية أن يقدموا شيئاً من أرواحهم
 
الأحد 28 فبراير-شباط 2010 ( الثقافية – تعز )
 
 الواقع أن شاعراً واحداً، أو اثنين من مجموعة كبيرة من الأسماء الشعرية هو الذي يستطيع أن يختزل إيقاعات المجموعة في ايقاعه الشخصي هو، وتتضح بذلك العلامات أو الظواهر الشعرية . وإليه نشير كنقاد بالتجييل , أو بالفروقات بين مرحلة ومرحلة، جيل وجيل.
والجيل من حيث عدد السنين يمتد لثلاثة عقود وبغير هذه المرحلة الزمنية لانستطيع التأكيد على أن ثمة متغيرات ومميزات لمرحلة دون سابقتها، أو دون أخرى موجودة حاضرة أو أنها قادمة .
وإذا كان أحمد العواضي مثلاً وهو شاعر"ثمانيني" بالتأكيد قد خرج من "معطف" محمود درويش وغيره من الشعراء الحداثيين- ذلك مايفصح عنه ديوانه:"إن بي رغبة للبكاء " ، الصادر في التسعينات-، ليعلن أي أحمد العواضي عن إيقاعه الشخصي الذي لايشير إلا إليه كشاعر كبير من خلال ، مدوراته السبع البديعات.
مدوراته التي قلدها عدد من الشعراء التسعينيين في وقتها إعجاباً بالمعارضات . كان ذلك في وجود عبدالله البردوني وعبدالعزيز المقالح كشاعرين ظلا يهيمنان على المشهد الشعري اليمني لفترة طويلة، وأن مايكتبانه هو"المثل الأعلى" انطلاقاً من المركزية التي يتمتعان بها كأقوى شاعرين بعد محمد محمود الزبيري بالذات.
إذن، فقد ساهم الشاعر أحمد العواضي بمدوراته في الحوار مع عدد كبير من الشعراء التسعينيين وساهم في اجتراح عدد من الرموز الشعرية الجديدة، وقصيدة المكان وغيره.
عبدالسلام الكبسي هو الآخر كان قد خرج من معاطف كل من الشابي والبياتي والسياب وغيرهم من الشعراء العرب بايقاعه الشخصي من خلال عدد من التجارب الشعرية التي كان لها فعل الصدمة لاختلافها .
 والاختلاف هنا بمعنى القطيعة مع السائد، أمثال دواوينه: "ماء المدينة"، و"مقاليد القبيلة"، و"البلاد التي كانت الشمس تفاحها" ، وأخيراً "كتاب الحسين" . مؤكداً على شخصية القصيدة الشعرية التسعينية المتمثلة في الاشتغال على رموز شعرية جديدة أمثال:"السمح بن مالك الخولاني" ( في تقاطع مع الشاعر أحمد ضيف الله العواضي من حيث المسمى فقط) ، و"مالك الأشتر"، و"الحسين"، وغيرهم، علاوة على الاشتغال على القصيدة القصيرة ذات البعد التأملي، وموضوعة المكان كنصوص معرفية.
غير ذلك من الممكن الإشارة إلى أهمية شعراء آخرين، أمثال الشاعر الحارث بن الفضل الخارج تواً من عمود البردوني على صعيد القصيد.
والشاعر علوان الجيلاني بالنسبة للقصيدة الصوفية ذات الشكل التفعيلي واستدعائه لرموزها:"شمس الشموس" في " الوردة تفتح سرتها ".
 أمين أبو حيدر شاعر تسعيني هو الآخر ساهم بـ"بيننا برزخ من زجاج" في رسم المشهد التسعيني، خصوصاً بعد تخلصه من معارضاته لمدورات العواضي.
وسيصدر الشاعر محمد حسين هيثم مجموعته"رجل ذو قبعة ووحيد" التجربة الرمزية من خلال"عبدالعليم" . وعلي بن علي الحضرمي بقصائده الصوفية, أمثال : "مرجانة الصبح".
محمد عبدالسلام منصور وهو شاعر سبعيني سيظهر بمجموعته : " الهزيم الأخير من الوقت " وغيرها , من خلال تحديداً بائع الفل"، و"كتف الفراشة"، و"طائر الخبز" وعروة بن الورد .
عبدالكريم الرازحي ( شاعر سبعيني ) سيساهم في إثراء المشهد التسعيني بتجربته الشعرية  "الشيخة زعفران".
عباس الديلمي"كشاعر سبعيني" سيضع بين يدي القراء مجموعته الشعرية "قراءات في كهف أفلاطون"، وهي تجربة رامزة ، فيها الكثير من التكثيف والحوار . عبدالودود سيف سيعلن تجربة "زفاف الحجارة للبحر" .اسماعيل الوريث هو أيضاً سيساهم عبر القصيدة العمودية في رسم المشهد التسعيني بـ"أنين الصواري" لافتاً انتباه المشهد الشعري المعاصرللقصيدة العمودية المختلفة عنها لدى الزبيري، أو المقالح أو البردوني وغيرهم .
من الممكن الإشارة إلى محي الدين جرمة في "امرأة الزبيري" ، وفاطمة العبشي في" إنها فاطمة" عبر عدد من النصوص الشعرية البديعة ذات البعد الدرامي بامتياز. وعبدالله القاضي في قصيدته التجربة "غداً وغداً"..
عبدالحفيظ النهاري أيضاً , في"أشواق في كف الريح" كأول ديوان يصدر في التسعينيات من خلال قصيدة كان قد عالج فيها وحدة الإنسان اليمني .غيره مثل"ابتسام المتوكل"، و"خالد زيد الشامي"، و"هايل الغابري"، و"عبدالحكيم الفقيه".. الخ الخ.. هذا الحوار الذي كان يتم صراحة وضمناً بين أربعة أجيال شعرية إبداعية، يمثلها شعراء كبار منذ الخمسينيات حتى الامتداد منذ أحمد بن محمد الشامي وإبراهيم الحضراني وعلي صبرة وعبدالله البردوني وعبدالعزيز المقالح وعبده عثمان، وعبدالودود سيف ومطهر الارياني، وعوض ناصر الشقاع وشوقي شفيق، وغيرهم حتى أواخر التسعينيات .
ساهمت عدة عوامل وظروف ووقائع ومتغيرات في تشكيل المشهد الشعري التسعيني ، مثل: الوحدة في 1990, ومثل: حرب صيف 1994 ومابينهما من ديمقراطيات وحريات وأحزاب سلطة ومعارضة وبيانات وجدالات وقمع وحرب وخطابات أيديولوجية واصدارات لها أول وليس لها آخر.
في مقدمة ذلك من الممكن أن نتذكر "الكشكول" لعلي عبدالرحمن جحاف ومجلة : "أصوات"، وجريدة " البريد الأدبي " لعبدالودود سيف , وهيئة الكتاب , وعبادي ومجلة الحكمة، والثقافة.
 ومن الممكن أن نتذكر بالاضافة إلى ذلك ماساهمت به جريدة الجمهورية من خلال ملحقها الثقافي الأهم(ملحق الجمهورية الثقافي)، ثم (الثقافية) في فتح الباب لنتاجات الشعراء(بل المبدعين التسعينيين بالخصوص)، ومدى تأثير تلك المعارك الثقافية والشعرية النقدية الفكرية التي تبناها الملحق الثقافي بالجمهورية(الثقافية) في سيرورة، وصيرورة المشهد الثقافي عامةً على النحو الذي نراه اليوم و قد تعملق التسعينيون من شعراء وكتاب ومفكرين وأصحاب وجهات نظر في الفن والدين والسياسة والسرد والحوار.
في هذا السياق نؤكد على أهمية ماساهم به الإعلامي المثقف سمير رشاد اليوسفي من تضحيات من أجل مشهد ثقافي حي، ونابض، ممتد ومتسع دونما مواربة أو نكوص.
ما الذي سيحدث، أو ما الذي ينبغي أن يحدث حتى نقول أن ثمة مرحلةً ألفينية:
نستطيع أن نؤرخ للمشهد الشعري في الإطار الثقافي طبعاً الألفيني بتأسيس بيت الشعر اليمني كأهم حدث ألفيني بما أثاره من أفكار، وأسئلة وبما يقدم من برامج بتأكيده على تقديم الثقافة اليمنية من خلال الشعر.
ومن خلال آليةٍ تدشينه لموقعه على الانترنت، وإصداره لمجلة (دمون) كمجلة متخصصة في الشعر وذلك لأول مرةٍ في اليمن.
ومن خلال بيت الشعر اليمني ستعلن التسمية، تسمية(الشعراء الألفيون) لأول مرةٍ في واحدة من فعاليات بيت الشعر فيما يتعلق باحتفائه بالشاعر الكبير إبراهيم الحضراني و فاطمة العشبي إذ تقدم للجمهور، لأول مرة، أكثر من أربعين شاعراً وشاعرة  . كان ذلك في 2007 تقريباً.
وفي إطار التجييل، كانت مجلة (دمون) الصادرة عن البيت، في عددها التاسع قد أشارت إلى عدد كبير من الأسماء الألفية، ضمن إشارة إلى أهم المشاهد الشعرية الوطنية عند تقديمنا مقترحاً عن الشاعر اليمني ابن هتيمل كرائد وأبٍ رمزي للمشهد.
لعل هذا التجييل لا علاقة له بالقدرات والمواهب، قدرات بعضهم ومواهبهم، وامكاناتهم الشعرية الابداعية.. وينبغي على هؤلاء الألفيين الذين تفتح وعيهم الشعري على تجارب كل الشعراء اليمنيين المهمين، والبردوني والمقالح بالذات .
 ينبغي عليهم الحوار مع كل ماطُرح من إنجازات شعرية بالتجاوز إذ مازال البردوني حاضراً، وإذ مازال اهتمامهم باللفظ أكثر من المعنى، وإذ مازال للنص الصوفي سطوته، وإذ مازالت المقدمات، مقدمات النقاد الكبار لدواوينهم تمنحهم الثقة.. ينبغي على هؤلاء الألفيين الانصات جيداً إلى خطابات الإستبداد عبر الحروب , و الكوارث والمجاعات برفضها.. ينبغي عليهم أن يطردوا الخوف من قلوبهم، أن يتمردوا قليلاً من خلال القواعد بطبيعة الحال.
أن يداعبوا جملتهم الشعرية طويلاً لكي تكون مطبوعة وسائغة، أو (ممتنعة سهلة). أن يبحثوا عن إيقاعاتهم الشخصية، أن يتواضعوا قليلاً بتلفتهم  من حولهم، فالواقع أغرب من الخيال.
أن يناضلوا من أجل أن يكونوا مختلفين باعتبار هذا الأخير امتيازاً على الدوام.. أن يقرأوا في كل الثقافات العالمية، وأن يتأثروا بالايقاع الجمعي للانسانية مع حرصهم على تذوق الايقاعات الفريدة (الشخصية) مادامت ثمة خصوصية . أن يستوعبوا تراثهم اليمني العربي لأكثر من ثلاثة الاف عام، أن يتواصلوا مع (ترنيمة الشمس) باعتبارها أول المعلقات الشعرية، وأن يقدموا لنا شيئاً من أرواحهم، ويقولوا لنا شيئاً عن الشعر، فالشعر عصي على التعريف لأنه يأبى إلا أن يكون جوهراً، ولأن هذا الجوهر يستمد وجوده من صميم الأشياء التي لاتوصف،... !!؟ من هم رجال التنوير؟
                                                                                
 
" 3 "
 
د. عبدالسلام الكبسي
من هم رجال التنوير ؟
(54 قراءة)    الأحد 21 مارس - آذار 2010 04:54 م
 
لا أقصد برجال التنوير المعينين بقرارات جمهورية , أو مراسيم سلطانية و ملكية لإدارة مرفق عمومي , مثل : " وزارة الثقافة " , أو " جامعة صنعاء " , أو " وزارة الدفاع " , أو " هيئة مكافحة الفساد " .. إلخ ، ولا أقصد الذين يصعدون إلى سدة المسئولية عن طريق الانتخابات الديمقراطية أو النقابية، أو ماشابه ذلك.
ولا أقصد الذين يتحينون الفرص ويقتنصونها جبراً، أو بالدهاء والإدارة والتدبير، على اعتبار أن كل هؤلاء المشار إليهم لا علاقة لهم بالمشاريع والخطط، ولهم علاقة بتنفيذها إدارياً أو على نحو قيادي، فما أسهل أن تكون قائداً أو وزيراً أو محافظاً , مادامت الرغبة , رغبة أصحاب القرار فيك قائمة , والثقة بك ناجزة .
هذه الرؤية ليست كلاماً إنشائياً إنها واقع عاشه غيرنا في الماضي، وفي كل الثقافات ويعيشه الآخرون في الشرق والغرب كل يوم ومع كل سقوط وقيام أنظمة سياسية مع كل تغيير حكومي جديد أو مجرد تعديل في بعض الحقائب الوزارية، مع كل تبديل لحركة إدارية في كل منشأة خاصة أو عامة.
وبدليل أن كل "- ولا أقول أغلب، أو بعض، أوجل"- المعينين الذين خرجوا من المناصب بقرار مثلما دخلوه بقرار لا يستطيعون القول انتحالاً بأنهم كانوا رجال تنوير بل إن نجحوا، رجال قيادة وإدارة وحسب.
فمن هم رجال التنوير؟
إنه جمال الدين الأفغاني مثلاً الذي قطع الأرض ذهاباً وإياباً بكرامة وإباء وعلم واجتهاد مبلغاً الناس رسالة العلم والمعرفة حتى استقر بمصر وتخرج على يديه، وفي مدرسته الإمام محمد عبده صاحب السؤال المعرفي، أول سؤال معرفي في عصر النهضة يناقش من خلاله تقدم الغرب وتخلف المسلمين وإنهم، على سبيل المثال لا الحصر،:خليل مطران، وعباس محمود العقاد، وأحمد زكي أبو شادي، وحسن البنا، والمنفلوطي، والرافعي ،وطه حسين .. وكل هؤلاء، وغيرهم من مصر، وفي مصر كانوا يعانون من قلة ذات اليد، أو الممارسات الشخصية والإيديولوجية منهم على الرغم من المناخ الديمقراطي المربوط،أو المحكوم بزمنه وظروفه التاريخية وقتئذ..
إنهم قديماً ابن المقفع، والكميث بن زيد الأسدي، والجاحظ وابن الرومي، وجابر بن حيان، والمتنبي،و... إلخ قائمة المبدعين العصاميين الذين عانوا، ودفعوا الثمن غالياً من أقواتهم، وأقوات من يعيلون بل دفعوا الثمن إذ صلبوا، وقطعت أوصالهم، أو قتلوا غيلة أو على مرأى ومسمع من العالمين.
إنهم الحسين بن علي، ورسول رسول الله إلى كسرى، وسيد قطب ،والحلاج، إلى آخره إلى آخره.
إنهم غاندي،والخميني، ومحمد علي باشا، وعرفات،وماوتسي تونغ، وجيفارا، ومهاتير
إنه الأستاذ الجامعي الذي يساهم بجزء من مرتبه في التأسيس لمشروع ثقافي، لا أولئك الذين يحاضرون في الصباح ويزاحمون في الأوقات الأخرى أصحاب البوافي ببوافيهم، وسيارات الأجرة بتاكسياتهم، فالمرتب لا يكفِي ولا يغطي احتياجاتهم، ذلك عذرهم.
إنه القاضي الذي يحترم نفسه ويستبقي مهابته،ومهابة القضاء على أن تحمله الحاجة على الرشوة فيما ظل صاحب الحق، إن لم يحكم عليه ظلماً وخيانة وعدواناً.
إنه التاجر النزيه لأنه قرأ الفقه والعلوم الشرعية لا الجاهل الذي التحق بالسُّحت إماماً.
إنه الصحفي الذي تفرض عليه " مهنيته" أن يكون حيادياً ومنهجياً وله غاية هي الحقيقة أو الكشف عنها مضحياً إزاء ذلك ومتلذذاً بما يقدمه من تضحيات،وما أكثر من نحترمهم من رجال الصحافة في بلادنا.
إنهم ..،وإنهم ،وإنهم الخطباء المبرأون من المذهبية،والطائفية،والعنصرية،والتكفيرية .. إلى آخر الموبقات التي لا يجتنبها خطباؤنا في الجامع، وعلى منصة حزب، وأثناء المحاضرات.
إنهم الشعراء الحقيقيون الذين يخافون مثل حسان بن ثابت، ويكتبون برغم ذلك مسجلين الأحداث أو بمعنى أصح اللحظات الإنسانية الدامية التي يمر بها الوطن والإنسان اليمني أمثال:
البردوني والزبيري لا الذين كلما سمعوا الآنات، انات الموجوعين والفقراء والمظلومين من حولهم كتبوا عن الغطرسة الأمريكية أو فساد النظام العالمي، أو ثقب الأوزون.
إنهم المفكرون الذين ينتجون الأفكار ويوجدون الحلول للقضايا والمشكلات منعاً للكوارث والحروب، والجاهليات لا الذين يتذكرون النظريات التي قرأوها ويتكئون على المناهج التي تعلموها بغير فهم فيلوكون كل شيء.. إنهم السياسيون الذين يحذرون من مغبة تمادي البطالة والفقر، ويساعدون شعوبهم على تجاوزها لا الذين يأججون الصراعات.
إنهم أصحاب القرار الذين يضعون كل شيء في موضعه الصحيح فيحكمون بالعدل، ليسوا بأفظاظ ولا غلاظ القلوب، ولا يدعون الكمال بفرض رؤيتهم على الآخرين فقط فيستبدون متشبثين بالسلطة حتى تزلزل الأرض من تحت أقدامهم.
يقودون شعوبهم أبداً إلى بر الأمان.
نريد
بلداً كبيراً ومتسعاً وممتداً كما هو بلد بحجم تاريخه العظيم.
بلداً يتسع للجميع بالجميع.
بلداً حديثاً على كل الأصعدة.
فهلا استيقظ التنويريون وساهموا في بنائه من أجل الأجيال والإنسانية؟!
هذا والحديث ذو شجون.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق